تتنوع عادات وطقوس إحياء ذكرى المولد النبوي الشريف في البلاد العربية والإسلامية من تلاوة القرآن الكريم وإنشاد الأناشيد الدينية، إلى تنظيم المواكب والاحتفالات الشعبية وتوزيع الحلوى ابتهاجاً بذكرى ولادة رسول الرحمة والهداية، لتكون مناسبة تتجدد فيها روح الوحدة والمحبة بين المسلمين في مغارب الأرض ومشارقها.
في المملكة العربية السعودية يتم تنظيم المحاضرات والدروس الدينية في المساجد والمراكز الإسلامية للتعريف بسيرة النبي محمد (ص) وتعاليمه التي تدعو للرحمة والمحبة، ويتم تكثيف المسابقات القرآنية وحلقات الذكر التي تنشر جواً روحانياً يمثل جزءاً من الهوية الثقافية والدينية للمملكة.
كما يتم إضاءة 16 حزمة ضوئية في برج الساعة بالحرم المكي، وهو أعلى برج في السعودية احتفالاً بذكرى المولد النبوي الشريف، إذ يصل مدى تلك الأنوار إلى نحو 10 كيلومترات، إضافة إلى تزيين المنازل بالأضواء وتوزيع الطعام والشراب على الفقراء والمحتاجين وإهداء حلوى المولد للمارة والجيران والأقرباء.
وفي الإمارات، يتم إقامة احتفال رسمي كبير برعاية الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف، تتخلله العديد من الفعاليات الدينية وقراءة القرآن الكريم وإلقاء محاضرات عن سيرة الرسول الكريم، ويحضر الاحتفال كبار القادة السياسيين في البلاد ورجال الدين من كل البلاد العربية والإسلامية.
اقرأ أيضاً: السعودية: وجهة السياحة الدينية الأبرز في العالم
ويشارك أهلنا في فلسطين المحتلة العالمين العربي والإسلامي مظاهر الاحتفال بذكرى المولد النبوي، إذ تبدأ احتفالات المولد النبوي منذ مطلع ربيع الأول، إذ يقومون بتزيين المساجد والشوارع بالأضواء والزينة، وتلاوة القرآن الكريم وتنظيم المحاضرات والندوات التي تتناول سيرة النبي (ص)، وتجوب الفرق الجوالة الشوارع وهي تردد أناشيد المدح والذكر، كما يتم توزيع حلوى المعمول والقطايف والنمورة والكنافة، ووضع أطباق منها أمام المحلات لإهداء المارة مع عبارة دائما ما تتردد في الأجواء: صلي على النبي.
وفي الأردن يتم تزيين المساجد بالأنوار الخارجية، وتستمر الاحتفالات عدة أيام تكثر فيها الابتهالات وحلقات الذكر ودروس السيرة النبوية، وتوزيع حلوى المشبك على الجيران والأقارب.
أما في سوريا، يجري احتفال رسمي في المساجد يحضره رئيس الدولة، ويقوم السوريون بالتحضير لهذه المناسبة قبل أيام، ويزين الشباب الطرقات والأحياء الشعبية، ويجري إحياء الذكرى بين صلاة المغرب والعشاء في المساجد، إذ يتم فيه تلاوة القرآن الكريم وقراءة سيرة النبي الكريم (ص)، وتقدم فرق الإنشاد الأناشيد النبوية ورقصة المولوية، لتقام بعدها صلاة العشاء جماعة ويتم توزيع حلوى الملبس على الحاضرين.
وفي العراق، يتم تزيين الشوارع وتصدح مآذن المساجد بتلاوات من الذكر الكريم، ويتم ختم مسابقات دورات القرآن الكريم وتقديم الهدايا للمشاركين، وتعج المساجد والساحات العامة بالمسيرات الشعبية، ويتم توزيع حلوى الزردة والتمر، وغالباً ما تستمر الاحتفالات لآخر يوم من شهر ربيع الأول.
ويحيي الأزهر الشريف ووزارة الأوقاف في مصر ذكرى المولد النبوي الشريف بإقامة احتفال رسمي كبير يحضره كبار القادة ورجال الدين في الدولة، تتم فيه قراءة القرآن الكريم وإلقاء ندوة عن سيرة الرسول الكريم، وتشهد المساجد حلقات الذكر والابتهال والتسبيح وإقامة الصلوات والدعاء، كما تتزين الشوارع ويتم توزيع شربات الورد أو الفراولة بقطع الموز، وتتم إقامة موائد الرحمن التي يتم فيها توزيع وجبات الطعام والحلوى على المارين في الشوارع.
وفي اليمن يتجمع الشيوخ وكبار السن لتلاوة القرآن الكريم وسيرة النبي الكريم، وتجري موائد الإفطار الجماعي التي تستمر حتى صلاة الظهر، كما تعد العائلات المائدة التهامية التي تحتوي العديد من أصناف اللحوم والأسماك والأرز والحلويات، وخاصة الحلوى التقليدية (الخاجلة).
في تونس، تستمر الاحتفالات لأكثر من يوم في الجوامع المنتشرة في البلاد وفي مقدمتها جامع عقبة بن نافع الكبير وجامع الزيتونة، ويزور الأهالي بعضهم البعض لتبادل التهاني، ويجهزون حلوى خاصة بهذه المناسبة كعصيدة الزقوق.
أما في الجزائر تصدح المساجد بتلاوات من الذكر الحكيم وقراءة القصيدة الهمزية للشيخ النبهاني التي تتألف من ألف بيت في مدح الرسول الكريم، كما يقوم الأهالي بتنظيف منازلهم منذ بداية شهر ربيع الأول تحضيرا للاحتفال بذكرى ولادة خير الأنام، إذ يجتمع أفراد العائلة حول مائدة الطعام وينشدون الأناشيد الدينية، وتستمر الاحتفالات لمدة أسبوع كامل يسمى بالسبوع، يتم في نهايته تحضير عشاء وحلويات مميزة.
ويطلق الليبيون على يوم ذكرى المولد النبوي (الميلود)، إذ تبدأ التجمعات العائلية وفي الساحات العامة والمساجد، وتصدح في الأجواء التواشيح الدينية التي عادة ما تبدأ بقصيدة البردة للإمام البوصيري، وتنتشر أجواء البهجة والفرح بين الناس احتفالاً بهذه الذكرى الكريمة.
وفي المغرب يكون هناك احتفال رسمي يحضره ملك البلاد وشخصيات سياسية ودينية عديدة، إذ ينشد المنشدون الأناشيد الدينية وتتلى آيات من القرآن الكريم، ويشتري الأهالي الثياب الجديدة لأطفالهم، ويرتدي الناس الزي التقليدي إذ يلبس الرجال الجلاليب والنساء القفطان المغربي المزخرف، ويتم تحضير أشهى الحلويات المغربية وتتبادل العوائل الزيارات والتهاني.
وتبدأ الاحتفالات في السودان مع بداية شهر ربيع الأول والتي تستمر لمدة عشرة أيام، وينتشر باعة الحلوى في الساحات العامة، وتعم أجواء الفرح المدن والقرى التي يسميها السودانيون بالزفة، إذ تكثر الأدعية والأذكار والمدائح النبوية.
تختلف مظاهر الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف بين البلدان العربية، لكنها تتفق جميعها على توطيد الأواصر الثقافية والدينية التي تستقي تعاليمها من سيرة الرسول الكريم (ص)، وتدعو إلى نشر المحبة والسلام.
اقرأ أيضاً: انطلاق المعرض الدولي للسيرة النبوية من السعودية بلغات عالمية