في أجواء دبلوماسية تعكس تحولاً جديداً في العلاقات بين دمشق والرياض، اختتم الرئيس السوري أحمد الشرع زيارته الرسمية إلى المملكة العربية السعودية، حيث غادر العاصمة الرياض برفقة الوفد المرافق له بعد سلسلة من اللقاءات الهامة، وكان في وداعه بمطار الملك خالد الدولي الأمير فيصل بن بندر بن عبد العزيز، أمير منطقة الرياض، ووزير الدولة عضو مجلس الوزراء محمد بن عبد الملك آل الشيخ، في مشهد يعكس الاهتمام السعودي الكبير بهذه الزيارة.
تميزت الزيارة بلقاء جمع الرئيس السوري مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، حيث تباحثا في آخر المستجدات على الساحة السورية، وناقشا سبل تحقيق الأمن والاستقرار في البلاد التي لا تزال تعاني من تبعات الصراع الممتد لسنوات، كما تم التطرق إلى آفاق التعاون بين البلدين في مختلف المجالات، وهو ما يعكس رغبة الجانبين في تعزيز العلاقات الثنائية.
واستقبل ولي العهد السعودي الرئيس السوري في مكتبه بالرياض يوم الأحد، في زيارة تعد الأولى له خارج البلاد منذ توليه منصبه، وأكدت وكالة الأنباء السعودية أن المباحثات تناولت سبل تعزيز العلاقات بين البلدين، بالإضافة إلى استعراض التطورات الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.
وأعرب الشرع خلال اللقاء عن شكره وتقديره لحفاوة الاستقبال، مشيراً إلى أن المباحثات مع القيادة السعودية كانت بناءة وتعكس حرص المملكة على دعم استقرار سوريا.
اقرأ أيضاً: مساعي سعودية لرفع سريع للعقوبات عن سوريا
هذا وأشار بيان صادر عن الرئاسة السورية إلى أن اللقاء مع الأمير محمد بن سلمان تميز بالصراحة والوضوح، حيث أكد الجانب السعودي دعمه للجهود السورية في بناء مستقبل مستقر وآمن.
كما أعرب الشرع عن تقديره للموقف السعودي الداعم لسوريا في هذه المرحلة الحساسة، مشيراً إلى أنه لمس رغبة سعودية حقيقية في تقديم الدعم اللازم لمساعدة سوريا في تجاوز تحدياتها الراهنة.
اقرأ أيضاً: أهم تصريحات الشرع الجديدة عن السعودية والعلاقات معها
وفي إطار تعزيز العلاقات السياسية والدبلوماسية، أكد الرئيس السوري أن هناك توافقاً بين الجانبين على أهمية استمرار الحوار والتعاون بين البلدين، بما يخدم مصلحة الشعبين السوري والسعودي، كما أشار إلى أن هذه الزيارة جاءت استكمالاً للاجتماعات التي عقدت في العاصمة السعودية خلال الشهر الماضي، والتي بحثت آليات العمل المشترك والتنسيق في القضايا الإقليمية.
وفي سياق آخر، تواصل المملكة العربية السعودية جهودها الدبلوماسية لإعادة سوريا إلى الساحة الدولية من خلال العمل على رفع العقوبات المفروضة عليها، بما يسهم في تحسين الوضع الاقتصادي ويدعم استقرار البلاد، إذ شدد وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، خلال مؤتمر صحافي سابق، على ضرورة إنهاء الإجراءات التقييدية التي تعيق التنمية الاقتصادية في سوريا، مؤكداً أن المملكة ملتزمة بتقديم الدعم الذي يحقق الاستقرار والازدهار للشعب السوري.
وكان الرئيس السوري قد وصل إلى الرياض في زيارة رسمية استمرت لعدة أيام، حيث كان في استقباله نائب أمير الرياض الأمير محمد بن عبد الرحمن بن عبد العزيز، إلى جانب عدد من كبار المسؤولين السعوديين، وخلال زيارته، عقد الشرع لقاءات موسعة مع عدد من المسؤولين السعوديين، تناولت سبل تعزيز التعاون بين البلدين، إلى جانب بحث الجهود المبذولة لإرساء الأمن والاستقرار في سوريا، وتعزيز علاقاتها مع الدول العربية.
وعلى هامش الزيارة، أشار بيان صادر عن وزارة الخارجية السورية إلى أن الرئيس السوري أكد على أهمية تطوير العلاقات بين دمشق والعواصم العربية، معتبراً أن هذه الزيارة تمثل خطوة جديدة نحو توطيد العلاقات مع المملكة العربية السعودية، كما أعرب عن أمله في أن تسهم هذه المباحثات في تحقيق خطوات ملموسة تعود بالنفع على البلدين.
اقرأ أيضاً: بن فرحان من دمشق: ملتزمون بدعم سوريا وسيادتها
وكانت العاصمة الرياض قد شهدت خلال الفترة الماضية عدة اجتماعات وزارية بحضور شخصيات عربية ودولية بارزة، حيث أكدت المملكة دعمها للخطوات التي تتخذها الحكومة السورية الجديدة في سبيل تحقيق الاستقرار، وفي هذا الإطار، رحب وزير الخارجية السعودي بالإجراءات الأخيرة التي اتخذتها دمشق، مشدداً على أهمية استمرار التعاون بين الجانبين.
وتأتي هذه التحركات في ظل تغييرات كبيرة تشهدها الساحة السورية، إذ أعلنت الإدارة الجديدة في دمشق، الأسبوع الماضي، عن تعيين الشرع رئيساً انتقالياً للبلاد، مع اتخاذ مجموعة من القرارات الجوهرية التي تضمنت حل الفصائل المسلحة، وإلغاء العمل بالدستور الحالي، إضافة إلى إعادة هيكلة الأجهزة الأمنية والعسكرية، كما أعلنت الإدارة عن تشكيل مجلس تشريعي مؤقت يتولى إدارة المرحلة الانتقالية إلى حين صياغة دستور جديد.
وقد نشرت وكالة الأنباء السورية بياناً رسمياً أكدت فيه أن المرحلة الانتقالية تهدف إلى تحقيق إصلاحات شاملة، مع التأكيد على وحدة وسيادة الأراضي السورية، كما أشار الناطق الرسمي باسم الإدارة العسكرية إلى أن الرئيس أحمد الشرع سيتولى تمثيل سوريا في المحافل الدولية، وسيشرف على عملية الانتقال السياسي وفق رؤية جديدة تهدف إلى تحقيق استقرار دائم في البلاد.
اقرأ أيضاً: بن فرحان يدعو إلى إعادة بناء الدولة في سوريا
وفي ختام زيارته إلى المملكة، شدد الرئيس السوري على أهمية الاستمرار في العمل المشترك بين الرياض ودمشق، مشيراً إلى أن المرحلة المقبلة ستشهد تكثيفاً للتعاون في مختلف المجالات، كما أكد أن الدعم السعودي لسوريا يعكس حرص المملكة على استقرار المنطقة بأسرها، وليس فقط على الشأن السوري، مما يعزز فرص تحقيق سلام دائم في المنطقة.
ختاماً، تعكس هذه الزيارة نقلة نوعية في العلاقات بين البلدين، وتفتح الباب أمام مزيد من التعاون في المستقبل، وسط تطلعات نحو مرحلة جديدة من العمل المشترك الذي يسهم في تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة بأسرها.