مع انفتاح العالم على متغيرات اقتصادية جديدة، يبرز مجدّداً الحديث عن تسعير النفط السعودي باليوان الصيني، وهي خطوةٌ أقلّ ما يقال عنها أنها تحمل في طياتها الكثير من الدلالات الاقتصادية والسياسية، وتطرح تساؤلات حول مستقبل العملات في أسواق النفط.
ففي ظل مساعي المملكة لتنويع مواردها الاقتصادية والبحث عن شراكات جديدة خارج حدود الدولار الأمريكي، يبدو أن اليوان الصيني يقترب من أن يكون لاعباً أساسياً في لعبة الطاقة، ما يفتح باباً جديداً لمستقبلٍ قد تتغير فيه قواعد التجارة العالمية.. فما الجديد في هذا الأمر؟
اقرأ أيضاً: النمو السعودي غير النفطي يكسر التوقعات بنسبة مفاجئة
مؤخراً، أكّد وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي، بندر الخريف، انفتاح المملكة على استخدام اليوان الصيني في تسوية مبيعات النفط، وذلك في إطار توجه السعودية لتنويع اقتصادها وتعزيز علاقاتها مع الصين، وهذه التصريحات نقلتها صحيفة «ساوث تشاينا مورنينج بوست» الصينية التي أشارت إلى أن السعودية تسعى لتوسيع آفاقها الاقتصادية بعيداً عن الاعتماد التقليدي على الدولار.
ووفق “الخريف”، فإن هذه الخطوة تأتي ضمن استراتيجية المملكة للتفاعل مع الابتكارات الاقتصادية والتجارية، دون أن تؤثر السياسة على مسار تلك العلاقات، لكن رغم المشاعر الإيجابية تجاه «البترويوان»، فإن وزير الصناعة السعودي لم يحدّد جدولاً زمنياً لاعتماد اليوان في تسعير النفط.
وكانت قد وقعت مع الصين اتفاقية مبادلة عملات بقيمة 50 مليار يوان في تشرين الثاني/نوفمبر من العام الفائت 2023، وهي اتفاقية تهدف إلى تشجيع التعامل بالعملات المحلية بين الرياض وبكين.
اقرأ أيضاً: أرامكو السعودية توقع اتفاقيات استراتيجية مع الصين
من جهة أخرى، تتواصل الشراكات بين السعودية والصين في مجالات متنوعة تشمل الطيران والتكنولوجيا، إذ تمكنت شركة “هواوي” الصينية من تحقيق تقدم في سوق الشرق الأوسط، بينما تعمل هيئة الطيران المدني في المملكة على استكشاف فرص تعاون مع شركات صينية لتوطين صناعة الطائرات ودعم سلسلة التوريد المحلية.
يشار إلى أن فكرة تسعير النفط السعودي باليوان الصيني قيد التداول منذ عدة سنوات، وذلك في سياق الجهود المستمرة التي تبذلها الصين لتعزيز مكانة عملتها في التجارة الدولية، وخاصة في سوق الطاقة الذي يُعتبر ركيزة أساسية للاقتصاد العالمي.
اقرأ أيضاً: الاقتصاد السعودي يسجل نمواً لافتاً في القطاع غير النفطي بنسبة 4.4%
ومن هنا تبرز أهمية المملكة العربية السعودية في هذه العملية، فهي واحدة من أكبر منتجي النفط في العالم، بينما مازالت حتى اللحظة تعتمد على الدولار الأمريكي لتسعير صادراتها النفطية، ضمن نظام يعرف باسم نظام «البترودولار»، وهذا النظام لعب دوراً كبيراً بترسيخ هيمنة الدولار كعملة احتياطية عالمية، ودعّم الاقتصاد الأمريكي لعقود.
أمّا الآن، فتسعى السعودية إلى تقليل الاعتماد على الدولار وتشجيع استخدام العملات المحلية، بما فيها اليوان الصيني، ويأتي ذلك بالتزامن مع سعي السعودية إلى تنويع اقتصادها بعيداً عن الاعتماد الحصري على النفط في إطار رؤية 2030، والتي تسعى لتحسين قدرات المملكة التنافسية عالمياً.
اقرأ أيضاً: الاقتصاد السعودي يسجل نمواً لافتاً في القطاع غير النفطي بنسبة 4.4%