تمتزج الثقافة السعودية مع الثقافة العراقية في مهرجان بين ثقافتين الذي تخصصه وزارة الثقافة السعودية هذا العام، للإضاءة على ثقافة الجمهورية العراقية، عبر مجموعة من التجارب الحسية الغامرة التي تجمع بين ماهو سمعي وبصري في فضاء من التفاعل الغني، الذي يمنح الزائر متعة الثقافة بمفهومها المعاصر.
ويعتبر مهرجان بين ثقافتين بمثابة رحلة غنية تمتد على مدار نهاية العام 2024، بين الثامن عشر من ديسمبر والحادي والثلاثين منه، ويتخذ من استديو ميقا بالرياض مكاناً له، وهو من تنظيم وزارة الثقافة السعودية، التي تسعى عبر أنشطتها المتنوعة إلى ترسيخ العلاقة مع الشعوب الأخرى والمجاورة.
ويتخذ المهرجان صيغة دولية تعمل وفق آلية تنويرية، تجعل من يحضره يجوب في خبايا ثقافات الشعوب، ويتعرف على وجوه التشابه بينها وبين الثقافة السعودية، ما يضفي على الرحلة أجواءاً من المتعة والغرابة والعصف الذهني.
ووقع الاختيار في نسخة هذا العام على ثقافة الجمهورية العراقية، بسبب القواسم المشتركة التي تجمع ما بينها وبين الثقافة السعودية، والعمل على استعراض هذا الارتباط في قالب إبداعي غني.
اقرأ أيضاً: مهرجان الممالك القديمة 2024 الحدث الأبرز في لحظات العلا
وفي السياق تنقسم أروقة المهرجان إلى خمسة أقسام رئيسة، أولها معرض فني فيه مقتنيات توضح أوجه التشابه بين الثقافتين، وتحمل الزائر على الاستمتاع برحلة مميزة عبر الزمن، يتم خلالها استعراض أبرز المحطات التاريخية في كلتا الثقافتين، مدعومة بعدد من الأبحاث الموثوقة، إلى جانب عدد من الأعمال الفنية الحديثة لعمالقة الفن المعاصر في كلا البلدين، ويشمل المعرض الفني أوجهاً متنوعة من الغنى الثقافي المتنوع في العراق والسعودية، ما يشكل حاضنة من الإبداع والانسجام منقطع النظير.
ويتضمن المعرض الفني أيضاً، منطقة تحمل اسم درب زبيدة، وهي منطقة مخصصة لاستعراض المواقع الأثرية المدرجة على قائمة اليونسكو للتراث، ومن أمثلة هذه المواقع، بركة بيسان والجميمة والثملية، ومحطة البدع ومدينة قيد.
ويشمل المعرض الفني أركاناً ثقافية متنوعة، بعضها مخصص للموسيقا وآخر للأزياء والحرف اليدوية التي تشتهر بها مناطق شبه الجزيرة العربية وبلاد الرافدين.
أمّا القسم الثاني من مهرجان بين ثقافتين فيحمل اسم المضيف، وهو عبارة عن بناء عراقي، تم تشكيله بالكامل من القصب، ويرجع في جذوره المعمارية إلى الحضارة السومرية التي ازدهرت في منطقة بلاد الرافدين، وبالنسبة لاستخداماته فهو يقتصر على مهام الضيافة، وعادة ما كانت الاجتماعات تعقد داخله، وسيتم تسخيره لنفس الغاية خلال أيام المهرجان، إذ سوف يلتقي تحت قبته رواد الأدب والثقافة في كلا البلدين، لاستعراض نتاجهم الفكري، والتعريف بمحطات من مسيرتهم الأدبية.
اقرأ أيضاً: هيئة التراث تطلق مشروع اليمامة الأثري في الرياض
ومن أقسام المهرجان أيضاً، قسم يحمل اسم شارع المتنبي، والذي يأخذ زواره إلى عالم المتنبي الزاخر بالقيم الثقافية والتي حملتها العاصمة العراقية بغداد، ويتجسد الشارع بعدد من متاجر بيع الكتب التي تمنح الزوار تجربة تفاعل غنية.
من جانب آخر سيشهد قسم شارع المتنبي في مهرجان بين ثقافتين عدداً من ورش العمل، والندوات الحوارية حول مواضيع تتصل بتاريخ البلدين من الناحية الثقافية، وتتكامل التجربة مع عزف الموسيقيين ليكون الزائر أمام تجربة ثقافية فريدة، تؤلف ما بين العراقة والفن.
وفي ذات السياق سيستمر المهرجان بإبهار الزوار مع قسم يحمل اسم، مقام النغم والأصالة، وفيه سيصعد نجوم الفن العراقي والسعودي على مسرح المهرجان ليمتعوا الحاضرين بإبداعهم الفني الخلاب، ضمن أجواء كلاسيكية راقية.
أيضاً هناك قسم أخير في المهرجان، ويحمل اسم درب الوصل، والذي ينقل من يدخله إلى تجربة غنية تستحضر مقومات الثقافتين السعودية والعراقية، عبر مجموعة من المناطق، أولها منطقة الطفل التي تتسم بطابع حيوي محرض على الإبداع بألوانها الزاهية، والتي تقدم للأطفال مجموعة من الألعاب التراثية والأنشطة الفنية، والحرف اليدوية، إلى جانب رواية القصص بأسلوب تفاعلي يقترن فيه التعلم مع المرح.
ويضم القسم مناطق أخرى مثل منطقة المطاعم والذي يقدم الأطعمة التراثية في كلا البلدين، بالإضافة إلى أشهر المشروبات الساخنة والباردة بما فيها القهوة السعودية والشاي العراقي، عبر سلسلة من المطاعم والمقاهي التي تعكس طبيعة البلدين الملتزمين بروح الضيافة العربية الأصيلة.
وفي الختام تجدر الإشارة إلى أنّ مهرجان بين ثقافتين يسعى في نسخة هذا العام، لتقديم الحضارة السعودية والعراقية من خلال استعراض القواسم المشتركة بينهما، إلى جانب ترسيخ العلاقات التي تربط شعوب البلدين، وترجمة حالة التفاهم بين الشعبين بصيغة فكرية وثقافية، وهو ما يؤكد التزام وزارة الثقافة السعودية بتحقيق الاستراتيجية الوطنية للثقافة في إطار رؤية المملكة 2030.