يشهد الاقتصاد السعودي تحولاً نتيجة الإصلاحات الجارية للحد من الاعتماد على النفط وتنويع مصادر الدخل وتعزيز التنافسية، ويمثل العام الحالي منعطفاً مهماً، حيث أصبحت المملكة في منتصف رحلتها نحو تحقيق رؤيتها لعام 2030.
كما تشير المراجعة السنوية الأخيرة للاقتصاد السعودي، فقد انعكس التقدم الكبير بوضوح على النمو غير النفطي الذي تسارعت وتيرته منذ عام 2021.
ويواصل الاقتصاد السعودي غير النفطي نموه بوتيرة سريعة، محققاً ارتفاعاً نسبته 4.4 % في عام 2023، وسط توقعات بتسارعه إلى أكثر من 5 % في العامين المقبلين.
وتستهدف المملكة نمو الاقتصاد غير النفطي بنسبة تتجاوز 5% على المدى المتوسط، في مؤشر جديد على استمرارية سياسة تنويع مصادر الدخل بعيداً عن النفط، التي تمثل أحد مستهدفات رؤية 2030، وفق تصريحات صحافية سابقة لوزير المالية السعودي محمد الجدعان.
مع انعقاد قمة مجموعة العشرين، أكبر حدث اقتصادي في العالم نظراً لوزن اقتصاداتها في الاقتصاد العالمي، في ريو دي جانيرو البرازيلية، نستعرض تصنيف السعودية ضمن أبرز المؤشر الاقتصادية.
حجم الاقتصاد
بالحديث عن أقوى اقتصادات العالم في 2024، تصنف المملكة العربية السعودية كواحدة من أفضل عشرين اقتصاداً في العالم، وأكبر اقتصاد في الوطن العربي والشرق الأوسط، كما أنها العضو العربي الوحيد في مجموعة دول العشرين.
ومن المتوقع أن تبلغ قيمة الناتج المحلي الإجمالي للسعودية 1.1 تريليون دولار في عام 2024، وفقاً لصندوق النقد الدولي، قبل أن ترتفع إلى 1.43 تريليون دولار بحلول 2029.
النمو الاقتصادي
وفق توقعات صندوق النقد الدولي، تتوسط السعودية معدلات النمو الاقتصادي المتوقع لعام 2024 بنمو 1.5%، فيما يرجح تسجيل المملكة رابع أعلى معدلات نمو خلال العام المقبل عند 4.6%، مع تلاشي أثر خفض انتاج النفط على الاقتصاد، بجانب الدعم القادم من القطاع غير النفطي.
التضخم
السعودية صاحبة ثالث أقل معدل تضخم العام الجاري بـ1.7%، فيما تسارع المعدل قليلاً في أكتوبر الماضي عند 1.9% مع مواصلة ضغوط أسعار إيجارات المساكن مع تزايد الطلب نتيجة تدفقات العمالة الوافدة مقابل تباطؤ المعروض من الوحدات السكنية.
نسبة الدين
نسبة الدين إلى الناتج المحلي السعودي، يتوقع أن تبقى ثالث أقل المعدلات بين دول مجموعة العشرين العام الجاري بـ28.3% على الرغم من تسارع وتيرة الإستدانة لتغطية العجز في الميزانية الناتج عن تسارع النفقات بوتيرة أسرع من الإيرادات المتأثرة بخفض انتاج النفط.
نصيب الفرد من الناتج
في ظل الناتج المحلي الضخم وعدد السكان الذي يتجاوز قليلاً الـ 32 مليون نسمة، يتوسط نصيب الفرد من الناتج المحلي السعودي نظيره لدى دول مجموعة العشرين، بنحو 32.9 ألف دولار في 2024، مرتفعاً من نحو 32.5 ألف دولار العام الماضي، في ظل توقعات نمو الناتج 3% تقريباً بالأسعار الجارية.
مؤشر ترتيبات العمل المرن
تقدمت المملكة في مؤشر ترتيبات العمل المرن 7 مراكز منذ عام 2021، لتحتل المرتبة 14 عالمياً لعام 2024، وعززت وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية السعودية سوق العمل التقليدي باستحداث أنماط عمل جديدة، عبر إطلاق 3 برامج جديدة لأنماط العمل تستهدف تشجيع أصحاب الأعمال على استقطاب الشباب السعودي الباحث عن عمل وهي: (برنامج العمل المرن، والعمل الحر، والعمل عن بُعد)، واستطاعت المبادرات الثلاث خلق المزيد من الفرص الوظيفية لأبناء وبنات المملكة.
مؤشر سهولة العثور على موظفين ماهرين
في مؤشر سهولة العثور على موظفين ماهرين في سوق العمل المحلي تقدمت المملكة 3 مراكز منذ عام 2021، لتحتل المرتبة 4 عالمياً لعام 2024، حيث أطلقت المملكة العديد من المبادرات والبرامج والقرارات التي تدعم جانب التدريب وتأهيل الكوادر الوطنية لسوق العمل، إضافة إلى إطلاق المرحلة الأولى من خدمة “التحقق المهني”، والذي يأتي في إطار جهود المملكة المستمرة لتطوير سوق العمل ورفع كفاءة العمالة المهنية، وتشمل المرحلة الأولى من البرنامج بالتعاون مع وزارة الخارجية 128 دولة، للتأكد من صحة مؤهلات ومهارات العاملين الوافدين في تلك الدول.
