اللهجة المحلية في المملكة متنوعة بتنوع سكانها، فكم تعاقبت العصور على السعودية وسكنتها الحضارات وكانت أهم طرق القوافل تمر منها، هذا ما خلق لهجات متنوعة محلية ميزت سكان كل منطقة في السعودية عن الأخرى، ما خلق نوعاً من التمازج اللغوي والنطقي بين سكان المملكة أضفى بدوره المزيد من التنوع والتميز للمملكة وقاطنيها، حيث كشف مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية توثيق مشروع ” مدونة أصوات” والتي ستوثق 52 لهجة محلية من مختلف مناطق المملكة إلى جانب دمجها مع بيانات الذكاء الاصطناعي.
52 لهجة محلية سيتم توثيقها، فيا ترى ما تاريخ تلك اللهجات المتنوعة وكيف انتشرت في المملكة وخلقت هذا التمازج الغني؟
اللهجة المحلية في السعودية جزء من تاريخها وأنواعها
رغم أن اللغة العربية هي اللغة الأم للمملكة، لكن بفعل مرور الزمن طرأت العديد من التغيرات على هذه اللهجة نتيجة للاختلاط ما بين الشعوب وعوامل أخرى كالحروب وغيرها من العوامل التي تؤدي لتغيير في المجتمع الذي تحل عليه سواء تغيير اجتماعي، ديموغرافي وحتى لغوي.
انقسام اللغة تبعاً لذلك أدى لتفرع لهجات عديدة عنها رغم تقاربها فيما بينها بين المعاني ومخارج الألفاظ، إلّا أنها تختلف في أحيان كثيرة عن بعضها البعض. السعودية من ضمن تلك الدول التي تختلف في لهجاتها تبعاً لاختلاف مناطقها الجغرافية والتراث القبلي لكل منطقة وأسلوب حياة سكانها.
وهناك أقلية من المواطنين السعوديين يتحدثون بعض اللغات السامية القديمة مثل الخولانية والمهرية، ويرجع ظهور اللغة العربية كلهجة محكية في شبه الجزيرة للقرن الثامن قبل الميلاد، وقد انتشرت بفعل التجار الذين كانوا يتنقلون عبر طريق الحرير.
ويرجع تعدد هذه اللهجات في ضمن حدود المملكة للتنوع التراثي والحضاري في البلاد، إلى جانب ما خاضته المنطقة من حروب وأزمات.
اقرأ أيضاً: مكتبة الملك سلمان المركزية: منارة العلم والثقافة في المملكة
تقسيمات اللهجات في المملكة تبعاً للمنطقة الجغرافية
حيث تعتبر اللهجات السعودية من أقرب اللهجات للعربية الفصحى، يرجع ذلك لأنها الموطن الأصلي للقبائل العربية وأقل العرب اختلاطاً بغير العرب بسبب الطبيعة الجغرافية والاجتماعية.
لكن مازال يوجد بها من يتحدثون اللهجات التراثية القديمة مثل لهجة قريش لأنها لهجة القرآن الكريم والسنة وغيرها من اللهجات القديمة.
من أشهر اللهجات السعودية: “التلتلة” وتكون بكسر حرف المضارع بشكل مطلق وهي لهجة الحجاز، و”التضجع” وتعني التراخي في الكلام وهي لهجة القصيم، و”الكشكشة” حيث يتم فيها ابدال الكاف المؤنث المخاطب إلى “شين” عند التأنيث شائعة في حضرموت في الجنوب السعودي، و”الطمطمانية” تكون بإبدال لام التعريف بالميم ويستخدمها أهل جازان، “العنعنة” تكون بإبدال الهمزة المبدوء بها “عين”.
اقرأ أيضاً: قرية “القابل”.. شاهد حي على عمق التاريخ وتراث نجران الأصيل
توثيق 52 لهجة محلية في المملكة
قد أوضح مجمع الملك سلمان أن “مدونة الأصوات” المزعم إنشاؤها ماتزال تخضع للعمل على أدواتها، وهي باقية في إطار “التطوير والاختبار”، وبحسب المجمع ستحافظ المدونة على اللهجات السعودية، ويمكن أن يمتد أثر المشروع إلى إمكانية دمج البيانات في تطبيقات الذكاء الاصطناعي كالتعرّف على الصوت والترجمة الآنية، ما سيسهل التواصل ويعزز فهم اللهجات المستعملة في الحياة اليومية.
كما سيتم تزويد الباحثين بقاعدة بيانات صوتية رصينة لدراسة تطوّر اللهجات وأثر العوامل الاجتماعية والاقتصادية عليها. والمدونة في سعي لرفع الوعي الشعبي بالتنوع اللهجي وتعزيز ارتباط الأجيال الجديدة بلهجاتها المحلية إلى جانب اللهجة الأم العربية الفصحى.
وحسب المجمع ستحافظ المدونة على التنوع اللهجي السعودي، وتمكن الباحثين من دراسته عبر حزمة أدوات تحليلية، أبرزها: الكشّاف الصوتي وخريطة أصوات والتصاحب اللفظي قائمة الشيوع، إضافة إلى أداة لإثراء المدونة والتحقق من اللهجات والمتاحة للاستعمال العام.
كذلك يمتلك المجمع 13 مدونة عبر منصة فلك للمدونات اللغوية، وهي منصة تقنية تضم 13 مدونة لغوية يشرف عليها المجمع، بفضلها يتاح للباحثين اللغويين وعلماء البيانات دراسة الظواهر اللغوية وتطوير تطبيقات الذكاء الاصطناعي في مجال اللغة العربية.
وللتنويه قد أشير إلى مدونة أصوات أعلن عنها مجمع الملك سلمان العالمي للُّغة العربيَّة في بداية عام 2024، تماشياً مع خططها الاستراتيجية التي ترمي إلى دعم مجالات الحوسبة اللغوية، إلى جانب تسريع وتيرة البحث العلمي فيها، مع تعزيز مصادر البيانات، والقدرة على توظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي في تطبيقات اللغة العربية من أجل صون سلامتها، ودعم نطقها وكتابتها معاً.
ختاماً، تدوين اللهجة المحلية في السعودية وربطها بالذكاء الاصطناعي ينم علن تأصل عريق لتاريخ المملكة وثقافتها، وتشبث بجذورها العربية الأصيلة، سعي المملكة حثيث للريادة في جميع المجال بدءاً من الاهتمام باللغة المحكية وصولاً للفضاء، السعودية ترسم مكانتها العالمية في كل شيء.
اقرأ أيضاً: المركز الوطني للفعاليات.. دور محوري في دعم الثقافة والاقتصاد في السعودية