وسط الرياض، لقاءٌ استثنائيٌ يتجاوز الشعارات، ليضع خطواتٍ ملموسة على أرض الصراع الملتهبة، لقاءٌ بزغ منه أمل جديد بدولة فلسطينية مستقلة، وعلا فيه صوت السعودية، ليؤكد مجدّداً أن العدالة والسلام هما السبيل الأوحد للاستقرار.. إليكم التفاصيل!
أعلن وزير الخارجية السعودي، الأمير فيصل بن فرحان، أن المملكة عازمة على اتخاذ كافة الخطوات الضرورية لوقف إطلاق النار في غزة ولبنان، والعمل نحو حل دائم للقضية الفلسطينية، معيداً تأكيده رفض المملكة الإبادة الجماعية التي يمارسها الكيان الإسرائيلي في قطاع غزة.
وجاءت تصريحات الأمير فيصل في كلمته أمام الاجتماع الأول لـ «التحالف الدولي لتنفيذ حل الدولتين»، الذي يُعقد في الرياض لمدة يومين بمشاركة نحو 90 دولة ومنظمة، بهدف السعي إلى إقامة الدولة الفلسطينية ذات السيادة، وقد أبدى مجلس الوزراء السعودي في جلسته الأخيرة، برئاسة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، تطلعه إلى أن يسفر هذا الاجتماع عن خطوات عملية لدعم جهود الأمم المتحدة ومساعي السلام، وتحديد جدول زمني يجسد إنشاء الدولة الفلسطينية المستقلة وإنهاء الاحتلال.
اقرأ أيضاً: السيسي وبن سلمان: أوقفوا النار في غزة ولبنان
واعتبر وزير الخارجية السعودي أن هذا الاجتماع يمثل خطوة أولى نحو تحقيق هدف الدولة الفلسطينية، والذي يشكل شرطاً لاستمرار أي علاقة مستقبلية للمملكة مع الكيان الإسرائيلي، مشيراً إلى أن أمن المنطقة يرتبط بشكل وثيق بالتوصل إلى حل لهذه القضية.
وتطرق الأمير فيصل إلى «الأعمال الإسرائيلية العدائية والحصار الشامل والإبادة الجماعية» في شمال غزة مؤخراً، والتي تهدف إلى تهجير الشعب الفلسطيني من أراضيه، مشدّداً على أن المملكة ستواصل استخدام نفوذها على الساحة الدولية لتجييش الرأي العام العالمي لدعم وقف إطلاق النار في غزة، والعمل على إيجاد حل دائم لهذه القضية.
وأضاف بن فرحان: «لقد جعلنا السلام خياراً استراتيجياً لدولنا، وأكدنا استعدادنا الجدي للشراكة من أجل تحقيقه»، داعياً المجتمع الدولي إلى التحرك بشكل جماعي لتحقيق هذا الهدف، كما أعلن عن قمة متابعة عربية إسلامية مشتركة ستستضيفها السعودية في 11 تشرين الثاني/نوفمبر المقبل، لمناقشة استمرار العدوان الإسرائيلي على الأراضي الفلسطينية ولبنان وتطورات المنطقة، وذلك استكمالاً للجهود التي بدأت منذ انعقاد القمة الأولى، حيث أُنشئت لجنة وزارية مشتركة بذلت جهوداً دبلوماسية لوقف الحرب وتعزيز المساعي نحو حل شامل للقضية.
كما أكد وزير الخارجية دعم المملكة للسلطة الفلسطينية، ولوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا»، مشدّداً على الدور الحيوي للوكالة، ومنتقداً في الوقت ذاته السياسات الإسرائيلية التي تهدد بانهيار العمل الإنساني.
اقرأ أيضاً: الدور المهم الذي قامت به السعودية لوقف الحرب ودعم غزة
وشارك في الاجتماع مجموعة الاتصال الوزارية التابعة لجامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي والاتحاد الأوروبي والنرويج، حيث عبر الأمير فيصل عن أمله في أن يترجم هذا الالتزام إلى واقع من خلال خطوات عملية وجداول زمنية واضحة لإنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، والتي أصبحت حديثاً يزداد زخماً على الصعيدين الغربي والشرقي.
وأشار وزير الخارجية إلى أهمية أن تأتي هذه الاجتماعات بنتائج ملموسة تعزز «الحق الأصيل للشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وإنهاء الاحتلال، بما يضمن التعايش السلمي لشعوب المنطقة كافة».
وفي هذا السياق، قال مفوض «الأونروا» فيليب لازاريني خلال كلمته بالاجتماع، إن قطاع غزة يتعرض لتدمير منهجي، مضيفاً أن أكثر من مليوني فلسطيني اضطروا للنزوح الداخلي عدة مرات، وأوضح أن الهجمات على «الأونروا» تحمل أبعاداً سياسية تهدف إلى «التخلص من اللاجئين الفلسطينيين»، ما سيؤدي إلى تغييرات أحادية في إطار أي حل سياسي مستقبلي للصراع، معرباً عن قلقه إزاء تداعيات انهيار الوكالة، ووصفها بأنها «كارثية» على السلم والأمن الدوليين، مطالباً إسرائيل بالتراجع عن قرار حظرها.
كما أعربت الوكالة عن أملها بأن يسهم هذا الاجتماع في الوقوف إلى جانبها، للحفاظ على استمرارية خدماتها التعليمية والصحية في غزة والضفة الغربية وسط الوضع المتأزم في الأراضي الفلسطينية المحتلة، خاصة بعد صدور قانون من الكنيست الإسرائيلي يمنعها من ممارسة مهامها.
وفي مقابلة له على هامش الاجتماع، أفاد لازاريني بأن عدد القتلى في غزة تجاوز 43 ألفاً، معظمهم من النساء والأطفال، مضيفاً أن معظم السكان أُجبروا على النزوح وعاشوا تحت ظروف قاسية، حيث يتواجد أغلبهم حالياً في 10% فقط من مساحة غزة، في أوضاع متردية للغاية.
وأكمل قائلاً: «يوجد حالياً في شمال غزة حوالي 100 ألف شخص عالقين تحت حصار كامل، يتعرضون لخطر الموت سواء عبر القصف الجوي أو التجويع»، موضحاً أن «حوالي 660 ألف طفل اضطروا لترك مدارسهم ويعيشون بين الأنقاض، حيث يعيش العديد منهم بمفردهم بعد فقدان أسرهم».
يُذكر أن السعودية كانت قد أعلنت في سبتمبر الماضي، باسم الدول العربية والإسلامية وبعض الشركاء الأوروبيين، عن إطلاق «التحالف الدولي لتنفيذ حل الدولتين»، وذلك خلال اجتماع وزاري حول القضية الفلسطينية وجهود السلام، على هامش فعاليات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك.
اقرأ أيضاً: السعودية تستنكر مصادرة إسرائيل أرض مقر اللاجئين بالقدس