تخصص السعودية جائزة ملكية للتعاون الثقافي مع جمهورية الصين الشعبية، وذلك في إطار توثيق العلاقات مع الدول تعزيزاً للحاضر واستشرافاً للمستقبل، وتميزت العلاقة بين السعودية والصين خلال العقدين الماضيين بالتنامي، لدرجة أنها أسست لحقبة جديدة من العلاقات التاريخية بين البلدين، بما يؤسس لبعد استراتيجي يعطي إطاراً للعمل المشترك بين الجانبين على الأصعدة كافة.
وتشمل أوجه التعاون الحالية المجالات الاقتصادية والعلاقات الإنسانية والثقافية، والتي تتضمن رؤية الصين الحزام والطريق التي أطلقتها الصين في العام 2013 على أنقاض طريق الحرير التاريخي، وتهدف هذه الرؤية إلى ربط الصين مع العالم عبر أضخم بنية تحتية في تاريخ البشرية تشمل تجهيز الطرق والموانئ والمناطق الصناعية وغيرها، لربط قارات آسيا وأوروبا وأفريقيا بعضها ببعض تجارياً كما كان الحال عليه في طريق الحرير التاريخي، وهو ما ينسجم إلى حدٍ بعيد مع رؤية المملكة 2030 في خلق واستغلال فرص تعميق العلاقات التجارية الخارجية للسعودية.
وفي هذا الإطار شهدت زيارة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود للصين في العام 2019، إطلاق وزير الثقافة السعودي جائزة ملكية للتعاون الثقافي بين البلدين حملت اسم، جائزة الأمير محمد بن سلمان للتعاون الثقافي بين المملكة العربية السعودية وجمهورية الصين الشعبية، التي تعتبر حجر الأساس في العلاقة بين البلدين فيما يتعلق بالشؤون الثقافية، من خلال عدد من مسارات التعاون والتبادل الثقافي.
ويتضمن برنامج عمل الجائزة التفصيلي، تشجيع التقارب بين القائمين على القطاع الثقافي في كلا البلدين سواء على صعيد الحراك القائم أو الجانب الحضاري، والعمل على تقديم المملكة من هذا الجانب في الأوساط الصينية الثقافية والشعبية على حد سواء، إضافة إلى التعريف برؤية المملكة 2030 وتسليط الضوء على الجوانب المشتركة بينها وبين الرؤية الصينية في مبادرة الحزام والطريق.
إقرأ أيضاً: أضواء سعودية تلهم الصينيين في «تيان تان»
من جانب آخر تتبع الجائزة الملكية تنظيمياً لوزارة الثقافة السعودية، ويتولى إدارتها تنفيذياً أمانة عامة تعمل تحت إشراف مكتبة الملك عبد العزيز العامة، وتتمتع الجائزة بهيكل تنظيمي يتضمن مجلس أمناء يرأسهم وزير الثقافة، وتغطي الجائزة أربعة أفرع ثقافية يتم من خلالها منح الجائزة هي؛ فرع الأبحاث والدراسات الثقافية، وفرع الأعمال الفنية والإبداعية، وفرع الترجمة ويشمل النقل من العربية إلى الصينية وبالعكس، وفرع شخصية العام والتي يتم اختيارها من أحد البلدين على أن تكون لامعة في الشأن الثقافي.
أمّا الفائزون الأربعة فيحصل كل واحدٍ منهم على شهادة تقدير تتضمن أسباب استحقاقه للجائزة، ويتلقى الفائز أيضاً مبلغاً مالياً قيمته 375 ألف ريال سعودي أي حوالي 100 ألف دولار أمريكي، بالإضافة إلى ميدالية تذكارية، ويتلقى الفائزون جوائزهم خلال حفل تذكاري مخصص للمناسبة.
إقرأ أيضاً: مكتبة الملك عبد العزيز العامة: حافظة للتاريخ العربي
وفي ذات السياق تم الإعلان في الـ18 أكتوبر الجاري عن الدورة الأولى للجائزة، خلال مؤتمر صحفي جرى خلاله إطلاق الجائزة بصورة رسمية بحضور الأمين العام للجائزة الدكتور عبد المحسن العقيلي، وعدد من وسائل الإعلام الصينية والعربية.
وحددت الأمانة العامة للجائزة الملكية فترة الترشح بين يومي 17 أكتوبر 2024 وحتى نهاية فبراير 2025، وأشاد الأمين العام الدكتور العقيلي بمساهمة الجائزة في تمتين العلاقات والتفاهمات الحضارية بين البلدين، لاسيما أنهما يشتركان بالإرث الثقافي الغني والتاريخ الحضاري العريق والمشرف.
وفي سياق مواز، كانت المدارس السعودية بدأت منذ العام 2020 بإدراج اللغة الصينية كلغة ثالثة في مدارسها، وجرى تطبيق التجربة في البداية ضمن المدارس المتوسطة في كل من الرياض وجدة والدمام، ما وسع آفاق التعلم أمام الطالب السعودي الراغب بالتخصص باللغة الصينية في المرحلة الجامعية.
وكرؤية مستقبلية يشكل إدراج اللغة الصينية في المنهج التعليمي السعودي، خطوة ذات احتمالين الأول توفير فرص عمل للدارسين والمتخصصين في المجال، أمّا الوجه الآخر فمن خلال نشر اللغة في الأوساط التعليمية بالمملكة، الأمر الذي سينعكس على عمق علاقات التعاون بين البلدين من النواحي الثقافية والتعليمية والتجارية، ويؤسس لشراكة استراتيجية تجمع الجانبين.
ويندرج التوجه السعودي الحالي نحو الصين في إطار رؤية المملكة 2030 بتعزيز فرص النمو الاقتصادي غير المرتبط بالنفط، وتعزيز جودة الحياة عند المواطن السعودي، عبر الانفتاح على الثقافات الدولية مع التأكيد على الالتزام بالهوية الحضارية السعودية.
إقرأ أيضاً: اللغة الصينية تفتح آفاقاً جديدة للشباب في المملكة العربية السعودية