مركز الملك عبدالله المالي «كافد» هو أحد المعالم الهندسية المعاصرة البارزة في قلب العاصمة الرياض، وهو يجسد رؤية المملكة العربية السعودية في أن تكون مركزاً مالياً مستداماً يدعم الاستثمارات والمشاريع ليس فقط في السعودية، بل في المنطقة بأسرها.
يمتد كافد على مساحة شاسعة تبلغ 1.6 مليون متر مربع، ويحتوي على 62,000 مكان لوقوف السيارات، ويتكون من 59 برجاً تحيط بها مساحات عامة ساحرة ومحلات متميزة ومكاتب ذات تصاميم داخلية استثنائية، إذ تمتد المساحات المكتبية في كافد على أكثر من 900,000 متر مربع، مزودة بالتقنيات الحديثة.
موقعه الاستراتيجي في قلب العاصمة السعودية يجعله مكاناً لافتاً، خاصة أنه سيُربط قريباً بشبكة مترو الرياض، فضلاً عن توفيره بنية تحتية لوجستية متكاملة تتيح التواصل الفعال مع العملاء ودعم احتياجات الأعمال، وتشمل هذه البنية نظاماً داخلياً متعدد الوسائط للمشاة، وشبكة مسارات للدراجات الهوائية، وخدمات حافلات النقل العامة، إضافة إلى أكثر من 50 جسراً للمشاة.
اقرأ أيضاً: السعودية تحتل المركز الرابع عالمياً في الخدمات الرقمية
ويوفر المركز شبكة متنامية من الشركات والمؤسسات الرائدة التي اختارت تأسيس مقرات جديدة لها، في بيئة متكاملة تضم مكاتب ومساحات تجزئة ومرافق مخصصة للفعاليات، ما يسهم في تحقيق الأهداف التجارية بكفاءة، ويضم أيضاً منطقة مالية مخصصة ومجموعة من مرافق تكنولوجيا المعلومات الحديثة.
عند اكتماله، من المتوقع أن يستوعب مركز الملك عبدالله المالي أكثر من 50,000 ساكن، وقد صُمِّم بعناية فائقة للتخفيف من درجات الحرارة المرتفعة في المنطقة، وذلك من خلال أنظمة تبريد متطورة على جسور المشاة التي تربط بين المباني، ومن المقرر أن يضم المركز المؤسسات المالية الرسمية والجهات المالية الأخرى وجميع المرافق والخدمات ذات العلاقة، منها المقر الرئيسي لهيئة السوق المالية ومقر السوق المالية «تداول».
ومن المخطط أيضاً أن يصبح المركز أكبر صرح مالي في منطقة الشرق الأوسط، ليضاهي أبرز المراكز العالمية مثل «مركز لندن كناري وارف المالي» الذي يمتد على مساحة 345,000 متر مربع.
اقرأ أيضاً: شركة سرك لإعادة التدوير: التوسع نحو الأسواق العالمية
بدأت قصة هذه المؤسسة الرائعة عندما باشرت المؤسسة العامة للتقاعد في عام 2006 تنفيذ مشروع مركز الملك عبدالله المالي، حين وجه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود باستكمال المباني وتطوير المركز، وفقاً لاستراتيجية واضحة تتماشى مع الاتجاهات الاقتصادية الحديثة للمملكة.
وقد شُيِّد مركز عبدالله المالي باستخدام أحدث التقنيات الهندسية، وصُمم على أيدي 22 من المهندسين المعماريين العالميين، ليصبح الوجهة الرئيسية للمال والأعمال في المنطقة.
في عام 2011، حقق مركز الملك عبدالله المالي إنجازاً عالمياً، إذ تصدّر المرتبة الأولى كأكبر مشروع يسعى للحصول على اعتماد المباني الخضراء والصديقة للبيئة، وفي عام 2016م، جاءت رؤية السعودية 2030 لتعيد تشكيل استراتيجية مركز الملك عبدالله المالي، بهدف تعزيز فرص نجاحه ورفع كفاءته، هادفة لتحويل المركز إلى منطقة خاصة تتمتع بلوائح وإجراءات تنافسية، وقد استُثنيت منطقة المشروع من متطلبات تأشيرات الدخول، ورُبِطت بشكل مباشر بصالة الوصول في مطار الملك خالد الدولي عبر نظام قطار حديث.
أعادت رؤية السعودية 2030 تنظيم وتوزيع المساحات داخل مركز الملك عبدالله المالي لتعزيز النسب المخصصة للسكن والمناطق الخدمية، بما يتناسب مع احتياجات مدينة الرياض والمركز نفسه، كما رُكِّز على زيادة عدد الفنادق الضرورية، من أجل خلق بيئة متكاملة وجاذبة للعيش والعمل.
نتيجة لذلك، انتقلت ملكية المركز إلى صندوق الاستثمارات العامة، الذي بدأ في فتح بعض أجزاء المشروع التجارية وتحديث مبانيه وفق جدول زمني محدد.
اقرأ أيضاً: «سبارك» السعودية تستقطب استثمارات بالمليارات وتخلق آلاف الوظائف
هذا وحاز مركز الملك عبدالله المالي على جوائز عالمية عديدة تقديراً لتصميمه وكفاءة أدائه، ففي عام 2020 حصل جامع المركز على جائزة العمارة العالمية في فئة التصاميم الدينية، والتي يمنحها متحف أثينيوم في شيكاغو، للتميز في الإبداع الهندسي، وامتاز المسجد بتصميمه الخالي من الأعمدة، وشكله المستلهم من زهرة الصحراء، ليكون نموذجاً يحتذى به في عالم العمارة.
وفي عام 2021، نال المركز شهادة LEED البلاتينية، وهي أعلى تصنيف عالمي في نظام «القيادة في الطاقة والاستدامة والتصميم البيئي» المقدمة من المجلس الأمريكي للمباني الخضراء «USGBC»، جاء هذا التقدير نتيجة لما يتمتع به المركز من استدامة وكفاءة في التصميم، إضافة إلى توفيره سهولة التنقل بين مختلف أرجائه.
إضافةً إلى تصميمه الجذاب والمستدام، يوفر مركز الملك عبدالله المالي مجموعة متنوعة من وسائل الراحة والخدمات، مثل مراكز التسوق، والحدائق، والمرافق الرياضية، والمدارس.
في الختام، يعد مركز الملك عبد الله المالي «كافد» من الوجهات الرائدة للأعمال والتي تفتح آفاقاً مستقبلية جديدة للحياة، فلا يقتصر دوره على دعم النمو والتنوع الاقتصادي فحسب، بل يساهم أيضاً في خلق مجتمع نابض بالحياة في قلب الرياض، ليكون بمثابة مدينة داخل مدينة تضم مجموعة من المباني الاستثنائية المستوحاة من الطبيعة المحلية للسعودية.
اقرأ أيضاً: من أكثر المشاريع طموحاً في العالم.. ما هي أهداف مشروع الرياض الخضراء؟