مع اقتراب العام 2024 من نهايته لابدّ من استعراض أبرز المحطات في العام على الصعيد الثقافي، والإشارة إلى الجهود الحثيثة لوزارة الثقافة السعودية، في إطار عام الإبل وهي التسمية التي اتخذتها هذه السنة، ضمن التوجه القائم لتكريس العناصر الثقافية الفريدة في المملكة مع بداية كل عام.
وكانت الأعوام السابقة قد احتفلت بعدد من العناصر الثقافية المكونة للحضارة السعودية، إذ حمل العام السابق 2023 تسمية الشعر العربي، على اعتبار أنه المكون الثقافي الأصلي في شبه الجزيرة العربية، ويعكس المكانة الكبيرة للسعودية في المحافل الأدبية العربية.
أمّا العام الذي سبقه 2022 فحمل تسمية القهوة السعودية، على اعتبارها المكون الأساس في العادات والتقاليد المحلية، والمعبر عن كرم الضيافة العربية الأصيلة، التي تعتبر الموروث الشعبي الرئيس في المملكة.
وفي ذات السياق حمل العام 2021 تسمية عام الخط العربي، على اعتباره أحد رموز المملكة الثقافية الأساسية، من خلال تكريس خصائصه الهندسية والجمالية والتاريخية.
أمّا عام الإبل فاكتسب تسميته من رمزية الإبل في المجتمع السعودي، وكونه جزءاً أساسياً من حياة أبناء شبه جزيرة العرب، لأعوام وعقود قد خلت، فكان الإبل حاضراً عند قطع المسافات الطويلة، وفي كافة تفاصيل حياة الإنسان السعودي على مرّ العصور، ليكون سفينة في الصحراء وقارب نجاة في الحياة.
اقرأ أيضاً: «دليل الإبل» من مجمّع الملك سلمان، ما محتواه؟
وجاءت المبادرات والأنشطة والبرامج الثقافية المصاحبة لعام الإبل، كنوع من الاحتفاء بالقيمة الثقافية الفريدة بما يعزز المكانة الثقافية والحضارية للمملكة على الصعيدين المحلي والدولي، ولم يقتصر الحراك الثقافي على الجانب التعريفي، بل تعداه إلى عدد من الأنشطة الترفيهية والرياضية.
ومن التجارب الاستثنائية خلال العام، تلك المتواجدة في منطقة “سيتي ووك” بجدة، ويستعرض الجناح التابع لوزارة الثقافة في موسم جدة الترفيهي، كيفية نشوء العلاقة بين الإنسان والإبل عبر سبعة أركان، تقدم تعريفاً بالقيمة الحضارية الفريدة للإبل، والعادات والتقاليد المرتبطة، إلى جانب الموروث الثقافي والتاريخي، والدور الاقتصادي للإبل في الحياة العامة.
إلى جانب مجموعة من مجسمات الإبل والزينة التي توضع عليها، والتفاصيل التراثية والطبيعية التي تعبر عن البيئة الصحراوية المحيطة، كأزهار الخزامى البرية.
ومن اللافت أيضاً في الجناح التجربة التفاعلية التي يقدمها لزواره، من خلال التعريف بأصوات الإبل، بالإضافة إلى التجربة البصرية الغنية الخاصة بالنقوش التراثية التي ارتبطت بالإبل، والتعريف بأسماء أشهرها في معاجم اللغة العربية.
اقرأ أيضاً: تصميم الأزياء بجلد الإبل إبداعٌ يتناغم مع الأصالة
ومن الأنشطة الثقافية المرتبطة بعام الإبل الجناح القائم في معرض الكتاب بالمدينة المنورة، والذي يقدم لزواره محتوى معرفياً متكاملاً، يعرّف الزوار على خصائص الإبل وأسماءها وقيمتها التاريخية، إلى جانب التعريف بالسلالات المختلفة ومميزاتها، ما يمنح الزوار تجربة غير عادية.
وكانت السعودية قد شاركت في تدشين السنة الدولية للإبليات، التي أطلقتها منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة الـ”فاو”، نظراً لجهود المملكة في الاهتمام بقطاع الإبل بالتوازي مع تحقيق مستهدفات الأمن الغذائي والنمو الاقتصادي في القطاع.
ومن محطات عام الإبل إطلاق منحة دراسات الإبل في ستة مجالات رئيسة بالتعاون مع وزارة البيئة والمياه والزراعة، وهي في المجال التاريخي والثقافي والاجتماعي، والمجال الاقتصادي والبيئي والصحي، وبلغ عدد الأبحاث المتقدمة للمنحة 405 بحثاً من 15 دولة، ترشح منها عشرون بحثاً فقط.
وفي سياق مواز شاركت السعودية في مسير الإبل بالعاصمة الفرنسية باريس، والذي جاء برعاية المنظمة الدولية للإبل.
اقرأ أيضاً: الإبل في السعودية: قيمة السوق تصل إلى 50 مليار ريال
ويحظى مربو الإبل في السعودية باهتمام خاص، حتى يتمكنوا من رعاية الإبل وتقديم أفضل المنتجات، وتجاوز الصعوبات الاقتصادية والصحية كافة.
ومن الفعاليات الرياضية المرتبطة بالعام، إطلاق أكبر جائزة في تاريخ مسابقات الإبل، ضمن فعاليات مهرجان الملك عبد العزيز للإبل، وهي طائرة خاصة يحصل عليها صاحب الناقة الفائزة، كما أنّ راعي الحفل سيسلم عليه، وهي مسابقة تتم إدراتها عبر منصة راعي النظر الرقمية، المتخصصة بسباقات الإبل، ومن المفاجئات السارة لمحبي الإبل مع نهاية العام الخاص بها، عودة منافسات الشداد عبر منصة راعي النظر، والتي ستعتمد في نسخة هذا العام على إشراك الجمهور في المسابقة، من خلال السماح لهم باختيار المنقيات المشاركة في أجواء من الحماس الغامر، للمتسابقين والحاضرين.
وفي الختام لابد من الإشارة إلى أنّ هذا المرور السريع على بعض المحطات في عام الإبل يعكس الأجواء العامة خلال سنة 2024، ولكن عدد البرامج والمبادرات كان أكبر من ذلك بكثير، وكان الهدف منها إحياء وتكريس قيمة الإبل والإضاءة على أهميتها في المجتمع السعودي عبر التاريخ وفي الحاضر، لضمان استمرارية المفهوم والحفاظ على شعبيته.