كشف تقرير حديث صادر عن وزارة الاستثمار السعودية، ارتفاع التراخيص الاستثمارية المصدرة في الربع الثالث من العام الحالي، وذلك بالتزامن مع رفع وكالة (موديز) للتصنيف الائتماني تصنيف المملكة العربية السعودية وتعديل نظرتها المستقبلية إلى مستقرة بدلاً من إيجابية.
وأظهر تقرير وزارة الاستثمار، ارتفاع التراخيص الاستثمارية المصدرة في الربع الثالث من عام 2024 بنسبة 73.7% لتصل إلى 3.810 تراخيص مقارنة بنحو 2.193 بالفترة المماثلة من العام السابق (بعد استبعاد التراخيص المصدرة بموجب حملة تصحيح أوضاع مخالفي نظام مكافحة التستر التجاري).
وبحسب التقرير، تركزت معظم التراخيص الاستثمارية المصدرة في نشاط التشييد، والصناعات التحويلية، والأنشطة المهنية والتعليمية والتقنية، وتجارة الجملة والتجزئة، والمعلومات والاتصالات، حيث يشكل عدد التراخيص المصدرة في هذه الأنشطة نحو 72% من الإجمالي خلال الربع الثالث 2024.
ويعد نشاط تجارة الجملة والتجزئة الأعلى نمواً في التراخيص بمعدل نمو 165% على أساس سنوي، يليه كلاً من أنشطة العقارات وأنشطة الخدمات الأخرى بمعدل نمو بنحو 138% و 128% على التوالي.
على جانب توزيع التراخيص الاستثمارية بحسب الدول، جاءت مصر أعلى البلدان خلال الربع الثالث من العام الحالي بعدد 1.029 ترخيصاً، تليها اليمن 439، ثم الهند 318، في حين تأتي سوريا في المرتبة الرابعة بعدد 246 ترخيصاً، وباكستان خامساً بعدد 222 ترخيصاً.
يذكر أنه في سبيل دعم البيئة الاستثمارية في المملكة، وتحسين تجربة المستثمر، حققت وزارة الاستثمار عدداً من الإنجازات خلال الربع الثالث، من أبرزها إصدار 65 ترخيصاً لمقرات إقليمية، مقارنة بنحو 57 في الربع الثاني من العام الحالي، ومعالجة 65 تحدياً أمام المستثمرين، وكذلك تقديم أكثر من 67 ألف خدمة عبر مراكز الاتصال، وما يزيد على 36 ألف خدمة من خلال مراكز الخدمة الشاملة بمعدل نمو 40% قياساً بالربع السابق.
ووفقاً للتقرير، ركزت جهود وزارة الاستثمار على توفير بيئة استثمارية آمنة وأكثر تنافسية، والعمل على تطوير أنظمة وإجراءات الاستثمار مع شركائها من الجهات الحكومية، وذلك استكمالاً للبنية التشريعية والتنظيمية، حيث تلعب تشريعات الاستثمار دوراً حاسماً في تعزيز البيئة الاستثمارية وجذب رؤوس الأموال إلى المملكة.
وتطرق التقرير إلى عدد من الأنظمة التي أقرتها الحكومة مؤخراً، بما فيها نظام الاستثمار المحدث، والسجل التجاري، ونظام الأسماء التجارية، وأيضاً نظام القياس والمعايرة.
وبحسب التقرير، تقدمت السعودية في عدد من المؤشرات الدولية التي تعكس متانة أدائها في البيئة الاقتصادية والاستثمارية، كما استقر ترتيبها في مراتب متقدمة لعدد من المؤشرات، ومن أبرزها: المرتبة الأولى في مؤشر الثقة في الحكومة، وكذلك الوصول إلى تكنولوجيا المعلومات، وثقة المستهلك للاستثمار، وأيضاً مؤشر ثقة المستهلك، وتصدرت أيضاً مؤشر الاستراتيجية الحكومية للذكاء الاصطناعي.
اقرأ أيضاً: السعودية للاستثمار الجريء (SVC) أداة تحفيز الشركات الناشئة
نظرة مستقبلية مستقرة
في السياق، رفعت وكالة (موديز) للتصنيف الائتماني، تصنيف المملكة العربية السعودية للإصدارات طويلة الأجل بالعملة المحلية والأجنبية إلى Aa3 من A1.
وعدّلت الوكالة النظرة المستقبلية إلى مستقرة بدلاً من إيجابية، وهو ما يعكس ترجيحها تثبيت التصنيف الائتماني للبلاد خلال الـ12 شهراً المقبلة، في ظل التوازن بين المخاطر والعوامل المحفزة لرفع التصنيف.
