محمية جزر أم القماري هي إحدى الكنوز الطبيعية في المملكة العربية السعودية، تتربع في الجهة الجنوبية الغربية من محافظة القنفذة على ساحل البحر الأحمر، وتتكون من جزيرتين هما أم القماري البرانية وأم القماري الفوقانية، وقد أخذت اسمها المميز نظراً لكثرة طيور القماري التي تعيش فيها، خاصةً خلال موسم الهجرة.
تأسست المحمية في عهد الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود عام 1408هـ/1988م، وتعد ثالث أصغر المحميات التي يشرف عليها المركز الوطني لتنمية الحياة الفطرية، وتمتد على مساحة تُقدر بحوالي 403 كيلومترات مربعة، وتقسم إلى مستويين، الأول يركز على حماية الحيوانات البرية والبحرية، بينما يعتني الثاني بالبيئة المحلية والأشجار، ما يضمن الحفاظ على التنوع البيولوجي في هذه المنطقة الفريدة.
يتميز سطح الجزيرتين بتضاريسه الفريدة، إذ يتكون من أحجار كلسية شعابية يرتفع متوسطها عن سطح البحر نحو ثلاثة أمتار، إضافة إلى الرمال الساحلية البيضاء، ومن أبرز ما يميز جزيرة أم القماري البرانية هو تنوع الشعاب المرجانية، وأغلبها حية ومتنوعة، ما يجعلها بيئة مثالية للدراسة والبحث العلمي.
اقرأ أيضاً: محمية شرعان: واحة طبيعية ساحرة في قلب العلا
تغطي النباتات مساحات واسعة من الجزيرتين، ومن أهمها الأراك والسواد والصبار والثندة والرغل، التي تزين السواحل أيضاً، وإلى جانب طيور القماري المهاجرة والمقيمة، تحتضن المحمية أنواع أخرى عديدة من الطيور البحرية والشاطئية.
تتميز المنطقة التي تقع بها محمية جزيرة أم القماري بمناخ بحري استوائي، إذ تسود درجات حرارة معتدلة على مدار العام، ويتيح هذا المناخ الملائم لعدد كبير من الكائنات الحية، سواء كانت نباتات أو حيوانات، أن تزدهر وتعيش في هذه البيئة الفريدة.
تُعرف محمية جزر أم القماري بأنها ملاذ لأنواع متعددة من الطيور البحرية والمهاجرة، وتعد طيور الحمام القمري من أبرزها، وهذه الطيور من الأنواع المهاجرة التي تتوقف في الجزيرة خلال رحلاتها الطويلة بين مواطن تكاثرها والمناطق الأكثر دفئاً، ما يعكس أهمية المحمية كمحطة حيوية في مسارات الطيور.
إلى جانب ذلك، تتواجد في المحمية مجموعة متنوعة من النباتات، تتضمن أعشاباً وشجيرات تتحمل ملوحة التربة والمياه، وتلعب هذه النباتات دوراً حيوياً في تماسك التربة، ما يسهم في الحفاظ على البيئة ويساعد على دعم النظام البيئي في المنطقة.
اقرأ أيضاً: السعودية تعلن إنشاء أكبر محمية نباتية في العالم
وتعد الشعاب المرجانية المحيطة بجزيرة أم القماري موطناً لعدد كبير من الكائنات البحرية، بما في ذلك أنواع نادرة من الأسماك والرخويات والقشريات، كما توفر أيضاً موائل طبيعية للحياة البحرية الفريدة، مثل السلاحف البحرية، وتمتاز هذه المناطق بغناها بالتنوع البيولوجي، وتساهم في استدامة الحياة البحرية في البحر الأحمر، ما يجعلها عنصراً حيوياً في الحفاظ على توازن النظام البيئي البحري.
إضافة إلى أهمية المحمية البيئية، تعد محمية جزر أم القماري وجهة مميزة لعشاق الطبيعة، إذ يمكن للزوار الاستمتاع بمشاهدة الطيور في بيئتها الطبيعية، كما تُشكل الشعاب المرجانية والسواحل الرملية موقعاً جاذباً لمحبي الغوص واستكشاف أعماق البحر، ما يجعلها تجربة فريدة لا تُنسى.
إلى جانب ذلك، تعد المحمية جزءاً من التراث الطبيعي والثقافي للمملكة، وتعكس التزام المملكة بالحفاظ على تراثها، يتجلى هذا الالتزام من خلال الجهود المبذولة لحماية الحياة البرية وتطوير السياحة المستدامة، ما يسهم في تعزيز الوعي بأهمية المحافظة على البيئة.
اقرأ أيضاً: السياحة الساحلية في البحر الأحمر: ضوابط ومعايير صارمة
كما تلعب المحمية دوراً بارزاً في تعزيز الاقتصاد المحلي، من خلال السياحة البيئية وجذب الزوار، وتسهم هذه الأنشطة في خلق فرص عمل جديدة للسكان، مثل الإرشاد السياحي والخدمات الفندقية والخدمات البحرية، فالاستثمار في السياحة المستدامة لا يعزز الاقتصاد المحلي فحسب، بل يساهم أيضاً في الحفاظ على البيئة المحيطة.
في الختام، تتنوع المحميات في المملكة العربية السعودية من حيث البيئات التي تحميها، فهناك محميات بحرية تعد مأوى للطيور البحرية والكائنات المائية النادرة، إضافة إلى محميات برية تتواجد فيها أنواع نادرة من النباتات والحيوانات المتكيفة مع الظروف الصحراوية القاسية، وتلعب هذه المحميات دوراً مهماً في تعزيز السياحة البيئية ودعم البحث العلمي، وزيادة الوعي بأهمية الحفاظ على البيئة.