في مشهد يعكس مرحلة جديدة من التفاعل بين لبنان والمملكة العربية السعودية، أبدى السفير السعودي في بيروت، وليد بخاري، ترحيبه الكبير بانتخاب رئيس الجمهورية العماد جوزيف عون، مؤكداً أن هذا الإنجاز يمثل خطوة هامة على طريق إعادة بناء لبنان وتعزيز استقراره.
وجاءت تصريحات بخاري في سياق سلسلة لقاءات أجراها مع قيادات دينية وسياسية لبنانية، بهدف التأكيد على التزام المملكة بدعم الشعب اللبناني في مسيرته نحو نهضة جديدة.
وخلال زيارته لمفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، أعرب السفير بخاري عن ارتياح السعودية للوفاق الذي قاد إلى انتخاب رئيس جديد، واعتبر أن هذه الخطوة تفتح آفاقاً جديدة لتعزيز الأمن والاستقرار، فضلاً عن دعم الجهود الرامية إلى إصلاح المؤسسات واستعادة ثقة المجتمعين العربي والدولي، كما أبدى إعجابه بخطاب القسم الذي ألقاه الرئيس عون، مشيراً إلى أنه يعكس روح المسؤولية الوطنية التي يتطلع إليها اللبنانيون.
في المقابل، عبّر المفتي دريان عن امتنانه للسعودية على دورها الإيجابي في دعم لبنان، مشدداً على أهمية التمسك بالدستور واتفاق الطائف كركائز للاستقرار الوطني، وأكد أن انتخاب رئيس الجمهورية يشكل بداية مرحلة جديدة من الانفراج السياسي، التي ستتوج بتشكيل حكومة فعالة قادرة على مواجهة التحديات، وشدد دريان على أهمية الخطاب الهادئ والبنّاء في هذه المرحلة الدقيقة، داعياً الجميع للعمل سوياً لما فيه مصلحة لبنان.
اقرأ أيضاً: لبنان في صلب مباحثات فيصل بن فرحان وهوكستين
وفي لقاء آخر، زار السفير بخاري البطريرك الماروني بشارة الراعي، حيث أشاد بالدور الكبير الذي لعبته البطريركية في الدفع نحو إنهاء الفراغ الرئاسي، وأعرب عن أمله بأن يكون عهد الرئيس عون مرحلة توافق وطني ونهوض اقتصادي، مشيراً إلى أن المملكة ستظل شريكاً داعماً للبنان في مختلف المجالات.
وقد أعرب البطريرك الراعي بدوره عن شكره للسعودية واللجنة الخماسية الدولية على الجهود التي بذلت لتسهيل انتخاب الرئيس، متمنياً للرئيس الجديد التوفيق في قيادة البلاد نحو مستقبل أفضل.
أما اللقاء الذي جمع بخاري بشيخ العقل لطائفة الموحدين الدروز، الشيخ سامي أبي المنى، فقد تناول العلاقات التاريخية بين الدروز والسعودية، وأكد الشيخ أبي المنى على أهمية الحفاظ على هذه الروابط وتطويرها، مشيداً بالدور السعودي في تحقيق الاستحقاق الرئاسي بعد فراغ دام أكثر من سنتين، وأشار إلى أن المملكة كانت ولا تزال تسهم بفعالية في دعم لبنان خلال محطاته الصعبة، مؤكداً تطلع الدروز إلى تعزيز هذه الثقة المشتركة بما يخدم مصلحة البلدين.
السفير بخاري، من جانبه، أكد على التزام المملكة بالوقوف إلى جانب لبنان في هذه المرحلة الحساسة، وقال إن انتخاب رئيس الجمهورية أعاد الأمل للشعب اللبناني، مشيراً إلى أن السعودية ترى في هذا الإنجاز فرصة لتعزيز التعاون بين لبنان والدول العربية، كما شدد على أهمية البدء بورشة عمل إصلاحية شاملة، تشمل تشكيل حكومة جديدة ووضع خطط تنموية تخدم مصلحة جميع اللبنانيين.
اقرأ أيضاً: بن سلمان وعون يبحثان المستجدات اللبنانية
تأتي هذه التصريحات في وقت يعاني فيه لبنان من أزمات اقتصادية وسياسية خانقة، تجعل من الدعم الخارجي عنصراً أساسياً لتحقيق الاستقرار، وبالنظر إلى العلاقات الوثيقة التي تربط لبنان بالسعودية، فإن تأكيد المملكة على استمرار دعمها يشكل بارقة أمل للعديد من اللبنانيين الذين يتطلعون إلى مرحلة جديدة من العمل الوطني الجاد.
وبهذا، تتجلى مواقف المملكة في حرصها الدائم على دعم استقرار لبنان، وهو ما ظهر جلياً من خلال تصريحات السفير بخاري وزياراته للقيادات الدينية والسياسية، ومع تزايد التحديات، يبقى الأمل معقوداً على تضافر الجهود الداخلية والخارجية لإنقاذ لبنان من أزماته وإعادته إلى مسار النمو والازدهار.