قال وزير النقل السعودي صالح الجاسر، إن إفتتاح مترو الرياض سيتم خلال أسابيع قليلة، ويجري العمل حالياً من عمليات التشغيل التجريبي، مضيفاً أن مشروع المترو هو مشروع استثنائي وتاريخي، وذلك في تصريحات صحافية على هامش فعاليات المنتدى اللوجستي العالمي في الرياض.
وأفاد الجاسر، بأن المملكة تعيش نهضة تنموية كبيرة في مختلف المجالات، موضحاً أن منظومة النقل والخدمات اللوجستية هي جزء من هذه النهضة التي تعيشها المملكة تنفيذاً للاستراتيجية الوطنية للنقل والخدمات اللوجستية، مبيناً أن هذه الاستراتيجية تستهدف تحويل المملكة لتكون مركزاً لوجستياً عالمياً.
وسيحقق مشروع المترو نقلة نوعية في الرياض، وهو أكبر مشروع مترو في العالم يُبنى في وقت واحد، ويهدف إلى تحسين جودة الحياة لسكان الرياض عبر توفير وسيلة نقل متطورة، سريعة، وموثوقة.
أبرز تأثيرات مترو الرياض
في السعودية، المصدر الأكبر للنفط في العالم، لا يوجد سوى عدد محدود من وسائل النقل العام تتركز بخيار التنقل بالسيارات، لكن وبحسب أساتذة هندسة نقل وخبراء وباحثين في مجال القطارات عالمياً، فإنه من المأمول أن يحد مترو الرياض من الازدحام بنسبة قد تصل إلى 30% لكن ذلك مرهون بكفاءة التشغيل وسهولة وصول الركاب من داخل الأحياء السكنية.
ويتضمن المشروع عديداً من المميزات المستدامة ويعزز خيارات النقل الصديقة للبيئة، حيث سيستخدم نظام المترو قطارات ومحطات موفرة للطاقة، إضافة إلى تقنيات مثل الكبح المتجدد لتقليل استهلاك الطاقة وتجهيز بعض المحطات بآلاف الألواح الشمسية، وستحصل كل محطة مترو على طول الخطوط الستة على الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة.
كما توقّع أستاذ هندسة النقل الدكتور حمد بن رجا اليامي الذي عمل في السابق مشرفا على أعمال مسارات مترو الرياض 4 و5 و6، أن يسهم نظام النقل العام في مدينة الرياض (مترو وحافلات) بخفض نسبة الازدحام المروري وخفض عدد رحلات السيارات بمقدار 250 ألف رحلة يوميا.
وفي 24 أبريل 2024 نقلت وكالة “بلومبيرغ” عن أشخاص مطلعين قولهم، إن الرياض خفضت الهدف السكاني من 15 مليون نسمة، حيث تستهدف حاليا وصول إجمالي عدد السكان إلى 10 ملايين نسمة بحلول 2030، وهو عدد كبير أيضا يتطلب خيارات أخرى للتنقل أهمها مشروع المترو، وأشار اليامي إلى أنه يمكن لقطارات المترو تقليل الازدحام عبر عدة طرق، بينها زيادة السعة والكفاءة.
وفيما يتعلق بزيادة السعة، قال اليامي، إنه يمكن لقطارات المترو أن تحمل عدداً كبيراً من الركاب في وقت واحد ما يقلل من عدد السيارات الفردية على الطريق، واستدل على ذلك، بأنه في الكيلومتر الواحد، يمكن لـ 66 سيارة صغيرة تسير على طول الطريق وتحمل كل سيارة شخصين ليصبح المجموع 132 شخصاً، أما في الجهة الأخرى وفي الكيلومتر الواحد من الطريق أيضاً، يوجد مثلاً 27 حافلة عادية وكل منها ممتلئة بنسبة 50 % حيث تتسع كل حافلة لـ 25 راكباً ليصبح المجموع 675 شخصاً، يتم استيعابهم ما يعني أقل من 6 حافلات لنقل ما يصل إلى 66 سيارة بشكل أفضل، وقد تصل لأقل من ذلك ولهذا السبب تقلل الحافلات الازدحام في المدينة.
