حاورتها: ريما خيربك
عشقت دانية عقيل رياضة المحركات وسباقات الرالي، وحصلت في العام 2019 على أول رخصة منافسة وطنية لقيادة الدراجات النارية من الاتحاد السعودي للسيارات والدراجات النارية، لكن شغفها لم يتوقف عند هذا الحد بل انطلقت نحو عالم من السرعة، وتنافست مع أهم الأسماء الدولية لتكون نموذجاً مميزاً ليس للمرأة السعودية فحسب بل العربية أيضاً. وقد كان لأرابيسك لندن – السعودية فرصة التعرف عن كثب على الشخصية الفريدة للمحترفة السعودية دانية عقيل والدخول إلى عالمها المميز الذي يتسم بالبساطة والإبداع إلى جانب وضوح الرؤية.
بداية، أستاذة دانية عقيل، كنتِ أول امرأة سعودية وعربية وعالمية تحقق بطولة راليات الباها الصحراوية عن فئة (T3)، السؤال كيف تمكنت من تحقيق هذا الإنجاز؟ كيف كانت بداياتك، ومتى أحسست أن هذا المكان هو مخصص لك دون غيرك؟ هل كان هدفاً بالنسبة لك؟
الحمد لله أتتني فرصة أن أشارك في الراليات في عام 2021 بعد أن تلقيت دعوى لحضور رالي دكار في العام 2020، وتعرفت وقتها على الرياضة وبعدها اتخذت القرار بالمشاركة في جولة من كأس العالم للباها التي أقيمت في الشرقية في عام 2021، والحمد لله كون الجولة في المملكة، الاتحاد السعودي قدم لي المساعدة والإرشادات التي أحتاجها، كذلك وبتوفيق من الله استطعت العثور على رعاة لدعمي في أول سباق وبعد ذلك أنهيت الرالي وهذا كان الهدف، حصلت على نقاط للمشاركة في البطولة وبعد ذلك أكملت البطولة وطوال الوقت كان الهدف أن أنهي الرالي والحمد لله قدرنا أن نجمع النقاط الكافية للفوز في الكأس.
سُجل اسمك على لائحة المشاركين في عدد من البطولات الدولية، ما البطولة الأقرب لقلبك، وما السبب؟
الحمد لله كان لدي الفرصة كي أشارك في عدة بطولات وجولات، وكل بطولة وسباق له أثر معين وله ميزته فلا أستطيع أن أفرّق أو أن يكون لدي أولوية لأي من السباقات، جميعهم فعلاً لهم تحدٍ جميل جداً، ولهم جو مختلف عن بعضهم البعض، وأنا شخصياً أعترف أنّنا نستطيع الاستفادة من كل شيء، وأحلى ميزة في السباقات أن كل سباق له شيء معين يخص المكان، وبالتالي جميع الجولات والبطولات لها أثر إيجابي في أي مكان.
كانت دانية عقيل أول امرأة سعودية تحصل على رخصة منافسة وطنية في سباقات الدراجات النارية من الاتحاد السعودي للسيارات والدراجات النارية، كيف تحقق هذا الإنجاز وما الذي مثله في مسيرتك المهنية وما الذي يعنيه لك على الصعيد الشخصي؟
كنت مقيمة في دبي وأعمل في شركة استشارية هناك، وكان لدي دراجة نارية سريعة، وكنت أخذها للحلبة السريعة وأشارك فيما يدعى “أوبن تراك دي” (Open Track Day) وهو يوم مفتوح لاستخدام الحلبة، وبهذا تعرفت على مجتمع الدراجات في الإمارات ودخلت المنافسات للبطولة المحلية، وذلك بسبب شغفي لهذه الرياضة ومحبتي لأجوائها والمحيط الموجود في الحلبة، وكان ذلك بالتدريج، إذ كنت أذهب فقط بالعطلة الأسبوعية إلى الحلبة، وتعرفت على الناس هناك، ثم تحسنت سرعتي وأدائي، وبعد ذلك عندما جاء وقت الموسم قررت أن أشارك، وبالفعل تجاوزت الاختبارات اللازمة للحصول على الرخصة، والحمد لله الاتحاد السعودي قرر أن يصدر أول رخصة لسيدة في هذا المجال، فهي كانت فقط نية أن أستمتع وأشعر نفسي أنني جزء من رياضة أنا أستمتع بها.
