بعد تصدر المملكة العربية السعودية لمؤشر الأمن السيبراني وتفوقها في هذا المجال، يبدو أنها تريد نقل تجربتها ومعارفها لأشقائها العرب، فما كان منها إلا أن تقترح إنشاء مجلس وزراء للأمن السيبراني للعرب برعاية خادم الحرمين الشريفين وولي العهد السعودي، هذا الاقتراح الذي شهد ترحيب واسع من قبل الدول العربية، مؤكدين على أهمية الاستفادة من التجربة السعودية التي ستلقي بظلال نجاحها على بلدانهم.
وقد ترأست المملكة الجلسة العادية الأولى لمجلس وزراء الأمن السيبراني العرب التي تم عقدها في الرياض، وذلك بحضور المعنيين الممثلين عن الدول العربية في هذا المجال، وأمين جامعة الدول العربية أحمد أبو الغيظ.
وبدأ الاجتماع بكلمة ألقاها محافظ الهيئة الوطنية للأمن السيبراني الذي أكد فيها على أهمية هذه المبادرة، وانطلاقها من شعور السعودية بالمسؤولية العربية ومبدأها الراسخ بأهمية صيانة الأمن العربي عامة والأمن السيبراني خاصة، وأهمية تنسيق الجهود العربية، والتعاون مع الأشقاء العرب بكا ما فيه خير لأوطاننا وحماية لمقدراتنا، كما أكد في كلمته على أن الترحيب الحار الذي تلقته السعودية بسبب هذا الاقتراح يؤكد على أهمية الأمن السيبراني لدى الدول العربية، ووعيهم بأهمية هذه الخطوة للحفاظ على أوطانهم من تحديات تكنولوجية قد تمس بأمنهن وأمن بلدانهم.
كما تقدم محافظ الهيئة الوطنية للأمن السيبراني بالشكر الكبير لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود وولي العهد السعودي محمد بن سلمان على دعمهما هذه الخطوة وكل ما من شأنه تعزيز العمل العربي المشترك، وصون أمن البلدان العربية والحافظ على استقرارها.
فيما أكد أمين جامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط على أهمية التعاون العربي في هذا المجال، في ظل التحديات والتهديدات المتجددة، وما يشهده العالم من تطورات كبيرة على هذا الصعيد، كما أشار إلى أهمية التعاون العربي المشترك لبناء جبهة قوية في مواجهة التحديات بالغة الخطورة، وكما أكد على إيمانه الكبير بأن مجلس وزراء الأمن السيبراني العرب سيكون إضافة كبيرة وهامة على منظومة الأمن العربي القومي، كما قدم شكره الكبير للمملكة العربية السعودية على مبادرتها الكريمة والرائدة في إنشاء هذا المجلس.
هذا وقدم أعضاء الدول العربية مجموعة من أوراق العمل التي تم استعراضها في مجلس الاعضاء وتم مناقشتها من قبل جامعة الدول العربية، كما تم التوصل إلى مجموعة من القرارات، ومنها بدء العمل على إعداد الإستراتيجية العربية للأمن السيبراني واعتماد تعيين الأمين العام وأعضاء المكتب التنفيذي للمجلس، وإقامة التمارين السيبرانية المشتركة، واعتماد هيكلة وآلية عمل المجلس، كما تم مناقشة مجموعة من المواضيع الجديدة، ومنها كيفية التعاون مع الأمن السيبراني الدولي والمنظمات الدولية المعنية، وأوجه التحديات السيبرانية والاقتصادية والتنموية، بما يعزز الأمن القومي العربي السيبراني.
ويعد هذا المجلس المقترح الذي تقدمت السعودية بطرحه مسؤولاً عن رسم السياسات العامة ووضع الإستراتيجيات والأولويات التي من شأنها تطوير العمل العربي المشترك في المجال، ويهدف المجلس إلى تحقيق مجموعة من الغايات، منها تنمية وتوثيق التعاون، وتنسيق الجهود بين الدول العربية في جميع الجوانب المتعلقة بموضوعات الأمن السيبراني، وتبادل المعرفة والخبرات والدراسات والتجارب ذات العلاقة بتلك الجوانب، والعمل على حماية مصالح الدول الأعضاء بالجامعة في المنظمات الدولية المختصة، من خلال التنسيق المشترك، وتوحيد الموقف العربي فيما يتعلق بهذا المجال أمام المنظمات والكيانات الدولية، والإسهام في الوصول إلى فضاء سيبراني عربي آمن وموثوق، يُمكّن من تحقيق النمو والازدهار لجميع الدول الأعضاء.
ووقعت المملكة العربية السعودية اليوم، على هامش أعمال الدورة العادية الأولى لمجلس وزراء الأمن السيبراني العرب، اتفاقية مقر مع المجلس، وبموجب هذه الاتفاقية سيتخذ المجلس من مدينة الرياض مقرا دائماً له، بما في ذلك الأجهزة التابعة له الأمانة العامة والمكتب التنفيذي.
وبالعودة إلى المملكة العربية السعودية، فقد اعتبرت السعودية نموذجاً رائداً في الفئة الأعلى (Role Model) للمؤشر العالمي للأمن السيبراني 2024م الذي يقيس الالتزام به لأكثر من (190) دولة عضوا بالأمم المتحدة، وذلك بحسب تقرير الأمم المتحدة الصادر عن وكالتها المتخصصة بتكنولوجيا المعلومات والاتصالات.
ويعمل هذا المؤشر على قياس التزام الدول من خلال (83) مؤشرا فرعياً موزعة على خمسة محاور، حققت المملكة نسبة (100%) في جميع المعايير، وهو ما جعلها تصنف أنموذجا رائدًا في الفئة الأعلى لمؤشر الأمم المتحدة للأمن السيبراني 2024م.
ويعد هذا المؤشر المرجع الأساسي للقطاع، ويعمل على قياس النماذج المتبعة في الدول، وتتوزع محاوره على العديد من الجوانب كالتدابير القانونية التي تختص بتوافر تشريعات الجرائم السيبرانية، ولوائح الأمن السيبراني، وتدابير بناء القدرات التي تضم معايير ترتبط بحصول المختصين على الشهادات والاعتمادات والدورات التدريبية المهنية، والتدابير الفنية التي تُعنى بالموضوعات ذات الصلة بفرق الاستجابة للحوادث السيبرانية.
وبينت الهيئة أن هذا الموقع الرائد الذي حققته المملكة هو ثمرة توجيه ودعم القيادة الرشيدة بوضع حجر الأساس للنموذج السعودي في المجال، إذ تقود الهيئة أعماله وجهوده بمساهمة الشركة السعودية لتقنية المعلومات (سایت).
ويرتكز النموذج السعودي على مركزية الحوكمة السيبرانية على المستوى الوطني، شاملة أعمال التقييم، والاستجابة وبناء القدرات الوطنية، ولا مركزية التشغيل المناطة بها الجهات الوطنية.
اقرأ أيضاً: المملكة تتفوّق بالأمن السيبراني وتستضيف منتدى دولي قريباً