مؤشر مساواة الأجور للعمل المماثل بين الجنسين
وفي تقرير الفجوة بين الجنسين تقدمت المملكة العربية السعودية في مؤشر مساواة الأجور للعمل المماثل بين الجنسين مركزين منذ عام 2023 لتحتل المرتبة 13 عالمياً لعام 2024، وارتفعت حصة المرأة في سوق العمل، حيث سجل المؤشر 34.1% في الربع الأول 2024، وبلغ معدل المشاركة الاقتصادية للإناث السعوديات فوق سن 15 سنة 35.8% في الربع الأول 2024، وذلك نتيجة للتوسع في الشراكات مع القطاعات المختلفة بهدف خلق المزيد من الفرص وزيادة عدد المستفيدات من التدريب الموازي والمبادرات الأخرى الداعمة لتمكين المرأة في سوق العمل، وزادت نسبة النساء في المناصب الإدارية العليا والمتوسطة إلى 43.8%.
التنافسية العالمية
حققت المملكة المرتبة 16 عالمياً من أصل 67 دولة، هي الأكثر تنافسية في العالم حسب تقرير الكتاب السنوي للتنافسية العالمية، الصادر عن مركز التنافسية العالمي التابع للمعهد الدولي للتنمية الإدارية (IMD)، والذي يعد واحداً من تقارير التنافسية الرئيسة التي يتابعها ويحللها المركز الوطني للتنافسية بالتنسيق مع الجهات الحكومية ذات العلاقة.
وتقدمت المملكة مرتبة واحدة في نسخة العام 2024، مدعومة بتحسن تشريعات الأعمال، والبنى التحتية، ما جعلها في المرتبة 4 بين دول مجموعة العشرين، حيث تقدمت في محور كفاءة الأعمال من المرتبة الـ 13 إلى المرتبة الـ 12، فيما حافظت على مرتبتها السابقة 34 في محور البنية التحتية، وبقيت في المراتب العشرين الأولى في الأداء الاقتصادي والكفاءة الحكومية.
وفي مؤشرات التنافسية المرتبطة بالسوق المالية، واصلت المملكة العربية السعودية تقدمها في مؤشرات التنافسية المرتبطة بالسوق المالية محققة المركز الثالث بين الدول الأكثر تنافسية على مستوى مجموعة العشرين، وفقاً للكتاب السنوي للتنافسية العالمية الصادر عن (IMD) لعام 2023، إذ قفزت سبع مراتب عن مركزها الذي حققته عام 2022.
ووفقاً للتقرير، فقد احتلت المملكة المركز الأول في مجالس الإدارات على مستوى دول العشرين، والمركز الثاني في مؤشر الأسواق المالية، ومؤشر رسملة سوق الأسهم (نسبة من الناتج المحلي)، ومؤشر حقوق المساهمين، ومؤشر رأس المال الجريء، فيما جاءت ثالثاً في مؤشر السوق المالية، وخامسة في مؤشر أسواق الأسهم ( توفير التمويل للشركات) بين دول المجموعة.
كما حققت المملكة المركز الثالث على مستوى دول العالم في مؤشر رسملة سوق الأسهم (نسبة من الناتج المحلي) متفوقة على اليابان والهند وألمانيا والمملكة المتحدة والصين والولايات المتحدة الأمريكية، وهو نفس المركز الذي حققته في مؤشر رأس المال الجريء والذي تفوقت فيه على الهند والمملكة المتحدة وألمانيا واليابان والصين، أما في مؤشر السوق المالية (نسبة التغيير في المؤشر) فقد جاءت المملكة في المركز الخامس متفوقة على الهند والولايات المتحدة الأمريكية واليابان والصين وألمانيا والمملكة المتحدة.
معدل البطالة
سجلت البطالة بين السعوديين مستوى تاريخياً متدنياً عند 7.1% في الربع الثاني من العام الجاري 2024، تراجعاً من 7.6% في الربع الأول، وتقترب هذه المعدلات من المستويات التي تستهدفها رؤية السعودية 2030 عند 7%.
كما تراجع معدل البطالة الإجمالي للسعوديين وغير السعوديين إلى مستوى تاريخي متدني عند 3.3% في الربع الثاني من 2024، تراجعاً من 3.5% في الربع الأول.
إلى ذلك، تواصل السعودية تحقيق قفزات نوعية للمملكة في المؤشرات الاقتصادية العالمية، وسط توقعات، أن الأعوام القادمة ستحمل مراتب متقدمة في كافة المؤشرات الاقتصادية.
اقرأ أيضاً: السعودية تستهدف العالمية بـ 8 مدن واعدة!