في عالمٍ تتصدر فيه الابتكارات الغذائية المشهد، وتتحول فيه الخامات الطبيعية إلى قصص نجاحٍ تجوب الأسواق العالمية، يسطع التمر السعودي ككنزٍ من كنوز الطبيعة، ليأخذ مكانته كأيقونة جديدة في صناعة المشروبات، فمن قلب المدينة المنورة، حيث تُروى النخيل من عراقة الأرض وتراثها، أطلقت شركة «تراث المدينة» شرارة الإبداع بتحويل التمر إلى مشروب غازي عالمي يحمل اسم «ميلاف كولا».
هذه الخطوة ليست مجرد تجربة إنتاجية؛ بل هي رسالة إلى العالم بأن التمر السعودي قادر على أن يتجاوز كونه مجرد ثمرة، ليصبح رمزاً للجودة، والإبداع، والتنوع الغذائي، وبين أروقة معرض «عالم التمور» في الرياض، كُشف النقاب عن هذا المنتج المميز الذي يعِدُ بإعادة تعريف المشروبات الغازية بمفهوم جديد يرتكز على التراث والابتكار معاً.
وفي التفاصيل، أطلقت شركة «تراث المدينة» منتجها التحويلي الجديد «ميلاف كولا»، وهو مشروب غازي مستخلص من التمور، ليكون أول منتج عالمي من هذا النوع، ومن المقرر طرحه قريباً في الأسواق السعودية، في خطوة تهدف لتعزيز مكانة التمور السعودية وتوسيع استخداماتها.
أعلن عن هذا المنتج المبتكر خلال فعاليات معرض عالم التمور المقام حالياً في الرياض، وتأتي هذه الخطوة ضمن جهود الشركة لتقديم مجموعة متنوعة من المنتجات التحويلية عبر علامتها التجارية «ميلاف»، بهدف إثراء السوق المحلية بمنتجات ذات جودة عالمية وقيمة غذائية عالية.
وفي هذا السياق، أوضح المهندس بندر القحطاني، الرئيس التنفيذي لشركة «تراث المدينة»، أن الشركة تعمل بشكل مستمر على تطوير منتجات مبتكرة تسهم في رفع قيمة التمور السعودية، مع التركيز على تحقيق معايير غذائية عالمية تلبي تطلعات المستهلكين، وأكد أن «ميلاف كولا» يمثل أحد الإنجازات البارزة للشركة، حيث يهدف ليكون منافساً قوياً في سوق المشروبات الغازية العالمية.
اقرأ أيضاً: السعودية: 1.6 مليون طن إنتاج التمور سنوياً وصادرات بأكثر من 1.28 مليار ريال
كما أشار القحطاني إلى أن الشركة تخطط لإطلاق مزيد من المنتجات التحويلية من التمور في المستقبل القريب، بالتعاون مع وزارة البيئة والمياه والزراعة والمركز الوطني للنخيل والتمور، وذلك لتقديم منتجات تحمل قيمة غذائية مميزة تعكس أهمية التمور ومشتقاتها على المستوى العالمي.
ومن الجدير ذكره، أن التمور ليست مجرد مكون غذائي تقليدي في الثقافة العربية، بل هي رمز للهوية والثراء الزراعي في المملكة العربية السعودية، وقد لعبت هذه الثمرة الصغيرة دوراً بارزاً عبر التاريخ في دعم الأمن الغذائي، حيث عُرفت بقيمتها الغذائية العالية وسهولة تخزينها واستهلاكها، ومع التطور الاقتصادي والتكنولوجي الذي تشهده المملكة، أصبحت التمور ركيزة أساسية في استراتيجية التنويع الاقتصادي وتعزيز الصادرات غير النفطية.
تُعد المملكة العربية السعودية واحدة من أكبر منتجي التمور في العالم، إذ تحتضن ما يقرب من 30 مليون نخلة تنتج أصنافاً متنوعة من التمور ذات الجودة العالية، ورغم تميّز هذه التمور بسمعتها الرفيعة محلياً ودولياً، ظهرت الحاجة إلى التوسع في استخداماتها بما يتجاوز استهلاكها التقليدي، ما أدى إلى التركيز على الصناعات التحويلية التي تضيف قيمة اقتصادية وغذائية للتمور.
اقرا أيضاً: البريده تدخل موسوعة غينيس لأكبر كرنفال للتمور
خلال السنوات الأخيرة، وبدعم من رؤية المملكة 2030، برزت مبادرات حكومية وخاصة تهدف إلى الاستفادة من التمور في تصنيع منتجات مبتكرة قادرة على المنافسة في الأسواق العالمية، وهذا التوجه يندرج ضمن الجهود الوطنية لتسليط الضوء على التمور كأحد المنتجات الاستراتيجية، وذلك من خلال تطوير تقنيات حديثة تُعزز من جودتها، وإطلاق مشاريع تدعم تنويع المنتجات وتحقيق الاستدامة.
وشركة مثل «تراث المدينة» تأتي في مقدمة هذا التحول، حيث تسعى إلى دمج التراث الزراعي مع الابتكار الصناعي لإنتاج منتجات تحويلية متقدمة، وهذه الجهود لا تهدف فقط إلى تلبية احتياجات السوق المحلية، بل تهدف أيضاً إلى وضع التمور السعودية في مصاف المنتجات العالمية ذات القيمة المضافة، ما يعكس التزام المملكة بالاستفادة من مواردها الطبيعية لتحقيق تطلعاتها الاقتصادية والبيئية.
اقرا أيضاً: الرياض على موعد مع «بلاك هات» للأمن السيبراني