في ظل التغيرات العالمية المستمرة، تبرز بعض الدول كمحطات جديدة لتجمّع المواهب والعمالة من شتى بقاع الأرض، والمملكة العربية السعودية، في عام 2024، تصدرت المشهد كوجهة مفضلة للعمالة الوافدة، متجاوزة الكثير من التحديات لتحقيق هذا التحول.
والأرقام هنا ليست أرقاماً فقط، بل هي تعكس عملياً حكايات واقعية تُروى على ألسنة المغتربين الذين يعيشون يومياً تجربة العمل في بيئة جديدة وغريبة عنهم، وتحمل ما تحمله من فرص للتطور المهني واختبارات للتكيف مع ثقافة وممارسات حياتية مغايرة.
وللحديث هذا مناسبة، فقد احتلت المملكة العربية السعودية المركز الثاني كأفضل دولة للعمالة الوافدة في عام 2024 بعد الدنمارك التي جاءت في المركز الأول.
وذلك وفقاً لاستطلاع “Expat Insider” العالمي، الذي يُعد من أهم الاستطلاعات على مستوى العالم في تقييم ظروف معيشة وعمل المغتربين، وهذا التحول الكبير جاء بعد أن كانت المملكة في المرتبة الـ 14 في عام 2023، الأمر الذي يعكس التطورات الكبيرة التي شهدتها البلاد خلال فترة وجيزة.
اقرأ أيضاً: السماح بعودة العمالة المنتهية تأشيراتهم إلى السعودية
الاستطلاع، الذي شمل آراء 12500 وافد من 175 جنسية مختلفة، قدم صورة شاملة عن تجارب هؤلاء في العيش والعمل في 53 دولة.
وقد حصلت السعودية على تقييمات إيجابية عالية فيما يتعلق بسوق العمل المحلي، إذ أبدى أكثر من نصف المشاركين في الاستطلاع (55%) رضاهم عن سوق العمل في السعودية مقارنة بنسبة 41% عالمياً، كما أن 75% من المشاركين أكدوا أن انتقالهم إلى المملكة حسّن من فرصهم المهنية، وهو ما يتفوق على المتوسط العالمي البالغ 56%.
اقرأ أيضاً: تخفيض تكاليف استقدام العمالة المنزلية إلى السعودية: الدوافع والأسباب
وفيما يتعلق بالأمان الوظيفي والرواتب، جاءت المملكة في المركز الثاني عالمياً، حيث أبدى 82% من الوافدين رضاهم عن الأوضاع الاقتصادية والوظيفية في البلاد.
كذلك، حققت السعودية ترتيباً مرتفعاً في “مؤشر الأساسيات” الذي يقيس سهولة الحصول على التأشيرات وتوفر السكن وجودة الحياة الرقمية، حيث احتلت المملكة المركز السادس عالمياً في هذا المؤشر، متفوقة على دول مثل سنغافورة والمكسيك.
لكن، أشار الاستطلاع إلى أن ساعات العمل الطويلة التي يصل متوسطها إلى 47.8 ساعة أسبوعياً قد أثرت على ترتيب المملكة في مؤشر التوازن بين العمل والحياة، حيث جاءت في المرتبة 27 عالمياً.
وكما تبين، فإن أكثر الجنسيات الوافدة إلى السعودية تأتي من دول جنوب آسيا مثل الهند وباكستان وبنغلاديش، بالإضافة إلى مصر والفلبين، وهذا ما يعكس التنوع الكبير في الجنسيات التي تعمل وتعيش في المملكة.
اقرأ أيضاً: منصة مساند: بوابة رقمية لخدمات العمالة المنزلية في السعودية
يشار إلى أن الأسباب الرئيسة التي مهدت الطريق للسعودية لتحقيق هذا المركز المرموق، هو البيئة الاقتصادية القوية، وفرص العمل المتاحة، والتقدم الكبير الذي حققته المملكة العربية السعودية في مختلف المجالات، بالإضافة إلى الجهود الحكومية المستمرة لتحسين بيئة العمل والحياة في المملكة.
وتشمل هذه الجهود، الاستثمار في البنية التحتية والتكنولوجيا، والتطوير في القطاع الصحي، والمبادرات الحكومية لتعزيز التوظيف، حيث أطلقت المملكة مبادرات عديدة لتعزيز توظيف العمالة الوافدة، منها على سبيل المثال برامج “نطاقات” و”تحفيز”.
كذلك، فإن وجود استراتيجية واضحة ومعلنة للمستقبل يعدّ عاملاً مهماً في هذا السياق، وهذا يتمثل برؤية المملكة 2030؛ الرؤية التي تهدف إلى جعل السعودية واحدة من أفضل الوجهات للعمل والحياة.
اقرأ أيضاً: من أجل حياة أفضل: مبادرات جودة الحياة تضفي رونقًا على رؤية السعودية 2030