جائزة أفضل رياضي صاعد في كأس دوكاتي بالإمارات العربية المتحدة كانت من نصيبك في العام 2019، السؤال هنا ما الفرق بين قيادة الدراجة النارية والسيارة في السباقات؟
الفرق بين الدراجات النارية والسيارة طبعاً الفرق الواضح أن واحدة على عجلتين والثانية أربع عجلات، الشيء الثاني أنّي قدت السيارات في البر الصحراوي أثناء المشاركة في سباقات الرالي، بعيداً عن الأسفلت والطريق، أمّا بالنسبة للدراجات فكنت أقود في الحلبة على الأسفلت، وهذه نقطة فرق واختلاف تام، أحببت بالطبع المنافسة على الدراجات النارية في الأسفلت، ولكن أيضاً استمتعت كثيراً في الراليات الصحراوية خاصة أننا نقطع مسافات طويلة، فنكون مندمجين مع الطبيعة، فلكل رياضة ميزتها والحمد لله كنت سعيدة بالرياضتين.
ما البطولة التي لم تشاركي بها بعد وتشكّل هاجساً وأولوية بالنسبة لك ولماذا؟
لا يوجد بطولة إلى الآن لم أشارك بها، الحمد لله البطولات التي استهدفت المشارة فيها استطعت أن أحقق الأهداف.
السقوط الحر (Free Fall) عنوان الكتاب الذي قمت بتأليفه بعد الإصابة التي تعرضت لها، هل هو رحلة تأمل وعودة للذات، أم مجرد دخول في مرحلة جديدة من حياتك، وما الرسالة التي أردت توصيلها من خلاله، وهل نجحت في ذلك؟
لم يكن لدي رسالة من وراء الكتابة، كان فقط لدي وقت في المنزل للعلاج، وشعرت أنني أريد أن أنتج، وكان يلزمني الدخول في مشروع مثل أهداف يومية، فجاء القرار بأن أكتب قصص قصيرة عن ذكريات بسيطة جداً، مررت بها سواءاً كانت عن السباقات أو عن حياتي المدرسية، أو عن عائلتي أو تجربتي في السعودية وبعد ذلك في بريطانيا كطالبة، فأحسست أنّ وقت العلاج، أنني أحتاج أن أنتج وأهداف يومية كي تساعدني على مرور الوقت، ووجدت أنّ هناك فائدة من تحليل بعض المواقف واستخلاص الدروس والعبر منها، وما الأشياء التي استفدتها، وقررت أن أشاركها مع الناس، بحكم أنهم ربما استفادوا قراءة عن أشياء أنا تعلمتها وأخطاء أنا ارتكبتها والأشياء التي تعلمت منها وهكذا.
لاشك أنّ سباقات المحركات سواء الرالي أم الدراجات النارية تعد من الرياضات الخطرة، كيف تتعاملين مع منطق الإصابة واحتمال التعرض لحادثة ربما تكون خطرة لدرجة كبيرة؟
طبعاً أي شيء في الحياة ممكن أن تسبب لنا نوع من الخطر، لكن أعتقد أنه إذا السائق أو السائقة لهم احترام كبير للرياضة والخطورة التي تنطوي عليها، بإمكانهم تجنب الأخطاء التي يمكن أن تؤدي إلى لا سمح الله حوادث، فيعني أتوقع أنّ الاحترام أهم شيء وفعلاً السائق أو السائقة ليسوا ملزمين أن يقودوا بطريقة لا تكون مريحة لهم، وأهم شيء أن نحاول أن نحقق أهدافنا دون تعدي حدودنا ونكون شاعرين بالراحة طيلة الوقت.
