تشهد المملكة العربية السعودية نمواً غير مسبوق في سوقها العقارية، حيث تتسارع وتيرة الصفقات وتتضاعف قيمتها، مدفوعةً بالطلب المتزايد على الوحدات السكنية وانخفاض أسعار الفائدة، وفي ظل رؤية 2030، تتحول المدن السعودية الكبرى، مثل الرياض ومكة المكرمة، إلى مراكز استثمارية مزدهرة، مستقطبةً رؤوس الأموال من الداخل والخارج، بفضل مشاريع البنية التحتية الضخمة والسياسات الحكومية الرامية لتعزيز الشفافية وتسهيل الاستثمار.
وسط هذا المشهد الديناميكي، يبدو أن السوق العقارية السعودية تسير بخطى واثقة نحو تحقيق مزيد من النمو، معززةً مكانتها كوجهة مفضلة للمستثمرين الباحثين عن فرص مستدامة في بيئة آمنة ومستقرة.
وفي التفاصيل، ارتفع الطلب على الوحدات السكنية في المدن الكبرى في السعودية واستفادت السوق العقارية من انخفاض أسعار الفائدة، ما أدى إلى نمو الصفقات العقارية في المملكة لتصل إلى 50 مليار دولار (188 مليار ريال)، بزيادة قدرها 35% خلال الأشهر التسعة الأولى من عام 2024 مقارنةً بالفترة نفسها من العام الماضي.
ووفقاً للبيانات الرسمية السعودية، سُجلت أكثر من 162 ألف صفقة عقارية في الأشهر التسعة الأولى من هذا العام، حيث استحوذ القطاع السكني على 86% منها، بينما شكّل القطاع التجاري نحو 10% من الإجمالي، وحققت منطقة الرياض حوالي 60% من قيمة الصفقات، بقيمة بلغت 27 مليار دولار (101 مليار ريال)، تلتها منطقة مكة المكرمة بنسبة 19% وبقيمة بلغت 11.8 مليار دولار (44.3 مليار ريال).
اقرأ أيضاً: استثمر واملك.. دليلك لشراء العقارات في السعودية كأجنبي
وفي هذا الشأن، صرح الخبير العقاري المهندس أحمد الفقيه بأن ارتفاع الصفقات العقارية يعكس ثقة المستثمرين في السوق السعودية بفضل المشاريع العقارية الكبرى في الرياض، ما أدى إلى استحواذ العاصمة على نصف حجم الصفقات في الأشهر التسعة الأولى من 2024.
وأضاف الفقيه أن «النمو في الصفقات يعكس الحراك الاستثماري بالسوق السعودية بفضل التشريعات الجديدة والشفافية التي رفعت ترتيب المملكة إلى المرتبة 12 دولياً في الشفافية العقارية، ما يجذب المزيد من الاستثمارات ويزيد من حجم الصفقات العقارية»، مشيراً إلى أن النمو قد يتجاوز 35% في الفترة المقبلة مع تزايد الفرص الاستثمارية.
ووفقاً لشركة «نايت فرانك»، فإن مشاريع «رؤية 2030» التي أُطلقت خلال الأعوام الثمانية الماضية بلغت قيمتها 1.3 تريليون دولار.
بدوره، قال الخبير صقر الزهراني لصحيفة «الشرق الأوسط» إن العرض والطلب هما المحركان الأساسيان في السوق العقارية، متوقعاً أن يؤدي انخفاض أسعار الفائدة إلى زيادة الطلب على العقارات في الربع الأخير من 2024 بفضل خفض تكاليف التمويل، مما يشجع المستثمرين على الاستفادة من هذه الفرصة.
اقرأ أيضاً: السعودية تتربع على عرش سوق العقارات العالمي بمشاريع عملاقة بقيمة 1.5 تريليون دولار
وأوضح الزهراني أن نمو الصفقات في الرياض يعود إلى كونها وجهة للهجرة الداخلية وفرص الاستثمار، مدفوعةً بمشاريع البنية التحتية والنمو السكاني، ما يعزز الطلب على العقارات السكنية والتجارية في المنطقة، وبالنسبة لمنطقة مكة المكرمة، أرجع الزهراني ارتفاع الطلب إلى كونها منطقة مقدسة تشهد توافد الحجاج والمعتمرين، بالإضافة إلى المشاريع التطويرية الكبرى.
وأشار الخبير إلى أن الاستقرار السياسي والأمني في السعودية جعلها بيئة جاذبة للاستثمارات، لا سيما في ظل الاضطرابات السياسية في الأسواق العقارية الإقليمية، ما يجعل السعودية وجهة آمنة للمستثمرين.
وأضاف أن الاضطرابات الإقليمية أدت إلى زيادة الهجرة إلى السعودية، ما رفع الطلب على الوحدات السكنية والعقارات التجارية في المدن الكبرى مثل الرياض وجدة، وساهم في جذب رؤوس الأموال الباحثة عن استقرار.
وفي ختام كلامه، توقع الزهراني استمرار نمو الصفقات في الربع الأخير من 2024 بفضل ارتفاع الطلب في مكة خلال مواسم العمرة والحج، وزيادة المشاريع العقارية في الرياض، بالإضافة إلى تسهيل التمويل مع استمرار انخفاض أسعار الفائدة، مما يدعم نشاط السوق العقارية، منوّهاً إلى ستة عوامل من شأنها تعزيز نمو السوق العقارية السعودية على المدى الطويل، منها: المشاريع الكبرى للبنية التحتية، الطلب المتزايد على الوحدات السكنية، الإصلاحات الحكومية التي تسهل التملك والاستثمار، جاذبية السوق للاستثمارات الأجنبية، تنوع طرق التمويل، والاستقرار السياسي في المملكة مقارنةً بالدول المجاورة.
اقرأ ايضاً: عامان من الازدهار والنمو ينتظران الاقتصاد السعودي