ضمن الجهود المبذولة لتطوير القطاع الاقتصادي وتشخيص التحديات التي تواجهه، ووضعها تحت الدراسة المعمقة، عمل منتدى الرياض الاقتصادي على القيام بدوره الذي يمارسه منذ 11 عاماً منذ انطلاقته عام 2001، وأُقيم منتدى الرياض الاقتصادي في الفترة من 18 إلى 20 نوفمبر 2024، تناول فيه أربع دراسات اقتصادية هامة وضعت على جدول أعمال المنتدى، وعُرضت للدراسة والتحليل.
تناولت أولى هذه الدراسات التي كانت بعنوان “تطوير جودة الحياة الوظيفية لرفع الإنتاجية في المنظمات السعودية”، جودة الحياة الوظيفية، وترأس هذه الجلسة التي كانت أولى الجلسات القابلة للنقاش وزير الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية المهندس أحمد بن سليمان الراجحي، بينما قام الدكتور مشاري بن محمد الشلهوب بتقديم هذه الدراسة، وهو عضو الفريق المشرف على الدراسة، بينما وقع الاختيار على الرئيس التنفيذي للموارد البشرية في كروز السعودية المهندس أيمن بن أحمد الغامدي، وعضو مجلس الشورى الأستاذ غانم بن راشد الغانم ليكونا المحاوران.
فيما استهدفت هذه الدراسة الإضاءة على عدد من النقاط منها تطوير ممارسات جودة الحياة الوظيفية في المنظمات السعودية للمساهمة في زيادة الإنتاجية والتنمية الاجتماعية والاقتصادية في المملكة، فجودة الحياة الوظيفية في مقر العمل يعود بنتائج إيجابية للمنظمات ومنشآت العمل المختلفة سواء كانت هذه المنظمات حكومية أو قطاع خاص، حتى يصل تأثيرها للأفراد والاقتصاد على حد سواء، فبالنسبة للأفراد تؤدي جودة الحياة الوظيفية إلى زيادة الرضا الوظيفي، ومن ثم الإبداع وزيادة الإنتاجية، أما بالنسبة للمنظمات، فإنها تؤثر بشكل إيجابي على أوضاعها المالية، كما تسهم في زيادة ربحيتها ورضا عملائها.
لم تكن هذه الدراسة محض كلام على الورق، إذ أجرت الدراسة تقييما شاملاً للسياسات والإجراءات الحالية المتبعة في المملكة حول جودة الحياة الوظيفية في مقر العمل، واجراء مقارنة بينها وبين أفضل الممارسات العالمية، كما عملت على تناغم هذه الممارسات مع رؤية السعودية 2030 التي تسعى لخلق مجتمع حيوي ومزدهر وتعزيز الإنتاجية الوطنية وتحسين جودة الحياة الوظيفية.
وقد توصلت هذه الدراسة على أن زيادة الاهتمام ببرامج تطوير جودة الحياة الوظيفية في المملكة، سيعود بفوائد كبيرة على قطاعات الأعمال المختلفة، إذ سيسهم في خلق سوق عمل أكثر تنافسية، ويحسن من تصنيفات المملكة في مؤشر التنمية البشرية والتنويع الاقتصادي، إضافة إلى نمو الناتج المحلي الإجمالي، ويضع سوق العمل السعودي واحداً من وجهات العمل المرغوبة والجاذبة بسبب الإصلاحات وقوانين العمل والتعديلات الحديثة.
اقرأ أيضاً: ندوة الذكاء الاصطناعي SPE 2025
فيما تناولت الدراسة الثانية لمنتدى الرياض الاقتصادي بعنوان “تحفيز الاستثمار وحوكمته” من خلال تبيان الفرق في السياسات الحكومية بين المناطق والتي هدفت لتحفيز الاستثمارات في المناطق من أجل تحقيق التنمية الشاملة والمستدامة في مختلف مناطق المملكة باعتباره أحد مستهدفات رؤية المملكة 2030، التي عملت على إبراز المقومات الطبيعية والمزايا النسبية والتنافسية لمناطق المملكة والاستفادة من هذه المقومات كمحرك للاقتصاد الوطني.
وقد ترأس هذه الجلسة وكيل وزارة البلديات والإسكان للتخصيص والاستدامة المالية المهندس إيهاب بن محمود حسوبة، نيابة عن وزير البلديات والإسكان الأستاذ ماجد بن عبدالله الحقيل، وقدم الدراسة عضو الفريق المشرف على الدراسة الدكتورة نجلاء بنت عبد الرحمن النبهان، وكان المحاوران هما أستاذ القانون والخبير التشريعي الدكتور فيصل بن منصور الفاضل، ورئيس اللجنة الوطنية للمحتوى المحلي والمشتريات الحكومية باتحاد الغرف التجارية المستشار أيمن بن أحمد الحازمي.
