من قلب اجتماعات مجموعة العشرين، رفعت السعودية صوتها بقوّة داعيةً لتجديد النظم العالمية وإصلاح المؤسسات التي أصبحت عاجزة عن تحقيق السلام والاستقرار، ووجهت سهامها بصورة خاصة لكل من منظمة التجارة العالمية ومجلس الأمن، في رؤية تجدها ضرورية لتصبح هذه المؤسسات أكثر قدرة على الاستجابة لتحديات العصر.
وفي التفاصيل، حثّت السعودية دول مجموعة العشرين على تعزيز التعاون للتغلب على العجز الدولي في التعامل مع الانتهاكات الإسرائيلية، والالتزام بمسار موثوق وغير قابل للتراجع لإنشاء دولة فلسطينية مستقلة، مؤكّدةً على الحاجة إلى إصلاح جذري وشامل لمنظومة الأمم المتحدة، لا سيما مجلس الأمن.
وفي اجتماع وزراء خارجية مجموعة العشرين الذي عُقد في نيويورك، قال وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان: «عندما نحلل وضع المجتمع الدولي اليوم، بتعدد أزماته وتفاوت التنمية بين الدول، نجد أننا بحاجة ماسة إلى التمسك بنماذج العمل الجماعي الناجحة، والسعي لتطوير وإصلاح المؤسسات الدولية».
اقرأ أيضاً: السعودية تحذر من اجتياح رفح وتدعو لعقد جلسة طارئة لمجلس الأمن الدولي
وأضاف أن الحروب والصراعات السياسية تعيق الجهود الرامية لتحقيق الأمن والسلام الدوليين، وتؤثر سلباً على جميع جوانب العمل المتعدد الأطراف، موضحاً أن عدم قدرة المؤسسات الدولية على أداء مهامها الأساسية في مواجهة هذه الأزمات يؤدي إلى فجوة في العمل الدولي ويضعف الثقة في شرعيتها، وهو ما يتضح حالياً في طريقة تعاملها مع الأزمة الإنسانية في فلسطين.
وأكد الأمير فيصل أن استمرار الحرب وتفاقم معاناة الشعب الفلسطيني يمثل تهديداً للسلم والأمن الدوليين، ما يتطلب من دول مجموعة العشرين تعزيز جهودها المشتركة للتصدي للانتهاكات الإسرائيلية الخطيرة وتفعيل مسار يُفضي إلى وقف إطلاق النار وإقامة دولة فلسطينية مستقلة.
وأشار أيضاً إلى ضرورة إجراء إصلاح شامل لمنظومة الأمم المتحدة، مع التركيز على مجلس الأمن، بهدف معالجة القصور في مواجهة الأزمات والاستجابة لاحتياجات الشعوب، كما دعا إلى إصلاحات تضمن تمثيلاً عادلاً وزيادة عدد المقاعد، بما في ذلك تخصيص مقاعد إضافية للدول العربية.
كما شدد الأمير فيصل على أن هدف السعودية من هذه الإصلاحات هو تعزيز مصداقية مجلس الأمن وزيادة فعاليته في التعامل مع التحديات المعاصرة، الأمر الذي يعزز من فرص تحقيق عالم أكثر عدالة وأماناً واستقراراً.
وفيما يتعلق بالتحديات الاقتصادية العالمية، أكد الأمير فيصل على ضرورة مواصلة الجهود لإصلاح النظام المالي والتجاري الدولي متعدد الأطراف، مشيراً إلى الصعوبات التي تواجهها الدول منخفضة الدخل بسبب تباطؤ النمو وارتفاع الالتزامات المالية، ما يعوق تمويل التنمية في هذه الدول.
اقرأ أيضاً: السعودية على رأس لجنة الأمم المتحدة المعنية بوضع المرأة والمساواة بين الجنسين.. ماذا يعني ذلك؟
وأشاد الأمير فيصل بجهود مجموعة العشرين لتعزيز دور بنوك التنمية متعددة الأطراف في سد الفجوة التمويلية السنوية التي تقدر بما بين 2.5 و4 تريليون دولار، داعياً إلى تنفيذ الإصلاحات اللازمة لتعزيز قدرة هذه البنوك على تقديم القروض وزيادة أثر التنمية.
كما دعا وزير الخارجية إلى إصلاح منظمة التجارة العالمية لتعزيز الشفافية والكفاءة والاستدامة في التجارة الدولية، مطالباً جميع الدول الأعضاء بالمشاركة الفعالة في هذه الإصلاحات مع الحفاظ على الاتفاقيات الحالية وتعزيز الجهود في نظام تسوية النزاعات.
وأشار إلى أن التعاون الوثيق بين دول مجموعة العشرين يعزز شرعية النظام التجاري الدولي ويزيد من الثقة في البنية المالية العالمية، مع التزام السعودية بتعزيز العمل المشترك لتحقيق مستقبل أكثر عدالة واستدامة.
هذا وتشهد الجمعية العامة للأمم المتحدة في هذه الأيام دورتها السنوية التاسعة والسبعين، حيث يجتمع زعماء العالم وكبار المسؤولين لبحث التحديات العالمية الملحّة، من الأزمات السياسية والاقتصادية إلى قضايا الأمن والسلام الدوليين، فيما تتصدّر القضية الفلسطينية وتداعياتها المناقشات الدولية الجارية.
اقرأ ايضاً: غزة تتصدر ملفات اجتماع وزاري سعودي