في عصرٍ تتسارع فيه خطوات التغيير، وتغدو الطموحات بحجم السماء، تجد المملكة العربية السعودية طريقها نحو المستقبل عبر بوابة الإنفاق المسؤول، وليس تقليص الموارد هو السبيل، بل إعادة توجيهها بحكمة ليُشرق أثرها ويبلغ مداه، وهنا، يأتي صوت وزير المالية السعودي، محمد الجدعان، ليؤكد أن كفاءة الإنفاق ليست إلا السبيل لتطوير الأداء وتعظيم العطاء، فلا قيمة لإنفاقٍ لا يترك أثراً، ولا جدوى لمشاريع لا تخدم الوطن وأبناءه.
أكد وزير المالية السعودي محمد الجدعان أن تحسين كفاءة الإنفاق لا يعني تقليصه، بل يرتكز على استثمار الموارد وتوجيهها لتحقيق أقصى فائدة، وجاء هذا التصريح خلال جلسة حوارية في منتدى «كفاءة الإنفاق» الذي انطلق في الرياض، حيث أوضح الجدعان، بصفته رئيس هيئة كفاءة الإنفاق والمشروعات الحكومية، أن زيادة الإنفاق تظل قائمة لكن التركيز على تعظيم الأثر هو الهدف الأسمى.
وأشار إلى أن تنفيذ رؤية 2030 تطلب مراجعة مشروعات كبرى للتأكد من فائدتها؛ فذكر مثالاً عن مشروع أنفقت عليه مليارات ولكنه لم يقدم أي خدمة للمواطنين، وكان أثره «صفر» حسب تعبيره، كما أوضح كيف أدى الاستثمار في برنامج فحص حديثي الولادة، بعد اكتشاف ارتفاع معدل الأمراض الوراثية، إلى نتائج إيجابية لحماية صحة الأطفال.
اقرأ أيضاً: ما عقوبة الاحتيال المالي في السعودية؟
وكانت قد نظّمت هيئة كفاءة الإنفاق والمشروعات الحكومية يومي 11 و12 تشرين الثاني/نوفمبر 2024 النسخة الأولى من منتدى «كفاءة الإنفاق» في مدينة الرياض، برعاية وزير المالية ورئيس مجلس إدارة الهيئة، محمد بن عبد الله الجدعان، وشهد المنتدى مشاركة واسعة من الجهات الحكومية والخاصة على المستويين المحلي والدولي، وحضور صنّاع القرار وخبراء الاقتصاد والأكاديميين المتخصصين في هذا المجال.
ويهدف منتدى «كفاءة الإنفاق» إلى استعراض منهجيات فعالة لتعزيز الأداء المالي والإداري، ويتضمن جلسات حوارية مع وزراء وخبراء لمناقشة تحسين جودة المشروعات والمرافق، وتعزيز الحوكمة، واستعراض فرص تطوير عمليات المشتريات الحكومية، إلى جانب 24 ورشة عمل مخصصة.
هذا وتضمّن المنتدى أكثر من 8 جلسات حوارية شارك فيها عدد من صنّاع القرار والخبراء، بالإضافة إلى تنظيم 12 ورشة عمل بمشاركة الجهات الحكومية والخاصة، وجرى خلال هذه الفعاليات استعراض قصص نجاح ملهمة من الجهات الحكومية، وإطلاق عدد من المبادرات، وعقد مجالس شراكة لتعزيز التعاون وتبادل الخبرات. كما عُرضت تجربة الهيئة عبر أجنحة تفاعلية، إلى جانب إقامة معرض تفاعلي يضم أكثر من 15 جناحاً مخصصاً لشركاء النجاح من الجهات الحكومية.
وفيما يخص الوضع المالي الحالي للمملكة العربية السعودية، من الجدير الذكر أن وزارة المالية كانت قد أصدرت بياناً تمهيدياً لميزانية العام المالي 2024، توقعت فيه أن يبلغ إجمالي النفقات نحو 1.251 تريليون ريال، والإيرادات نحو 1.172 تريليون ريال، مع تسجيل عجز محتمل قدره 79 مليار ريال، ما يعادل 2.9% من الناتج المحلي الإجمالي.
ويُعزى هذا العجز إلى زيادة الإنفاق بهدف تعزيز النمو وتحقيق أهداف رؤية 2030، على الرغم من انخفاض أسعار النفط والتخفيضات الطوعية في الإنتاج.
اقرأ أيضاً: تفاصيل ميزانية السعودية 2025
من جهة أخرى، أشار تقرير صندوق النقد الدولي إلى أن الاقتصاد السعودي يشهد تحولاً نتيجة الإصلاحات الجارية للحد من الاعتماد على النفط وتنويع مصادر الدخل وتعزيز التنافسية، فقد توقع التقرير نمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 4.4% في عام 2024، مدفوعاً بزيادة في الأنشطة غير النفطية بنسبة 3.7%.
كما أشار التقرير إلى أن حيازة البنك المركزي السعودي من صافي الأصول الأجنبية بلغت 423.7 مليار دولار في نيسان/أبريل 2024، وهو رقم أعلى قليلاً من مستواه في نهاية عام 2023.
وحول التضخم، أثنى تقرير صندوق النقد الدولي على السياسات النقدية السعودية التي أسهمت في السيطرة على التضخم، حيث انخفضت النسبة من 3.4% في يناير 2023 إلى 1.6% في أيار/مايو 2024.
وفي الختام، يعكس منتدى «كفاءة الإنفاق» والبيانات المالية والاقتصادية الأخيرة التزام المملكة العربية السعودية بتحقيق كفاءة الإنفاق وتعزيز الاستدامة المالية، مع التركيز على تنويع الاقتصاد وتحقيق أهداف رؤية 2030.