في خطوة تشير إلى التزام المملكة العربية السعودية المستمر بدعم الشعب اليمني، أعلن مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية في مايو 2025 الجاري عن تمديد عقد تنفيذ مشروع «مسام» السعودي لمدة عام إضافي، بميزانية تبلغ 52,994,413 دولاراً أمريكياً. فماذا تعرف عن هذا المشروع الذي يُنفذ من قبل كوادر سعودية وخبرات عالمية؟
مشروع «مسام» السعودي: تفاصيل وإنجازات
«مسام» هو مشروع إنساني أطلقه مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، بالتعاون مع شركاء دوليين مثل Dynasafe وDynashield، ويعمل بالتنسيق مع المركز التنفيذي اليمني لنزع الألغام. يهدف المشروع إلى إزالة الألغام والعبوات الناسفة والذخائر غير المنفجرة من الأراضي اليمنية، مع التركيز على المناطق ذات الأولوية الإنسانية مثل القرى والطرق والمدارس والمرافق الصحية.
ومنذ انطلاقه، حقق المشروع إنجازات بارزة في مجال نزع الألغام. حتى نهاية مايو 2025، تم إزالة ما يقارب 495855 من الألغام والعبوات الناسفة والذخائر غير المنفجرة، بما في ذلك 6,794 لغماً مضاداً للأفراد و146511 لغماً مضاداً للدبابات و334315 ذخيرة غير منفجرة و8235 عبوة ناسفة، وذلك عبر تطهير أكثر من 67 مليون متر مربع من الأراضي اليمنية.
وفي إطار تعليقه على قرار التمديد، ثمّن الرئيس اليمني، الدكتور رشاد محمد العليمي، قرار المملكة بتمديد عقد مشروع «مسام»، مشيداً بالجهود الإنسانية التي تبذلها المملكة عبر هذا المشروع، والذي نزع حتى الآن نحو 500 ألف من الألغام والقذائف المتنوعة. وأكد أن هذا الجهد الإنساني يُجسد التزاماً أخوياً نبيلاً تجاه اليمن وشعبه، ويسهم في التخفيف من ويلات الحرب.
تحديات مستمرة في مواجهة الألغام
رغم الإنجازات المحققة، يواجه مشروع «مسام» تحديات كبيرة، أبرزها استمرار زراعة الألغام من قبل الحوثيين، الذين يستغلون فترات الهدوء لزرع المزيد من الألغام، مما يُعرض حياة المدنيين للخطر ويُعقّد جهود نزع الألغام. وقد أشار مدير المشروع، الأستاذ أسامة القصيبي، إلى أن «كل لغم ننزعه يقابله لغم جديد يُزرع»، مما يُبرز الحاجة إلى دعم دولي أكبر في مواجهة هذه التحديات.
بناء القدرات المحلية والتوعية المجتمعية
يولي مشروع «مسام» أهمية كبيرة لبناء القدرات المحلية، حيث يعمل على تدريب وتجهيز الفرق اليمنية المحلية للتعامل مع التهديدات المتفجرة، بالإضافة إلى تنفيذ حملات توعية مجتمعية لتعريف السكان بمخاطر الألغام وكيفية التعامل معها. كما يُقدم المشروع دعماً للضحايا من خلال برامج إعادة التأهيل والمساعدة النفسية.
ونال المشروع تقديراً دولياً واسعاً، حيث أشاد به مسؤولون في الأمم المتحدة كأحد أبرز المشاريع الإنسانية في اليمن. وفي عام 2023، منح رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني المشروع “وسام الشجاعة” تقديراً لجهوده في إزالة الألغام من الأراضي اليمنية.
ختاماً، يمثل مشروع «مسام» بارقة أمل في اليمن، حيث يُسهم في إعادة الأمان إلى المناطق المتضررة من الألغام، ويُعيد الحياة إلى طبيعتها في القرى والمدن. ومع استمرار الدعم والتعاون الدولي، يمكن لهذا المشروع أن يُحدث فرقاً حقيقياً في حياة الملايين من اليمنيين، ويُمهّد الطريق نحو مستقبل أكثر أماناً واستقراراً.