ليس غريباً أن تتجه الدول لتشييد المعالم المعمارية والترفيهية والسياحية التي تجذب أكبر عدد من الزوار، لكن الملفت للنظر أن يتم تشييد مَعلمٍ حضاريٍّ ليكون وجهة معرفية ترفيهية، كما هو حال مركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي (إثراء)، فإن لم يحدث وسمعت بهذا المركز سابقاً انضم إلينا لنتعرف على أحد أهم الصروح الثقافية في المملكة العربية السعودية.
تم افتتاح المركز عام 2018م بتكلفة 1.5 مليار ريال سعودي، بعد أن وضع حجر الأساس له الملك الراحل عبدالله بن عبد العزيز عام 2008، أثناء الاحتفال بالذكرى 75 لبدء أعمال شركة أرامكو السعودية
حتى أصبح علامة فارقة في التواصل الثقافي والحضاري، وبناء شراكات معرفية وثقافية مع المؤسسات السعودية والعالمية على حد سواء.
يقع مركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي في مدينة الظهران بمساحة 80 ألف متر مربع، ويشمل: مكتبة تضم 4 طوابق تحتوي على أكثر من 270 ألف كتاب، ومتحفاً يضم عدة معارض تستكشف التراث الإسلامي والثقافة والهوية والمواهب الفنية والتاريخ الطبيعي والعلوم.
ويضم أيضًا سينما، مسرحاً للموسيقى والفنون الفنية والعروض البصرية، مختبراً للأفكار في مجالات التقنية والتصميم، وبرامج لليافعين في العلوم التقنية والهندسة والفن والرياضيات.
ويؤكد مركز إثراء أن جميع البرامج والأنشطة والمبادرات التي يطلقها مبنية على خمس ركائز أساسية: الإبداع، الثقافة، الفن، المعرفة والمجتمع.
وذلك من أجل تحقيق ثلاثة أهداف رئيسية: تطوير المهارات الإبداعية والمواهب المحلية، دعم إنتاج المحتوى، والتواصل الحضاري والثقافي مع العالم.
ومن المبادرات التي يطلقها المركز سنوياً منذ عام 2020 مبادرة إثراء المحتوى العربي، التي تهدف إلى تطوير منتجات المحتوى الثقافي المحلّي.
كما يتم تقديم الدعم المالي للمجالات التالية: المحتوى المرئي، النشر، الترجمة، ألعاب الفيديو، الموسيقى، والتدوين الصوتي.
برنامج الإقامة الخاص بالحلول الإبداعية هو أحد المبادرات التي يطلقها المركز، وتهدف إلى مساعدة المشاركين بإشراف خبراء عالميين على تصميم المنتجات الرقمية باستخدام التقنيات الغامرة مثل الواقع المعزز، الواقع الافتراضي، الواقع المختلط، الصوت الغامر واللمسيا.
وفي شهر تشرين الثاني، نحن على موعد مع النسخة الخامسة من مبادرة (الشرقية تبدع) التي تقدم لأفراد المجتمع المحلي مجموعة متنوعة من الأنشطة تسهم في تحفيز إبداعهم وصقل مواهبهم واستكشاف طرق جديدة للتفكير.
اقرأ أيضًا: المهرجانات الثقافية بوابة متجددة نحو الانفتاح الناعم
أما برنامج إثراء القراءة فهو مسابقة سنوية تستهدف طلاب المراحل التعليمية والمعلمين في العالم العربي لاختيار قارئ العام من خلال مسابقة تنافسية تعمل على تطوير مهارات وقدرات المشاركين من ناحية البحث والقراءة والكتابة والنشر والتحرير والإلقاء.
كما أطلق مركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي عام 2017 جائزة إثراء للفنون لدعم الفن والفنانين السعوديين والمقيمين في المملكة حتى توسعت هذه الجائزة وباتت تشمل كل الفنانين العرب المعاصرين.
ويعتبر مؤتمر تنوين للإبداع الذي ينظمه المركز سنوياً حدثاً هاماً في مجال التصميم، حيث أعمال المصممين من مختلف أنحاء العالم، ويقدم ورش عمل ودورات تدريبية في مجال التصميم تركز على تحقيق نتائج ذات أثر ملموس.
كما يوفر مؤتمر تعلم بلا حدود: حلقات نقاش تفاعلية، ورش عمل، لقاءات مع الخبراء العالميين في مجال ممارسات التعلم المبتكرة ويزود الحاضرين بالأدوات اللازمة للتعلم المستمر مدى الحياة.
ويهدف برنامج “فورمولا1® في المدارس” الذي يقدم بدعم من مركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي إلى رفع مستوى الوعي لدى طلاب المدارس بمواد العلوم والتقنية والهندسة والرياضيات وإكسابهم روح التحدي والإلهام من خلال برنامج قائمٍ على منهجية موحدة.
واحتل مركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي مكاناً له ضمن أفضل 100 مكان للزيارة من قبل مجلة تايم 2018م، كما حصل عام 2019 على عدة جوائز عالمية منها: جائزة مجلة ترانسفورم في الشرق الأوسط وأفريقيا، جائزة ACI للامتياز في العمران الخرساني، جائزة مهرجان نيويورك الدولي للتلفزيون الأفلام.
وختاماً، يشكل مركز الملك عبد العزيز الثقافي علامة فارقة في تعزيز الهوية الوطنية والانتفاح على شعوب العالم وتبادل الثقافات، فضلاً عن سعيه المستمر لدعم اقتصاد المعرفة وبناء جيل قادر على تطويع المعرفة في خدمة المجتمع، ليتعدى كونه مجرد مكان، حتى بات رمزًا للابتكار وتحفيز المعرفة بمختلف أنواعها.
اقرأ أيضًا: المنتدى اللوجستي العالمي قريباً في الرياض