عندما يطالعك اسمه للوهلة الأولى تظنه مكاناً مقفراً خالياً من مقومات الحياة، لكنه ليس كذلك، فهو يكتنز بين رماله تاريخاً غنياً وثقافة عميقة، ويعكس مع كل إشراقة صباح مشهداً يأسر الأنفاس. إنها صحراء الربع الخالي، المكان الذي يقودك في رحلة إلى التاريخ والجمال.
تقع صحراء الربع الخالي في قلب شبه الجزيرة العربية، وتعتبر من أكبر الصحارى الرملية في العالم، وتمتد على مساحة تتجاوز 550 ألف كيلومتر مربع، وتغطي أجزاء من السعودية، الإمارات، سلطنة عمان، واليمن.
وفي السعودية تمتد هذه الصحراء على مساحة 1200 كم، في مناطق: الرياض، نجران، والمنطقة الشرقية، وسميت بهذا الاسم لأنها تشكل ربع مساحة الجزيرة العربية، إضافة إلى خلوها من مقومات الحياة البشرية
لكن ورغم عدم صلاحيتها للاستيطان البشري إلا أنها تعتبر كنزاً اقتصادياً لا يقدر بثمن بالنسبة للمملكة العربية السعودية، كما تتميز بالعديد من المعالم الطبيعية والجيولوجية كالينابيع الكبريتية، الواحات، والكهوف إضافة إلى الكثبان الرملية التي يصل ارتفاعها إلى 201 متر عن سطح الأرض.
وتحتوي صحراء الربع الخالي على أكبر موارد المملكة العربية السعودية من النفط والغاز : حقل الغوار؛ أكبر حقل نفط خام عالمياً، وحقل الغاز في صحراء الجافورة للغاز غير المصاحب، إضافة إلى منشآت حقل الشيبة النفط.
وفي الوقت الذي يتوجه فيه أغلب الأشخاص إلى البحار ومناطق الطبيعة الخضراء والمعالم الأثرية للسياحة، لكن لمحبي المغامرات الشيقة رأي آخر، حيث يفضلون التوجه إلى صحراء الربع الخالي لسبر الأغوار التي تخبئها في طبيعتها البكر والاستمتاع بمظهر السماء المتلألئة بالنجوم ليلاً بعيداً عن صخب المدن وممارسة بعض النشاطات الممتعة كنزهات المشي الصحراوية وركوب الخيل والتزلج على الرمال ورحلات سيارات الدفع الرباعي.
وما يثير الاستغراب أن هذه الصحراء الشاسعة الخالية من معالم الحياة البشرية تحتوي على بحيرة أم الحيش، التي تعكس إعجاز الطبيعة عندما تجمع بين الرمال والمياه لتقف مشدوهاً عندما تصدف في رحلتك وسط هذه الصحراء المقفرة الشجيرات والأعشاب الخضراء والطيور والحيوانات التي تقطن المحميات البرية.
ولطالما شكلت صحراء الربع الخالي وجهةً هامة للرحالة الغربيين لاكتشاف معالم هذا المكان وخباياه ولعل أول رحلة موثقة لرحالة غربي إلى الربع الخالي كانت تلك التي قام بها برترام ثوماس عام 1931، ورحلة جون فيلبي باسم عبدالله فيلبي التي قام بها عام 1932.
لكن الدراسات الجيولوجية الأثرية التي تناولت هذه المنطقة أكدت أنها كانت تحتوي على مقومات الحياة البشرية، حيث تم العثور على أحافير لجذور نباتات وجذوع أشجار وحيوانات كانت تعيش في البحيرات وضفاف الأنهار التي كانت تخترق المنطقة، مثل أسنان لفرس النهر وأسماك وقواقع.
ويعتقد وفقاً لعدد من علماء الآثار بأن حضارة عاد والتي وصفها القرآن الكريم (إرم ذات العماد، التي لم يخلق مثلها في البلاد) مدفونة تحت رمال هذه الصحراء غير أنه لم يتم اكتشافها بعد.
اقرأ أيضاً: حافة العالم في الرياض لعشاق المغامرات وهواة المشي لمسافات طويلة