من روسيا وإسبانيا وفرنسا وهولندا وبريطانيا والبرتغال؛ فرق دولية مميزة تضم أسماء ذات تاريخ وخبرة لا يستهان بها جاءت إلى بطولة كأس العالم لراليات باها الصحراوية تتنافس على لقب البطولة، فكانت المفاجأة التي لم يتوقعها أحد في رياضة لطالما كانت ميدانيها حكراً على الرجال: الشابة السعودية دانيا عقيل تنتزع لقب البطولة، لتصبح بذلك أول امرأة على الصعيد العالمي تفوز بكأس العالم لراليات باها الصحراوية.
دانيا مواليد مدينة جدة، سافرت إلى بريطانيا وعمرها 14 سنة وأكملت دراستها هناك، أحبت قيادة السيارات منذ طفولتها، وسعت إلى خوض التجارب المتعلقة بهذا المجال، نالت إجازة جامعية في التاريخ الحديث من جامعة هولواي الملكية، ثم حصلت بعدها على درجة الماجستير في الأعمال الدولية من بريطانيا.
شاركت عام 2019 في برنامج تدريبي لركوب الدراجات النارية السريعة، وتلقت بعدها عرضاً للمشاركة في إحدى البطولات المحلية لركوب الدراجات في الإمارات، وهو ما دفعها للتواصل مع الاتحاد السعودي للسيارات للحصول على خطاب عدم ممانعة للمنافسة في السباقات، فكانت بذلك كأول امرأة سعودية تحصل على رخصة منافسة وطنية لسباق الدراجات النارية.
دخلت دانيا عقيل ولأول مرة عالم سباقات الدراجات النارية من خلال مشاركتها في بطولة الإمارات للدراجات النارية لموسم 2019/2020، حيث أحرزت بعد منافسات صعبة جائزة العام لأفضل رياضي صاعد.
حادث تعرضت له أثناء مشاركتها في بطولة “بي إم آر 600” في البحرين أجبرها على الابتعاد عن الحلبة لفترة من الزمن حتى تستعيد عافيتها وتتخطى إصابتها، لكنه لم يستطع إجبارها على التخلي عن رغبتها في صنع الإنجازات، إذ استغلت فترة نقاهتها الصحية وأصدرت كتاب السقوط الحر، الذي تشارك فيه الشباب عبر مجموهة من القصص القصيرة تجربتها ورحلتها في تطوير نفسها وسعيها المستمر لكسر الحواجز وتخطي المستحيل.
اقرأ أيضاً: رالي جميل للسيدات 2024: السعوديات في صدارة المشاركات و100 فريق عالمي
انتقلت بعد تعافيها من الإصابة إلى عالم الراليات، لتصبح أيضاً أول امرأة سعودية تشارك في بطولة دولية للراليات، وأول امرأة على الصعيد العالمي تفوز بلقب كأس لراليات باها الصحراوية ضمن فئة “تي3”. وذلك عام 2021، إذ استطاعت اجتياز الكثبان الرملية والمقاطع المتعرّجة وانتزاع اللقب بفوزها على أبطال عالميين.
مرة جديدة عادت دانيا عقيل إلى كسر الصورة النمطية عن المرأة وإثبات قدرتها على صنع المعجزات، والمساهمة في بناء المجتمع جنباً إلى جنب مع الرجل، إذ شاركت عام 2022 في غمار رالي داكار، أحد أصعب التحديات في رياضة السيارات، وامتدت الدورة لمسافة 4 آلاف كيلومتر وتضمنت 12 مرحلة وصلت فيها إلى خط النهاية بالمركز الثامن من بين 37 منافساً، وأصبحت أول امرأة عربية تحقق أحد المراكز العشرة الأولى. كما شاركت في نفس العام بمنافسات كأس العالم لسباقات باها ضمن فئة “تي3” واحتلت المركز الثاني.
كما شاركت دانيا مرة أخرى في جولة 2023 من منافسات غمار رالي داكار التي امتدت لمسافة 5000 كيلو متر، واستمرت على مدى 16 يوماً، حققت فيها المركز 28.
وتستغل دانيا عقيل كل فرصة تتاح لها لتشجيع النساء على خوض تجربتها سواء في لقاءاتها الإعلامية أو على منصات التواصل الاجتماعي، وتقول في هذا الخصوص: (أنصحهنّ بالنمو والتطور كسائقات بطريقة آمنة ومريحة. عندما أواجه تحدياًلا أقود بنفسي للتغلّب عليه إلاّ إذا شعرت أنني فـي السيطرة الكاملة على السيارة. يجب التعامل مع كل عقبة بأمان، لا يوجد سبب للاستعجال فـي الدروس، لأن ذلك قد يتسبّب فـي حدوث أخطاء. تقدّمن دائماً بالسرعة التي تشعركنّ براحة أكبر، ومهما حصل يجب الاستمرار فـي التحرك).
دانيا اليوم هي أول شخص يتمّ تكريمه كجزء من مبادرة REDTAG Real Heroes التي تسلط الضوء على المواهب والقادة وصناع التغيير فـي المملكة العربية السعودية، لإلهام وتحفيز الشباب لتحقيق طموحاتهم.
وبينما تعتبر كل سباق مهما كان مستواه تحدي فريد بالنسبة لها يساهم في تطورها على الصعيدين الإنسان والمهني، تسعى دانيا عقيل إلى اقتناص كل فرصة متاحة لها لخوض تجارب جديدة في عالم الرالي، وتحقيق المزيد من الألقاب وهي ما تزال في بداية شبابها، لتكون بذلك مصدر إلهام للشباب بشكل عام والشابات بشكل خاص، مثبتة من جديد أن لا مستحيل مع الإرادة.
اقرأ أيضاً: للمرة الأولى في تاريخها.. بطولة العالم للراليات في السعودية لـ 10 سنوات