وأشار اليامي إلى أن مترو الرياض يعد أطول شبكة مترو في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بطول إجمالي 176 كيلومتراً و84 محطة
وأوضح أنه سيكون لمترو الرياض توسعات مستقبلية للمسارات تتناسب مع كثرة المشاريع المستقبلية والنمو السريع المتوقع للمدينة، وسيجذب عديداً من الشركات الدولية والوطنية الكبرى، ما يعزز مكانة الرياض كمركز تجاري مركزي في المنطقة. وأوضح أنه يمكن لأنظمة المترو التأثير في أنماط التنمية الحضرية وتشجيع الإسكان عالي الكثافة والمناطق التجارية القريبة من المحطات، ما يقلل بشكل أكبر من الاعتماد على السيارات.
اقرأ أيضاً: مشروع مترو مكة.. نقلة نوعية في البنية التحتية للنقل السعودي
وأظهرت نتائج تحليل بعض الدراسات أن 34% و74% من سكان الرياض يمكنهم القيادة إلى محطة المترو خلال 5 و10 دقائق على التوالى، بينما 5% و14% من سكان المدينة يستطيعون المشي إلى محطة المترو خلال 5 و 10 دقائق على التوالى، كذلك 53% و76% من السكان يستطيعون المشي إلى محطة الحافلات في غضون 5 و10 دقائق على التوالى، وسيسهم وجود محطات الحافلات داخل الأحياء في ممارسة رياضة المشي.
من جهته، أكد عبد العزيز العتيبي المتحدث الرسمي للهيئة العامة للطرق في السعودية، أنه سيكون لمشروع المترو عديد من الإسهامات الهامة، ومنها تخفيف الكثافة على الطرق وهو الأمر الذي سينعكس على جودة حياة السكان والمحافظة على مستوى خدمة الطرق والحد من تهالكها والتقليل من التلوث.
وأكد أن المترو سيؤثر بشكل إيجابي في التوفير في زمن الرحلات، وسيسهم هذا في تعزيز مستوى السلامة ما يؤثر في تحقيق مستهدفات إستراتيجية قطاع الطرق التي تستهدف الوصول للمؤشر السادس عالمياً في جودة الطرق، مع خفض الوفيات لأقل من 5 حالات لكل 100 ألف نسمة بحلول 2030.
كما لفت اليامي إلى أن رحلات المترو المحددة بزمن معين ستقلص الوقت المهدر بالازدحام المروري وسترفع من إنتاجية الموظف الذي كانت ترهقه الطرق وتزيد الكفاءة اليومية وتسرع الأعمال التجارية.
اقرأ أيضاً: مؤشر جودة الطرق: السعودية في المرتبة الرابعة بين دول مجموعة العشرين
وحول الفوائد البيئية، أشار اليامي إلى أنه من خلال تقليل عدد المركبات على الطريق ويمكن لقطارات المترو تقليل التلوث، سيكون مترو الرياض قادر على خفض التلوث 20% في بداية تشغيله مقارنة بمترو سيول الذي يعزم على خفض التلوث 36% بحلول 2026.
كذلك أشار اليامي إلى أن مترو الرياض سيستخدم آلاف الخلايا الشمسية بمحطاته ومستودعاته، حيث يتميز عن غيره بإمكانية استخدام الطاقة الشمسية، ما سيساعد على توفير 20% من استهلاك الطاقة في التركيبات الكهربائية الرئيسية.
بدوره، عبدالله الخريف نائب رئيس غرفة الرياض، أوضح أن وجود وسائل النقل العامة كمترو أو حافلات يؤثر في جودة الحياة إيجايباً بشكل عام، لأنه يدعم تنقل الموظفين من أماكن عملهم، ويساعد على سرعة الوصول والتنقل، ويدعم إدارة اقتصاديات الوقت، ويحفز الشركات لاختيار مواقع قرب محطات المترو للتسهيل على الموظفين ويعزز إنتاجيتهم.
وفيما يتعلق بتعزيز النمو الاقتصادي، أوضح الكاتب الاقتصادي الدكتور إحسان علي بوحليقة، أن دراسات تحليلية عدة تشير إلى أن مشاريع المترو يمكن أن تسهم في رفع عدد السكان والناتج المحلي الإجمالي ومعدل خلق الوظائف في المدينة، وأن التأثير الإيجابي يكون أعلى في المدن الأكثر تقدماً اقتصادياً وأعلى كثافة.
وتابع، أن دراسة إحصائية تناولت وضع المدن قبل المترو وبعد المترو في عدد من المدن الصينية، توصلت إلى أن أنظمة المترو كان لها تأثير إيجابي مهم اقتصادياً في معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي في المناطق الحضرية.
اقرأ أيضاً: صندوق الاستثمارات العامة السعودي يخصص مبلغاً كبيراً للمشروعات الخضراء