شابٌّ سعوديّ طموح في مقتبل العمر حلُم أن يكون له نمط حياة خاص يتجاوز الحدود التقليدية للحياة الروتينية والوظائف الثابتة، فحقق حلمه بعد صعوبات وتحديات، وأصبح أحد رواد الأعمال الشهيرين في المملكة العربية السعودية، إنه عبد المجيد الصيخان، الشريك المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة تمارا الناشئة في السعودية، تعالوا لنتعرف على قصته وعلى شركته الطموحة.
حياة عبد المجيد الصيخان
لم تكن حياة الشاب عبد المجيد الصيخان سهلة كما قد يتهيأ للبعض في الصورة التقليدية لرجل الأعمال القوي والمتفائل، ففي نهاية عام 2014 وبداية عام 2015، بينما كان يستعد للتخرج من الماجستير في أمريكا، تلقى خبراً صادماً عن إصابته بسرطان الغدد الليمفاوية.
على الرغم من كونه شخصاً يهتم بصحته ويمارس الرياضة على الدوام، فوجئ عبد المجيد بظهور الورم في رقبته، كان وحيداً في غرفة الطبيب عندما علم بذلك، ولكن على الرغم من هول الصدمة، لم تستمر مشاعره السلبية أكثر من نصف ساعة، فقد قرر أن يواجه مصيره بشجاعة، ارتدى ملابس الركض وخرج يجري، وهو يشعر أنه في أفضل حالاته.
اقرأ أيضاً: «منال الرويشد» نجمة ساطعة في سماء الفن الرقمي
خلال فترة العلاج، اكتشف عبد المجيد أن الظروف الصعبة لا تعيق الشعور بالراحة الداخلية، وأدرك أن الاستسلام للضغوط ليس خياراً متاحاً، وأن كل شيء بيد الله. عاش كل يوم كأنه آخر يوم، وتعلّم أن اتخاذ القرارات لم يكن أمراً ذا أهمية كبيرة مقارنة بما يمكن أن يحدث بعد ذلك، وكانت هذه اللحظات هي الفارقة في إعادة تشكيل نمط حياته.
بعد أن تعالج من المرض، وحصل على ماجستير في السياسة الاقتصادية من جامعة بوسطن –كان حاصلاً على بكالوريوس الاقتصاد المالي من جامعة ولاية كاليفورنيا نورث ريدج- عاد عبد المجيد إلى السعودية كأي شاب طموح يبحث عن فرصة عمل، وحصل بالفعل على وظيفة في البنك السعودي المركزي “ساما”، لكنه سرعان ما شعر بأن هذه الوظيفة الروتينية لم تكن تتناسب مع طموحاته.
وفي حديثه مع مشهور الدبيان في برنامج بودكاست “سوالف بزنس”، وصف استقالته من البنك بأنها خطوة جنونية ومتهورة. على الرغم من ذلك، لم يكن يريد أن يقضي حياته في وظيفة تقليدية، بل كان يطمح إلى أن يكون له نمط حياة خاص وقصة مميزة تترك أثراً في المجتمع.
ومع تلك الرغبة القوية في التغيير، أطلق عبد المجيد أول مشروع له في عام 2016، وهو تطبيق “هابلي”، وهو تطبيق لتوصيل الطلبات، وقد استقى هذه الفكرة في وقت كانت فيه النساء بحاجة ماسّة إلى خدمات التوصيل، لأنه لم يكن يسمح لهنّ بعد بقيادة السيارات، وقد بدأ المشروع في حي النزهة، ونجح في تلبية احتياجات الكثيرين، وفي عام 2017 شارك في تأسيس شركة “نعناع” وشغل منصب المدير المالي فيها.
اقرأ أيضاً: «سهى العلاوي» أول سعودية تحرز الأستاذية في الاستثمار
تأسيس شركة “تمارا”
أما عام 2020، فكان انطلاقته القوية، حين أسس شركة “تمارا” برأسمال تجاوز نصف مليار ريال سعودي، بالتعاون مع زميليه تركي بن زرعة وعبد المحسن البابطين، وكان مقرها الرئيسي في العاصمة الرياض، مع مكاتب في أمريكا وألمانيا والإمارات وفيتنام، وقد تمكنت تمارا من تقديم خدماتها في السعودية والإمارات العربية المتحدة.
