في مشهد يعكس الأهمية المتجددة للعلاقات السعودية الأمريكية، أجرى ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان اتصالاً هاتفياً مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وكان هذا أول تواصل من زعيم عربي مع ترامب بعد توليه الرئاسة للمرة الثانية، وناقش الجانبان سبل تعزيز التعاون الثنائي في المجالات الاقتصادية والأمنية والسياسية، مع تأكيد أهمية تعزيز الاستقرار في المنطقة وتحقيق الأمن والسلام الدوليين.
عبّر الأمير محمد بن سلمان خلال الاتصال عن ثقته في قدرة إدارة ترامب على إحداث إصلاحات اقتصادية مهمة في الولايات المتحدة، وأكد رغبة المملكة في توسيع شراكاتها الاستثمارية مع واشنطن، وذكر أن السعودية تخطط لاستثمارات تبلغ 600 مليار دولار خلال الأعوام الأربعة المقبلة، مع إمكانية زيادتها في حال ظهور فرص إضافية واعدة.
من جهة أخرى، أصدر البيت الأبيض بياناً أوضح فيه أن المحادثة شملت مناقشة الطموحات الاقتصادية الدولية للسعودية، إلى جانب التجارة والفرص الاستثمارية الأخرى، كما تم التطرق إلى الجهود المشتركة لتحقيق الاستقرار في الشرق الأوسط ومكافحة الإرهاب، بما يعكس التزام البلدين بتطوير شراكتهما الاستراتيجية.
في سياق متصل، تلقى الأمير محمد بن سلمان اتصالاً هاتفياً من وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو، وتناول الاتصال العلاقات الثنائية وأبرز المستجدات الإقليمية والدولية، مع بحث القضايا المشتركة.
اقرأ أيضاً: ترامب يعتلي سدة الرئاسة الأمريكية.. تفاصيل اليوم التاريخي!
أشار روبيو خلال الاتصال إلى أهمية التعاون بين البلدين في قضايا مثل الأوضاع في سوريا ولبنان وغزة، فضلاً عن التهديدات التي تشكلها إيران ووكلاؤها، وأكد الوزير الأمريكي أن الشراكة بين البلدين تُعد ركيزة أساسية لتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة.
تحدثت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية، تامي بروس، عن أهمية هذا التعاون، مشيرة إلى أن السعودية والولايات المتحدة تتجهان نحو تعزيز علاقاتهما الاقتصادية في مجالات مثل الذكاء الاصطناعي والطاقة المتجددة، كما أكدت على أهمية توسيع هذه الشراكة لتحقيق أهداف مشتركة تتعلق بالتنمية والابتكار.
وفي تعقيب من خبراء اقتصاديين، أشار الدكتور فواز العلمي إلى أن الاستثمارات السعودية المخطط لها في الولايات المتحدة تمثل استمراراً للتعاون الاستراتيجي بين البلدين، والذي يمتد لثمانية عقود، وأوضح أن هذه الشراكة تشمل مجالات حيوية مثل الصناعات العسكرية، واستكشاف الفضاء، والطاقة النووية، وتوطين التقنية.
وأكد العلمي أن هذه الجهود تأتي في إطار رؤية السعودية 2030، التي تهدف إلى تنويع الاقتصاد الوطني بعيداً عن النفط وتعزيز الابتكار ورأس المال البشري.
وأضاف الدكتور العلمي أن الولايات المتحدة تعد شريكاً مثالياً للسعودية في هذا التحول الاقتصادي، خاصة في القطاعات غير النفطية التي تُعد أساسية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، موضحاً أن توسيع هذه الشراكة سيسهم في خلق فرص استثمارية جديدة، تعود بالنفع على البلدين وتسهم في تعزيز النمو الاقتصادي العالمي.
اقرا أيضاً: محمد محفوظ لأرابيسك لندن: ترامب سيستجيب لطموحات الرياض، ونحتاج إلى صياغة مشروع خليجي-عربي مع إيران
من جانبه، أشار الدكتور سعود العتيبي، أستاذ العلوم السياسية، إلى أن السعودية تعمل على بناء شبكة واسعة من الشراكات الدولية لتحقيق الاستقرار الإقليمي والدولي، ولفت إلى أن المملكة تعتمد نهجاً متوازناً في علاقاتها الدولية، مما يمكنها من تعزيز مصالحها ومصالح شركائها في الوقت ذاته، مؤكداً أن هذه السياسة ساعدت السعودية على لعب دور محوري في منطقة الشرق الأوسط، ودعم الاستقرار في سياق التحديات الإقليمية والدولية.
وأوضح العتيبي أن التعاون السعودي الأمريكي يمثل نموذجاً لعلاقات قائمة على المصالح المتبادلة والاحترام المشترك، مشيراً إلى أن تعزيز هذه العلاقات يساهم في تحقيق أهداف أوسع تشمل تعزيز الأمن الإقليمي والتنمية الاقتصادية.
كما شدد على أهمية تنويع السعودية لعلاقاتها الدولية من خلال بناء شراكات مع قوى عالمية أخرى مثل روسيا والصين، إلى جانب علاقاتها القوية مع الولايات المتحدة.
ختاماً يشار إلى أن السعودية بهذا التوجه، تسعى إلى تحقيق التوازن بين مصالحها الوطنية والإسهام في بناء نظام دولي أكثر استقراراً وعدلاً، ومن خلال تعزيز شراكاتها الاقتصادية والاستراتيجية، تثبت المملكة أنها شريك موثوق يسعى إلى بناء مستقبل مشترك قائم على التعاون والتنمية المستدامة.