وخلصت الدراسة إلى أهمية تحفيز الاستثمار لتقليص الفجوة الحاصلة بين الريف والمدينة في المملكة، وتحسين مستويات المعيشة وجودة الحياة للمناكق الريفية المهمشة، وخلق فرص جديدة للعمل.
فيما كان للذكاء الاصطناعي حصة في منتدى الرياض الاقتصادي، إذ تم تقديم دراسة بعنوان “تعزيز دور الذكاء الاصطناعي في تنمية الاقتصاد الوطني” وترأس جلستها نائب الرئيس التنفيذي للاستراتيجية بالهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي (سدايا) الدكتور عبد الرحمن طارق حبيب نائباً عن رئيس الهيئة الدكتور عبدالله بن شرف الغامدي، وشارك في مناقشتها حشد كبير من الخبراء والمتخصصين والأكاديميين.
بينما قام بتقديم هذه الدراسة رئيس الفريق العلمي للدراسة الدكتور خالد بن مبارك القحطاني، وكان المحاوران هما الرئيس التنفيذي لمكتب فدوى البواردي للاستشارات الدكتورة فدوى بنت سعد البواردي، والرئيس التنفيذي لبرنامج “كفالة” الأستاذ همام بن عبدالعزيز هاشم.
اقرأ أيضاً: منتدى RLC العالمي 2025
ورأت الدراسة أن المملكة تتجه بقوة نحو تعزيز استخدامات تقنيات الذكاء الاصطناعي في مختلف القطاعات، وخلصت هذه الدراسة إلى إن المؤشرات تظهر ارتفاعاً تدريجياً في تبني تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي في القطاعات المختلفة، مما يعزز قدرة المملكة على تحقيق تنويع اقتصادي مستدام، وفي نفس الوقت أضاءت على التحديات التي تواجه المملكة في تطبيق الذكاء الاصطناعي كنقص المهارات البشرية المتخصصة، مقارنة بالدول المتقدمة، بالإضافة إلى تحديات تنظيمية وتشريعية.
فيما تناولت الدراسة الأخيرة في منتدى الرياض الاقتصادي “تعظيم العائد الاقتصادي من الموارد الطبيعية لتحقيق التنمية المستدامة”، وترأس جلستها وزير الصناعة والثروة المعدنية الأستاذ بندر بن إبراهيم الخريف، وحظيت الدراسة بنقاشات موسعة من قبل جمع كبير من الخبراء والمتخصصين والأكاديميين، وقدم الدراسة رئيس الفريق العلمي للدراسة الأستاذ الدكتور سعيد بن عبدالله الشيخ، بينما كان المحاوران هما الرئيس التنفيذي لشركة معادن سابقاً المهندس عبدالعزيز بن عسكر الحربي، والرئيس التنفيذي للعمليات في الشركة السعودية للاستثمار الإعادة التدوير (سرك المهندس خالد بن سعد الراشد.
وخلصت هذه الدراسة إلى أنه بالرغم من التقدم الذي حققته المملكة في سبيل تعظيم العائد الاقتصادي من مواردها الطبيعية إلا أن العمل مايزال جارياً من أجل استكمال انطلاقتها، ونوهت إلى الجهود المبذولة من قبل المملكة لزيادة هذا العائد، ووصفت الدراسة رؤية المملكة 2030، بأنها تمثل إستراتيجية تنموية اقتصادية واجتماعية شاملة وخريطة طريق فعّالة لتطوير إدارة الموارد الطبيعية، وتنويع مصادر الدخل.
والجدير بالذكر أن منتدى الرياض الاقتصادي قد تم استضافته في أربع مدن بالمملكة شملت مدينة حائل، وعنيزة، ونجران وينبع)، فيما أوضح الدكتور يوسف الرشيدي الأمين العام للمنتدى أن الدراسات الأربعة قد تم إنجازها بعد عدد من حلقات النقاش الداخلية والخارجية في تعزيز مراحل إنجازها بالنظر إلى النقاشات الجادة التي شهدتها والحضور الواسع من المسؤولين الحكوميين والاقتصاديين المتخصصين ورجال وسيدات الأعمال.
اقرأ أيضاً: انطلاق «منتدى الرياض الاقتصادي»: حلولٌ مبتكرة وتطلعات كبرى!