“تمارا” هي شركة رائدة في مجال التقنية المالية في المملكة، تقدم خدمات “الشراء الآن والدفع لاحقاً”، وتمتلك تصريحاً رسمياً من البنك المركزي السعودي “ساما”. وحتى الآن، بلغت قيمة التمويل في الشركة 435 مليون ريال سعودي، ما يعادل 116 مليون دولار أمريكي.
وفي حديثه بالبودكاست، شبه عبد المجيد شركته بدفتر الحساب الذي كان يُستخدم في البقالات الصغيرة في الأحياء، كانت فكرته بسيطة ولكنها مميزة: لماذا لا نجعل هذا الدفتر إلكترونياً، ليتمكن العملاء من الشراء من أي مكان وليس من الحي فقط، ثم الدفع يكون لاحقاً عبر خدمة “اشتري الحين وادفع بعدين”؟.
وانطلاقاً من الفكرة، بدأ بالبحث حول العالم ووجد شركة “After pay” في أستراليا، التي كانت الأولى في تقديم خدمات مالية مماثلة ولها قاعدة جماهيرية كبيرة من العملاء. استحوذت هذه الفكرة على انتباهه، وعندما استعرض المعلومات وتفاصيل العمل، أدرك أن الفرصة التي وجدها قد تأتي مرة واحدة في العمر.
وبالفعل، لم تمر سنة على تأسيس “تمارا”، حتى استطاعت الشركة أن تصل إلى أكثر من 1200 متجر، مع استثمارات تجاوزت 430 مليون ريال سعودي، والآن تعدّ الشركة إحدى أسرع الشركات نمواً في السعودية، إذ شهدت قاعدة مستخدميها ارتفاعاً بنسبة 180% شهرياً، وزاد حجم معاملاتها بمعدل 170% شهرياً على مدار الستة أشهر الماضية.
اقرأ أيضاً: رحلة نجاح مُلهمة للمهندس المعماري مساعد القفاري
وتتويجاً لجهودها، حصلت “تمارا” على رخصة التمويل الاستهلاكي من البنك المركزي السعودي “ساما”، لتصبح أول شركة سعودية ناشئة في القطاع المالي تحصل على هذا الترخيص، وتؤكد هذه الخطوة التزامها بأعلى معايير الامتثال والشفافية والنزاهة، وتظهر حرصها على تقديم خدمات مالية آمنة وموثوقة لعملائها.
ولتعزيز هذه الالتزامات، شكلت الشركة مؤخراً لجنة شرعية تضم نخبة من علماء الشريعة الإسلامية المتخصصين في فقه المعاملات المالية، من أجل توفير أفضل الحلول المالية المتوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية.
ويرى عبد المجيد أن الفريق الذي يعتمد عليه رائد الأعمال هو أساس النجاح في العمل، وأن رأس المال، رغم ضرورته، ليس هو كل شيء، ويعتبر أن الحظ مجرد ظروف تأتي دون إرادة الإنسان، كأن يولد في عائلة غنية، لكنه وحده لا يكفي، فلا بدّ من العمل والجهد والابتكار لتحقيق النجاح.
قصة نجاح عبد المجيد الصيخان في ريادة الأعمال هي واحدة فقط من قصص الشباب السعودي التي تبهرنا كل يوم، والتي تنضوي تحت راية رؤية المملكة 2030، التي تضع ريادة الأعمال على رأس أولوياتها. فكلما مرّ عام، تشهد السعودية ظهور العديد من رواد الأعمال المبدعين الذين حققوا نجاحات كبيرة في المجالات المختلفة والذين لا يكتفون بالنجاح في مجالاتهم فحسب، بل يساهمون أيضاً في تحقيق رؤية المملكة، من خلال خلق فرص العمل والنمو الاقتصادي وتطوير المنتجات والخدمات المبتكرة.
اقرأ أيضاً: ثامر المهيد رجل المرحلة الجديدة في شركة SAMI