في لحظة تشتعل فيها ألسنة الصراع على أرض غزة، ويتنامى فيها القلق الدولي؛ جاءت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك إلى الرياض، محملة بآمال السلام ومساعي التهدئة، ضمن جولة تمتد عبر شرق أوسطٍ لم تعرف أرضه السكينة منذ عقود.
وكان في استقبال “بيربوك” وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان لغايات دعم الجهود الدولية الرامية إلى وقف إطلاق النار في غزة بصورة مباشرة، ونقاش الأوضاع الإقليمية بصورة عامة.
ووفقاً لوكالة الأنباء السعودية “واس”، فقد تناول اللقاء بحث سبل تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين والشعبين، إلى جانب التنسيق في القضايا الإقليمية والدولية، مع التركيز على التطورات في غزة والجهود المبذولة لحل الصراع.
وقبل مغادرتها برلين، أكدت “بيربوك” على أهمية العمل لوقف إطلاق النار لأسباب إنسانية، ودعت إلى إطلاق سراح الرهائن ووقف المذابح، مشيرة إلى أن الحل العسكري غير مجدٍ في غزة أو الضفة الغربية، وأن حل الدولتين هو السبيل الوحيد لتحقيق السلام الدائم.
اقرأ أيضاً: فيصل بن فرحان يبحث مع بلينكن جهود وقف إطلاق النار في غزة
وتأتي جولة وزيرة الخارجية الألمانية إلى دول في الشرق الأوسط في وقت تكثف فيه واشنطن وحلفاؤها الغربيون الضغوط على حكومة بنيامين نتنياهو للتوصل إلى وقف إطلاق النار في غزة، بعد العثور على جثث ستة رهائن في نفق جنوب القطاع.
وفي مؤتمر صحفي لها ببرلين، قالت المتحدثة باسم الخارجية الألمانية كاثرين ديشاور إن هذه الزيارة لـ “بيربوك” هي الزيارة التاسعة إلى الكيان الإسرائيلي، والـ 11 إلى الشرق الأوسط منذ بدء عملية «طوفان الأقصى» في 7 تشرين/أكتوبر 2023، مشيرةً إلى أنه من المتوقع أن تتركز محادثات بيربوك على جهود وقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن، بالإضافة إلى تقديم المساعدات الإنسانية لسكان غزة.
اقرأ أيضاً: السعودية تضاعف دعم عمليات الإغاثة في قطاع غزة
يشار إلى أن العلاقات بين السعودية وألمانيا بدأت بشكل رسمي في منتصف القرن العشرين، حيث شهدت نمواً تدريجياً في المجالات الدبلوماسية والتجارية، على الرغم من وجود اتصالات اقتصادية غير رسمية قبل الحرب العالمية الثانية.
بعد الحرب، وخصوصاً في الخمسينيات والستينيات، تطورت العلاقات بشكل ملحوظ مع افتتاح السفارات وتعزيز التعاون الاقتصادي، حيث كانت ألمانيا تستورد النفط السعودي مقابل تصدير التكنولوجيا والمعدات.
لاحقاً، في سبعينات وثمانينات القرن العشرين، ازدهرت هذه العلاقات بشكل أكبر، خاصة مع الطفرة النفطية، حيث أصبحت ألمانيا شريكاً تجارياً رئيسياً للسعودية، وعلى الرغم من بعض التحديات السياسية والاختلافات في وجهات النظر حول القضايا الإقليمية وحقوق الإنسان في تسعينات القرن العشرين، وبداية القرن الحادي والعشرين، استمر التعاون بين البلدين في مجالات متعددة مثل التعليم والصناعة والتكنولوجيا، إلى جانب تعزيز التعاون الأمني والسياسي.
وفي الوقت الحالي، تشارك ألمانيا بشكل فاعل في مشاريع رؤية 2030 بالسعودية، وتواصل الشركات الألمانية الاستثمار في مشاريع البنية التحتية والطاقة المتجددة، ما يؤكد على استمرار تطور العلاقات بين البلدين في إطار المصالح الاقتصادية المشتركة والحوار السياسي المستمر.
اقرا أيضاً: ولي العهد السعودي يبحث القضية الفلسطينية مع السيسي وأردوغان