بالتزامن مع مؤشرات على تصعيد عسكري تقوده الولايات المتحدة، ووسط مخاوف سعودية من تفاقم الوضع؛ استدعت السعودية قادة الفصائل الموالية للإمارات في الساحل الغربي لليمن، ووفق وسائل إعلام يمنية، فإن قادة الفصائل المتمركزة في الساحل الغربي لليمن، وعلى رأسهم طارق صالح، وصلوا إلى الرياض لعقد اجتماع مع قائد القوات المشتركة للتحالف، فهد بن حمد السلمان، وحضر اللقاء قائد محور الحديدة الذي يوصف بكونه موالياً للسعودية وقائد اللواء التاسع عمالقة، يحيى الوحيش.
وذكرت المصادر أن السلمان أكّد لطارق دعم بلاده لتحقيق السلام والاستقرار في اليمن، وهو ما يعكس رفض السعودية لأي خطوات تصعيدية جديدة.
ويأتي هذا الاستدعاء وسط تصاعد التوتر في البحر الأحمر، حيث تحاول الولايات المتحدة تعبئة فصائل يمنية مدعومة من الإمارات في الجنوب الغربي من اليمن، فيما ردّت صنعاء بتنفيذ مناورات واسعة النطاق في البحر الأحمر.
ويفسر البعض هذا الأمر بكونه «خشيةً سعودية من توسع دائرة الصراع في البحر الأحمر»، التي قد تؤثر على خطوط تصديرها للنفط، وحرصاً منها على تجنّب التصعيد، مفضلةً المساعي الدبلوماسية لاحتواء الأزمة، أي أن هذه الخطوة تشير -من وجهة النظر هذه- إلى عدم رغبة الرياض في الانجرار مجدداً إلى مستنقع الحرب، خاصة بعد سنوات من الصراع الذي انتهى بموقف محرج للمملكة.
اقرأ أيضاً: سواحل البحر الأحمر: تحويل الحلم لواقع وإنتاج بالمليارات!
يشار إلى أن الصراع في البحر الأحمر بات يمثل أحد الملفات المعقدة في الشرق الأوسط، حيث يمتد أثره إلى مناطق استراتيجية تشمل حركة التجارة العالمية وأمن الطاقة، ويعد هذا الصراع امتداداً لتوترات عديدة تشهدها المنطقة، مع تزايد التوتر بين الولايات المتحدة وجماعات الحوثيين المدعومة من إيران، والتي تستهدف السفن التجارية والمنشآت البحرية بشكل متكرر.
وتأتي هذه الهجمات بالتزامن مع تصاعد الصراع في غزة، ما يثير قلق الدول الإقليمية والدولية من احتمال توسع رقعة النزاع ليشمل البحر الأحمر وقناة السويس التي تعد ممراً عالمياً للتجارة ونقل النفط بوصفها الممر الذي يربط البحر المتوسط بخليج عدن والمحيط الهندي.
ويشكل الحوثيون، الذين يسيطرون على مناطق واسعة من شمال اليمن، مصدر قلق رئيسي في هذا السياق، إذ استغلوا موقع اليمن الجغرافي لتنفيذ هجمات بطائرات مسيرة وصواريخ مضادة للسفن على سفن تجارية ومنشآت بحرية في البحر الأحمر.
اقرأ أيضاً: الدور المهم الذي قامت به السعودية لوقف الحرب ودعم غزة
وتهدف هذه العمليات إلى توجيه رسائل ضمنية بقدرة الحوثيين على إحداث تأثيرات عميقة في شريان تجاري عالمي حيوي، مما يجعل البحر الأحمر نقطة اشتعال محتملة بين القوى الإقليمية والدولية.
والرد الأمريكي على هذه التهديدات لم يكن فقط عسكرياً، بل سعت واشنطن إلى تشكيل تحالفات بحرية متعددة الأطراف لتعزيز الأمن في المنطقة، وأطلقت قوات البحرية الأمريكية، بالتعاون مع حلفاء دوليين، عمليات بحرية مشتركة تستهدف ردع الهجمات التي يشنها الحوثيون.
ووفقاً لتقارير، أحبطت عدد من الهجمات الحوثية عبر استخدام الردع المباشر مثل تدمير زوارق مسلحة تابعة لهم، ومنعهم من تنفيذ هجمات على سفن تجارية عبر ردود فعل عسكرية مباشرة، ما يعكس استراتيجية «الردع بالقوة».
وبالإضافة إلى التصعيد العسكري، هناك جهود دبلوماسية مستمرة لمنع تدهور الوضع في البحر الأحمر، فالدول الخليجية، وعلى رأسها السعودية، تعبر عن مخاوفها من أن يؤدي استمرار التصعيد إلى زعزعة أمنها، خصوصاً في ظل اعتمادها على خطوط نقل النفط التي تمر عبر البحر الأحمر.
وقد سبق للسعودية أن عبرت عن موقفها الرافض للتصعيد في هذا الممر البحري الحيوي، مؤكدةً على رغبتها في اتباع مسار دبلوماسي لتجنب المزيد من التوترات، ولكنها تواجه تحديات مع استمرار الحوثيين في استهداف المصالح الحيوية، بما يزيد من تعقيد جهود احتواء الأزمة.
علاوة على ذلك، تُعتبر هذه الأحداث في البحر الأحمر جزءاً من ديناميكيات أوسع تشمل التدخلات الأمريكية في الشرق الأوسط، والموقف الإيراني المعادي لهذه التدخلات، وتصاعد القلق الدولي بشأن سلامة الممرات المائية في ظل النزاعات الحالية، ففي مجلس الأمن، حذرت دول كاليابان والولايات المتحدة من التأثيرات الاقتصادية المحتملة لأي اضطرابات في البحر الأحمر، معتبرةً أن الأمن البحري مسألة عالمية تتطلب استجابة جماعية، بينما أبدت دول أخرى مثل الجزائر تفهمها لأهمية الممر البحري لكن دعت إلى حل الصراعات الإقليمية من خلال تسوية سياسية شاملة.
اقرأ أيضاً: هل ستصبح سواحل البحر الأحمر في السعودية الوجهة السياحية الأولى في العالم؟