بهدف رفع العقوبات المفروضة على سوريا، كشفت المملكة العربية السعودية أنها تعمل على التواصل مع الدول المعنية مشيرة إلى تلقيها مؤشرات إيجابية في هذا الصدد، وإلى ضرورة تسريع هذه العملية لتعليق العقوبات بأسرع وقت ممكن، الأمر الذي يفتح الباب والفرصة لتحقيق انتعاش اقتصادي يدعم استقرار البلاد ويوفر حياة كريمة للشعب السوري.
وجاءت هذه التصريحات على لسان الأمير فيصل بن فرحان، وزير الخارجية السعودي، خلال مؤتمر صحفي عُقد عقب اجتماعه مع قائد الإدارة السورية، أحمد الشرع، في قصر الشعب بالعاصمة دمشق يوم أمس.
وتمحور اللقاء بين الوزير السعودي والشرع حول سبل دعم العملية السياسية والاقتصادية والإنسانية في سوريا، مع التركيز على الجهود الرامية إلى رفع العقوبات وتقديم مختلف أشكال الدعم لتعزيز الاستقرار في جميع أنحاء البلاد، وإعادة تفعيل مؤسسات الدولة بما يتماشى مع تطلعات الشعب السوري. كما أعاد الوزير السعودي التأكيد على موقف بلاده الثابت بدعم سيادة سوريا واستقلالها ووحدتها الوطنية.
من جانبه، أعرب أسعد الشيباني، وزير الخارجية السوري، عن تقديره للدعم الذي تقدمه السعودية لسوريا، مؤكداً أن للمملكة دوراً تاريخياً في الوقوف إلى جانب الشعب السوري، وأضاف الشيباني أن هذه الزيارة تعكس الدعم السعودي المستمر لسوريا، موضحاً: «نحن نتشاور مع السعودية على كافة المستويات، ولا توجد أي عقبات أو تحفظات، وهذا التعاون يمثل خطوة مهمة نحو بناء مستقبل أفضل للمنطقة».
اقرأ أيضاً: بن فرحان يدعو إلى إعادة بناء الدولة في سوريا
وعاشت دمشق مؤخراً محطة مهمة في مسار التغيرات السياسية على الساحة الإقليمية، حيث استقبلت زيارة لافتة لوزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، الذي حمل معه رسالة دعم واضحة من المملكة العربية السعودية تجاه سوريا وشعبها، فيما جاءت الزيارة لتعبر عن تحول في مسار العلاقات بين البلدين وتعزيزها في لحظة فارقة قد تسهم في رسم مستقبل جديد للمنطقة بأسرها.
في المؤتمر الصحفي الذي عقده الأمير فيصل عقب لقائه مع أحمد الشرع، المسؤول عن الإدارة السورية الجديدة، أكد الوزير السعودي أن المملكة حريصة على مساندة الشعب السوري لتحقيق آماله في الأمن والاستقرار.
كما أوضح أن الزيارة ليست مجرد خطوة رمزية، بل هي دليل على التزام المملكة بتقديم الدعم على المستويات السياسية والاقتصادية والإنسانية، بهدف المساهمة في إعادة بناء سوريا وتجديد مؤسساتها.
ناقشت المباحثات بين الجانبين قضايا حيوية، من أبرزها مسألة العقوبات الاقتصادية المفروضة على سوريا، التي تشكل تحدياً كبيراً أمام تحسين الأوضاع المعيشية للسوريين، وشدد الأمير فيصل على أهمية دور المجتمع الدولي في دعم الجهود الرامية إلى إنهاء الأزمات الإنسانية، مع فتح الآفاق أمام الاستثمارات التي تعزز التنمية وتحقق مستقبل أفضل للشعب السوري.
اقرأ أيضاً: السعودية: دعوة لرفع العقوبات و«تفاؤل حذر» تجاه سوريا
وفي ذات السياق، عبّر وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني عن تقديره للدعم السعودي المستمر، مؤكداً أن التنسيق مع المملكة يمثل خطوة مهمة نحو إعادة بناء التضامن العربي في مواجهة التحديات المشتركة، وأشار إلى تطلع سوريا لتوسيع شراكاتها مع الدول العربية، بما يعزز التكامل الإقليمي ويحقق الأهداف المشتركة.
زيارة الأمير فيصل لم تقتصر على الشق السياسي فحسب، بل تطرقت أيضاً إلى الجوانب الاقتصادية والإنسانية، فقد دعا الوزير السعودي إلى تخفيف العقوبات الاقتصادية التي أنهكت الشعب السوري على مدى سنوات طويلة.
كما أشار إلى وجود بوادر إيجابية من بعض الدول باتجاه رفع هذه العقوبات، لافتاً إلى أن الإدارة السورية الجديدة تبدي جدية في التعاون مع الأطراف الدولية للوصول إلى حلول مستدامة تعزز الاستقرار وتدعم التنمية.
وتزامنت زيارة دمشق مع جولة إقليمية شملت بيروت، حيث حمل الأمير فيصل رسائل مشابهة تشدد على أهمية تعزيز التعاون الإقليمي لتحقيق الأمن والاستقرار، ووفقاً لمصادر دبلوماسية، فإن هذه الزيارات تعكس خطوات عملية لإعادة ترتيب العلاقات العربية وفتح أفق جديد من الحوار والتفاهم.
اقرأ أيضاً: توافق خليجي على خريطة طريق للمرحلة المقبلة في سوريا
من جهة أخرى، يظهر الدعم الإنساني السعودي كجزء لا يتجزأ من هذه الجهود. فقد واصلت المملكة إرسال المساعدات إلى سوريا، مما يعكس التزامها بتخفيف معاناة الشعب السوري وتلبية احتياجاته الأساسية، وتشير التقارير إلى أن المملكة تسعى جاهدة لإعادة تأهيل المناطق المتضررة، في خطوة تهدف إلى تمهيد الطريق أمام استقرار دائم يمكن السوريين من العيش بكرامة.
وفي هذا السياق، أكد الأمير خالد بن سلمان، وزير الدفاع السعودي، أن سوريا تستحق العودة إلى مسارها الطبيعي واستغلال مواردها بالشكل الذي يخدم شعبها، وجاءت تصريحاته بعد لقاء جمعه بوفد سوري رفيع المستوى، حيث تناول الجانبان أبرز المستجدات وآفاق التعاون المشترك في المرحلة المقبلة.
الزيارة السعودية إلى دمشق تحمل دلالات عديدة، وتبعث برسائل أمل للسوريين في الداخل والخارج. وبينما تستعد سوريا لدخول مرحلة جديدة من البناء والتنمية، يبقى التساؤل مفتوحاً حول مدى نجاح هذه الجهود في تجاوز تحديات الماضي وبناء مستقبل أكثر إشراقاً واستقراراً.