في خطوة تعكس روح التعاون الاقتصادي والسياسي بين المملكة العربية السعودية وفلسطين، أعلن اتحاد الغرف السعودية، عن تأسيس أول مجلس أعمال سعودي فلسطيني، وهذه الخطوة الاستثنائية تأتي في سياق دعم جهود تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين، وفتح آفاق جديدة للاستثمارات المتبادلة التي تعود بالنفع على كلا الطرفين.
حسن الحويزي، رئيس اتحاد الغرف السعودية، أكد خلال هذا الإعلان أن القطاع الخاص السعودي يسير بخطى حثيثة لمواكبة التوجهات القيادية الرامية لدعم الشعب الفلسطيني، وأشار إلى أن هذا المجلس سيشكل منصة مهمة تمكن أصحاب الأعمال الفلسطينيين من استكشاف فرص الاستثمار في المملكة العربية السعودية، وتعزيز تواجد المنتجات والصناعات الفلسطينية في الأسواق السعودية.
وأضاف الحويزي أن الاتحاد ملتزم بتوفير كل السبل الممكنة لدعم هذه الجهود، بما في ذلك إقامة معارض ومؤتمرات تسويقية لتعريف السوق السعودية بالمنتجات الفلسطينية وتعزيز حضورها.
التعاون بين الجانبين لم يكن وليد اللحظة، فقد جاءت هذه الخطوة بعد اجتماع مهم بين الحويزي والسفير الفلسطيني لدى المملكة، مازن غنيم، في العاصمة الرياض، وشهد الاجتماع مناقشات مستفيضة حول كيفية تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين، وتبلورت فيه مجموعة من الخطوات العملية التي تسعى لتحقيق هذه الأهداف.
اقرأ أيضاً: السعودية: نأمل أن ينهي اتفاق غزة استنزاف المنطقة
السفير الفلسطيني، بدوره، أوضح أن اللقاء تضمن اتفاقيات على سلسلة من الإجراءات العملية التي تهدف إلى تعزيز التعاون التجاري بين البلدين، ومن بين هذه الإجراءات ترتيب زيارات ولقاءات بين المستثمرين السعوديين والفلسطينيين، وتنظيم معرض خاص بالمنتجات الفلسطينية في المملكة.
كما تم الاتفاق على تشكيل لجان مختصة من الجانبين تكون مهمتها وضع الخطط وتنفيذها بما يحقق المستهدفات المشتركة.
إن تأسيس هذا المجلس يعكس رؤية واضحة لتجاوز العقبات الاقتصادية وتوظيف الإمكانات المتاحة لدعم الاقتصاد الفلسطيني، الذي يواجه تحديات كبيرة بسبب الأوضاع السياسية والاقتصادية المعقدة، ومن خلاله، سيتم فتح قنوات جديدة للتواصل والتعاون بين رجال الأعمال في البلدين، مما يسهم في تعزيز فرص الاستثمار وزيادة التبادلات التجارية.
واحدة من أبرز النقاط التي تم تسليط الضوء عليها في هذا السياق هي أهمية إقامة معارض ومؤتمرات ترويجية تسلط الضوء على جودة وتنوع المنتجات الفلسطينية، وهذه الفعاليات لن تكون مجرد وسيلة للترويج التجاري، بل ستكون أيضاً فرصة لتعريف المجتمع السعودي بثقافة وصناعة فلسطين، مما يعزز العلاقات الثقافية والاجتماعية بين الشعبين.
على الجانب الآخر، يُنتظر أن تُسهم هذه الخطوة في تمكين الشركات الفلسطينية من دخول الأسواق السعودية، التي تُعد واحدة من أكبر الأسواق في المنطقة، ومن المتوقع أن تُفتح مجالات جديدة للتعاون في قطاعات متنوعة مثل الزراعة والصناعة والتجارة والخدمات.
كما أن دعم القيادة السعودية لهذه الخطوة يبعث برسالة قوية تعكس التزام المملكة بدعم الأشقاء الفلسطينيين على جميع المستويات.
اقرأ أيضاً: السعودية تشيد بالهدنة ووقف إطلاق النار في غزة
ومن خلال هذا المجلس، سيتمكن القطاع الخاص من الجانبين من العمل معاً لتحقيق الأهداف المشتركة وتعزيز التكامل الاقتصادي. هذه الخطوة ليست مجرد اتفاقية اقتصادية، بل هي تجسيد لروح التضامن والتعاون بين الشعبين، ورسالة قوية تؤكد أن المملكة العربية السعودية مستمرة في دعمها الثابت لفلسطين وقضيتها العادلة.
وكانت قد أعربت المملكة العربية السعودية عن تفاؤلها بجهود التهدئة في غزة، مؤكدةً أهمية تحقيق حل شامل وعادل يُنهي الصراع الطويل ويُخفف من المعاناة الإنسانية التي استنزفت المنطقة لعقود، وجددت المملكة التزامها بدعم الشعب الفلسطيني في نيل حقوقه المشروعة، بما في ذلك إقامة دولته المستقلة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
وجاء ذلك خلال تصريحات ولي العهد الأمير محمد بن سلمان أثناء ترؤسه جلسة مجلس الوزراء في العُلا، وتناول المجلس تفاصيل الاتصال الهاتفي الذي جمع ولي العهد بالرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، حيث استعرض الجانبان العلاقات الثنائية وسبل تعزيز التعاون في مختلف المجالات.
وفي سياق متصل، أكد مجلس الوزراء على مضي المملكة قدماً في تعزيز شراكاتها الدولية، مشيراً إلى تأسيس مجلس الشراكة الاستراتيجية مع سنغافورة وانعقاد الاجتماع الأول لمجلس التنسيق السعودي التايلندي.
في الختام، يمثل تأسيس مجلس الأعمال السعودي الفلسطيني نقطة انطلاق نحو مرحلة جديدة من التعاون الثنائي. هذه المبادرة تأتي كجزء من رؤية أشمل لتعزيز العلاقات بين الدول العربية والإسلامية ودعمها اقتصادياً وسياسياً، وبتنفيذ هذه الخطوات على أرض الواقع، يمكن أن تتحول هذه الرؤية إلى واقع ملموس يعزز من صمود الشعب الفلسطيني ويُسهم في تحقيق التنمية المستدامة لكلا البلدين.