يعدّ الفن التشكيلي من الفنون الحاضرة بقوة في المملكة العربية السعودية، يعبّر الفنانون من خلاله عن تراث الحضارة السعودية وعراقتها، مستحضرين صوراً روحانية ووطنية، من أهمها الأماكن المقدسة، ومن الأسماء اللامعة في هذا المجال، الفنانة التشكيلية لينا قزّاز، التي خطَّت بريشتها لوحاتٍ تمزج بين قدسية المكان وأناقة الفن الحديث.
وُلدت الرسامة التشكيلية السعودية لينا قزّاز عام 1979، ومنذ طفولتها وهي شغوفة بالفن، وقد استمر شغفها حتى توّجته عبر دراسة فن الرسم في جامعة “ميريديث” في ولاية كارولاينا الأمريكية.
تنتمي قزّاز إلى المدرسة التعبيرية، وتسعى جاهدة لفهم هذه المدرسة الفنية والبحث في خباياها وكنوزها، مع ابتكارات من وحي خيالها المنفتح والمتمرد على الفن التقليدي، والذي جعل من أعمالها ليست مجرد صور جميلة للناظر، بل لوحاتٍ حيّة تحمل رسالة ذات بعد روحاني وإنساني.
اقرأ أيضاً: سديم العيسى.. مسيرة مهنية بين التصميم الداخلي وريادة الأعمال في السعودية
فنٌّ يجوب العالم
وانطلاقاً من حبها العميق للرسول محمد صلى الله عليه وسلم، أصبحت سيرته العطرة موضوعاً أساسياً لأعمالها، وخصّت المسجد النبوي الشريف باهتمام كبير، لما يحمله من رمزية دينية ومكانة وجدانية لدى المسلمين، فهي ترى في المدينة المنورة مصدر إلهام تستقي منه خطوطها وألوانها، وتستلهم من عبقه النبوي أفكارها.
تجسّد غالبية لوحاتها لحظات من السيرة، وتعكس جماليات المسجد النبوي بلمسة معاصرة، كما تتفنن في تصوير الوجوه الإنسانية وانفعالاتها، لتعبّر عن تجارب البشر في كل زمان ومكان.
وتمتلك لينا قزّاز مجموعة رائعة من اللوحات التي تتنفح عطر حرية التجريب والانفتاح على كل ما هو جديد ومبتكر، فأدواتها متنوعة وبعيدة كل البعد عما هو مألوف، من الحبر الصيني وورق الألوان المائية، إلى الباستيل والزيت، أما مشاريعها الفنية اليوم، فهي نبع من الإبداع لا ينضب، تتنوع بين الكولاج والنحت الحضري والصور المتحركة، التي تفتح نوافذ جديدة للتعبير.
وقد جابت أعمال هذه الفنانة المبدعة أصقاع العالم، ومن المملكة وصلت إلى أوروبا، أمريكا الشمالية، الشرق الأوسط، شمال أفريقيا، أفغانستان وباكستان، تاركةً بصمتها الفنية في العديد من الثقافات والبلدان.
اقرأ أيضاً: «منال الرويشد» نجمة ساطعة في سماء الفن الرقمي
أهم معارض لينا قزّاز
على مدار سنوات، تواجدت أعمال لينا في العديد من المعارض الفنية الشخصية والجماعية حول العالم، ففي عام 1999، شاركت في المعرض السنوي بجامعة ميريديث، الجامعة التي تخرجت منها، تلتها معارض جماعية أخرى في أتيليه Visual Exchange في رالي بولاية كارولاينا الشمالية، ومعرض في لينكن سنتر بنيويورك في نفس العام.
وفي عام 2000، أقامت معارض في أماكن متعددة، أحدهم في قهوة “نيو موند” وآخر في أتيليه “Amaing Glaze” في رالي، إلى جانب المعرض الجماعي الـ11 بأتيليه “Visual Exchange”، وقد كانت هذه المعارض بداية لشهرتها في الغرب.
وكان عام 2001 مميزاً في مسيرتها الفنية، إذ شاركت في المعرض الجماعي الأول للفنانين بالمملكة في أتيليه جدة، والمعرض الجماعي الأول للفن السعودي المعاصر في قصر الأونيسكو ببيروت، ومعرض آخر للأعمال الفنية ذات الحجم الصغير في بيروت.
وعُرِضت أعمالها مرة أخرى بعدما أثارت الإعجاب في قصر الأونيسكو ببيروت عام 2002، وهذه المرة كان معرضاً شخصياً، ركزت فيه على موضوعات المرأة في حالاتها المختلفة، مستلهمةً من التراث السعودي والعربي، وفي نفس العام، شاركت في المعرض الجماعي الأول للفن السعودي المعاصر في خان الافرنج بصيدا بلبنان.
استمرت إبداعاتها عاماً بعد عام، وتوسعت دائرة عروضها، وجاءت مشاركتها في مهرجان المحبة الأول في دبي عام 2006، والتي نالت فيه جائزة مهمة، ثم شاركت في معرض شخصي بعنوان “مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم ورسالته” في صالة العالمية بجدة في 2008، وفيه تناولت من خلال لوحاتها جوانب من حياة الرسول وجماليات المسجد النبوي.
واصلت لينا قزّاز التألق في المعارض السعودية والعالمية، وفي عام 2021 شاركت في المعرض السعودي المعاصر في جدة، وكانت آخر مشاركاتها في معرض “فن المملكة” الذي أقيم العام الحالي.
اقرأ أيضاً: ريم قراش: رائدة في عالم الضيافة السعودية
إشادة ومديح
تثير أعمال الفنانة لينا قزّاز إعجاب محبي الفن وزملاءها أيضاً، فقد أثنى الفنان السوداني عوض أبو صلاح عليها، ورأى أنها بدأت خطوتها نحو العالمية بفضل طموحها ومثابرتها، مؤكداً أنها تقدم فناً تعبيرياً يعكس شخصيتها وأسلوبها الخاص.
كما لفت الفنان التشكيلي صديق واصل إلى تميز لينا في دمج الخطوط الإسلامية والفنية، وقال أن لوحاتها التي تتناول سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم تظهر رؤية فنية متميزة تعكس رسالة الإسلام الحقيقية المتمثلة في الحب والسلام.
ختاماً، يزخر الفن التشكيلي السعودي بالمواهب النسائية المبدعة، ويبقى اسم لينا قزّار من الأسماء المميزة التي أضاءت سماء الفن بموهبتها الفريدة وإبداعها.
اقرأ أيضاً: مها الملوح ترسم قصص الطبيعة بلغة الماورائيات