وأرجع تقرير الوكالة رفع التصنيف إلى استمرار جهود تنويع الاقتصاد، وترجيحها استمرار الزخم، الذى سيؤدى مع مرور الوقت لتقليل تعرض السعودية لمخاطر تقلبات سوق النفط والتحول إلى الطاقة منخفضة الكربون.
وأوضحت الوكالة في تقريرها، بأن رفعها لتصنيف السعودية الائتماني مع نظرة مستقبلية مستقرة، يأتي نتيجة لتقدم المملكة المستمر في التنوع الاقتصادي، والنمو المتصاعد للقطاع غير النفطي في المملكة، والذي مع مرور الوقت، سيقلل ارتباط تطورات سوق النفط باقتصادها وماليتها العامة.
كما أشادت الوكالة بالتخطيط المالي الذي اتخذته الحكومة السعودية في إطار الحيّز المالي، والتزامها بترتيب أولويات الإنفاق ورفع كفاءته، بالإضافة إلى الجهود المستمرة التي تبذلها الحكومة ومواصلتها لاسـتثمار الموارد المالية المتاحة لتنويع القاعدة الاقتصادية عن طريق الإنفاق التحولي، مما يدعم التنمية المستدامة للاقتصاد غير النفطي في المملكة، والحفاظ على مركز مالي قوي.
وقد أوضحت الوكالة، أنها استندت إلى هذا التخطيط والالتزام في توقعها لعجز مالي مستقر نسبياً والذي من الممكن أن يصل إلى ما يقارب 2-3% من الناتج الإجمالي المحلي.
وتوقعت (موديز) بأن ينمو الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي للقطاع الخاص بالمملكة بنسبة تتراوح بين 4-5% في السنوات القادمة، والتي تعتبر من بين أعلى المعدلات في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي، دلالة على استمرار التقدم في التنوع الاقتصادي الذي سيقلل ارتباط اقتصاد المملكة بتطورات أسواق النفط.
وذكرت أن التوجهات المالية الأخيرة التي شملت مراجعة تخصيص الموارد المالية بشكل مرن و إعادة تقييم أولويات الإنفاق ومشاريع التنويع الاقتصادي، التي سيتم مراجعتها باستمرار، يساعد على خلق بيئة بناءة للتنمية المستدامة للاقتصاد غير النفطي.
وتوقعت (موديز) عدم حدوث انخفاض كبير في أسعار النفط أو الإنتاج خلال السنوات المقبلة. وكذلك ترجح أن التوترات الجيوسياسية في المنطقة ضعيفة التأثير على المملكة.
تجدر الإشارة إلى أن المملكة قد حصلت خلال العامين، الحالي والماضي على عدد من الترقيات في تصنيفها الائتماني من الوكالات العالمية، والتي تأتي انعكاساً لاستمرار جهود المملكة نحو التحول الاقتصادي في ظل الإصلاحات الهيكلية المتبعة، وتبني سياسيات مالية تساهم في المحافظة على الاستدامة المالية وتعزز كفاءة التخطيط المالي وقوة ومتانة المركز المالي للمملكة.
وفي مايو الماضي رفعت وكالة (موديز) تصنيف السعودية الائتماني بالعملة المحلية والأجنبية إلى Aa1 من Aa2 ، مشيرة إلى زيادة القدرة على التنبؤ بالسياسات وعمليات صنع القرار الحكومية التي تؤثر على القطاع الخاص.
ويمثل النمو الاقتصادي غير النفطي في السعودية أولوية قصوى، وقامت الحكومة بتسريع سياسات تحفيز الاستثمار في السياحة وتوسيع القطاع الخاص.
وقالت (موديز) في حينه إن التغيير في التصنيف يعكس “زيادة القدرة على التنبؤ بالسياسات وعمليات صنع القرار التي تؤثر على المصدرين غير الحكوميين في ضوء التحسينات المؤسسية”.
وترى الوكالة أن استمرار المشاريع التنموية الكبرى في التقدم، يزيد دور القطاع الخاص ويؤدي إلى تسريع تطوير القطاعات غير النفطية، وفي الوقت نفسه، أشارت إلى أن التطورات العالمية وسوق النفط قد تؤدي إلى قيود على الإنفاق.
اقرأ أيضاً: إطلاق برنامج أساسات لتوطين صناعة الخطوط الحديدية في السعودية