من هو نجم الرالي الذي تحلم دانية عقيل بمواجهته والتغلب عليه، ومن هو السائق القدوة بالنسبة لك؟
لا يوجد اسم في خاطري، وأحترم الناس الذين يتنافسون معي في السباقات وأحترم المنافسة بحد ذاتها، ونحن نستطيع أن نتعلم من الكثير من الناس لهم صفات معينة، ولا يوجد شخص أو اسم معين في ذهني.
كيف تنظمين روتينك اليومي للتوفيق بين التدريبات الرياضية المكثفة، والالتزامات العائلية، والعناية بنظامك الغذائي، وما هي العادات التي تحرصين عليها لتحقيق هذا التوازن؟
بالنسبة لي الالتزامات العائلية سهلة جداً كوني مقيمة مع جدتي أم والدتي، فنمضي الوقت سوية طوال اليوم، لحظات حوار طويلة، وهي كبيرة العائلة وبالتالي يزورها أبناؤها فمن السهل أن أرى العائلة الحمد لله، بسبب وجودي في بيت الشخص الكبير في العائلة، وبالنسبة للنظام الغذائي والرياضة، هذه أشياء أنفذها يومياً أعتني باللياقة البدنية والقوة والغذاء الصحي بشكل يومي، ليس لدي موسم أركز فيه وموسم أرتاح فيه، بل أحاول أن أمضي إثنا عشرة شهراً في السنة على نظام مريح وقوي، يجهزني للسباقات حين يأتي وقتها.
حققتي بطولات عالمية وحصلتي على التكريم في فرنسا، كيف كان شعورك خلال هذه التجربة وما الذي ميز تلك اللحظة؟
الحمد لله استطعنا تحقيق إنجاز قوي في أول سنة وكانت تجربة ممتعة جداً، وفتحت لي التجربة الكثير من الآفاق بلقاء أبطال من جميع أنحاء العالم متواجدين في نفس المكان، وتعرفت على رياضة المحركات في الكثير من البطولات والسباقات المختلفة، وأنواع كثيرة من الرياضة بمحيط رياضة المحركات، فأحببت هذا الشيء ونحن نستطيع التعلم من الأبطال الآخرين ونتعرف عليهم ونستفيد من خبراتهم، وبالتالي توسعت نظرتي وتفكيري عن هذه الرياضة بسبب أنني وجدت عدة أنواع ضمن رياضة المحركات.
هل الرالي مهنة أم هواية في حياة دانية عقيل، وما الطموحات والخطط المستقبلية في إطار رؤية المملكة 2030 التي تحرص على تمكين المرأة السعودية في المجالات شتى؟
إلى الآن أنا عملي كله مهتم في الراليات، ولكن هي أيضاً هواية بسبب محبتي لها، طموحاتي أن أتمكن من الوصول إلى منصة تتويج رالي دكار بإذن الله، وهذا هو الهدف الأول والفوز ببطولات عالمية بإذن الله وبطولات محلية أيضاً.
ما النصيحة التي ترغبين بتوجيهها للشابات السعوديات، ولمن يمتلكن شغف مشابه لكن ربما الظروف لا تساعدهن؟
نصيحتي في حال كان لديهن الرغبة بالمشاركة والاجتهاد في الرياضة أو في أي عمل، أن يمتلكن الثقة بأنفسهن لكن أن يكون لديهن التواضع للاستفادة من خبرة المحترفين في المحيط الذي يتواجدون فيه، وألا يحاولن تجاوز حدودهن في وقت أسرع مما يمكن أن يمنحهم الراحة، لأنّ أهم شيء في السباقات أن نكون مرتاحين، وان شاء الله نقدر أن نكون صبورين ونستطيع تحسين مستوانا وأدائنا على المدى الطويل بإذن الله.
اقرأ أيضاً: مها الملوح ترسم قصص الطبيعة بلغة الماورائيات