وسط تصاعد التوترات الإقليمية والمقترحات المثيرة للجدل حول مستقبل غزة، اجتمعت الدول العربية والإسلامية لبحث سبل إعادة إعمار القطاع دون المساس بحقوق سكانه أو تهجيرهم قسراً. وجاء هذا الاجتماع الطارئ لمنظمة التعاون الإسلامي في جدة يوم أمس الجمعة 7 آذار/مارس ليؤكد مجدداً على وحدة الموقف الإسلامي والعربي في مواجهة الخطط الخارجية التي تسعى لإعادة رسم الخريطة السكانية والسياسية في المنطقة.
أكد الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي، حسين إبراهيم طه، خلال كلمته الافتتاحية دعم المنظمة الكامل للخطة العربية التي تهدف إلى إعادة إعمار غزة بالتنسيق مع السلطة الفلسطينية ودون أي مخططات للتهجير القسري لسكان القطاع. وشدد على ضرورة تعبئة الموارد المالية والسياسية لإنجاح هذه المبادرة التي تعكس موقفاً عربياً وإسلامياً موحداً.
كما أشار طه إلى المخاطر التي تترتب على محاولات تصفية قضية اللاجئين الفلسطينيين، مؤكداً أن أي حلول تفرضها أطراف خارجية دون مراعاة حقوق الفلسطينيين ستكون غير مقبولة.
رفض المقترحات الأميركية
أثارت تصريحات الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب حول قطاع غزة جدلاً واسعاً، حيث اقترح خطة لإعادة إعمار المناطق المدمرة في القطاع مع تحويلها إلى «ريفييرا الشرق الأوسط»، لكن ذلك تضمن شرطاً مثيراً للرفض وهو ترحيل السكان الفلسطينيين إلى دول مجاورة مثل مصر والأردن.
هذا الطرح قوبل باستنكار عربي واسع، حيث أعلنت الدول العربية في قمة القاهرة رفضها القاطع لأي حلول تتضمن تهجيراً قسرياً للفلسطينيين، معتبرة أن إعادة إعمار غزة يجب أن تكون بقيادة فلسطينية وبمساعدة إقليمية ودولية، دون المساس بحق السكان في البقاء على أرضهم.
اقرأ أيضاً: وسط رفض سعودي للاستيطان: القمة تعتمد خطة مصر لإعمار غزة
ولعبت مصر دوراً محورياً في هذه المبادرة، حيث قدمت خطتها لإعادة إعمار غزة خلال القمة العربية الطارئة في القاهرة قبل أيام، والتي تضمنت إعادة السلطة الفلسطينية إلى القطاع كجزء من الحل. وتواصل القاهرة جهودها للحصول على دعم أوسع للخطة من الدول الإسلامية خلال اجتماع جدة، لضمان تبنيها كخطة عربية إسلامية موحدة.
وفي حديثه، أكد وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي أن دعم الدول الإسلامية لهذه المبادرة سيمنحها ثقلاً دبلوماسياً، مما يعزز موقفها في مواجهة الطروحات الدولية الأخرى، لا سيما المقترح الأميركي.
توحيد الجهود الإسلامية لدعم غزة
ورأى محللون أن منظمة التعاون الإسلامي مستعدة لتأييد الخطة العربية على نطاق واسع كبديل للمقترحات الأميركية التي تتجاهل الحقوق الفلسطينية. وأكدت دبلوماسية باكستانية خلال الاجتماع أن الهدف الرئيسي هو تبني الخطة العربية بشكل جماعي، مشيرة إلى أن هذه لحظة حاسمة تتطلب وحدة العالم الإسلامي في مواجهة الضغوط الدولية.
كما أن دعم الدول الإسلامية الكبرى مثل تركيا وإندونيسيا وإيران سيعزز من قوة هذه المبادرة، ويضمن أنها ستُطرح بقوة أمام المجتمع الدولي.
اقرأ أيضاً: الجامعة العربية: بهذا الشكل نقطع الطريق على تهجير غزة
يشار إلى أن أحد أبرز مخرجات القمة العربية في القاهرة كان الإعلان عن إنشاء صندوق ائتماني لدعم إعادة إعمار غزة، حيث دعت الدول العربية المجتمع الدولي للمساهمة فيه لضمان تسريع عمليات الإعمار والتخفيف من المعاناة الإنسانية التي يعانيها سكان القطاع بعد موجات الدمار التي حولت أجزاء كبيرة منه إلى أنقاض.
وخلال الاجتماع، جدد القادة المسلمون والعرب موقفهم الرافض للاحتلال الإسرائيلي، مؤكدين على ضرورة انسحاب إسرائيل من الأراضي الفلسطينية المحتلة كشرط أساسي لتحقيق السلام العادل والشامل. كما دانوا الجرائم الإسرائيلية التي أدت إلى تدمير غزة، محذرين من استمرار السياسات العدوانية التي تزيد من تعقيد المشهد السياسي والأمني في المنطقة.
ختاماً، ومع استمرار الجهود العربية والإسلامية في مواجهة التحديات التي تواجه القضية الفلسطينية، يظهر بوضوح أن هناك توافقاً متزايداً على رفض أي حلول تتضمن تهجير الفلسطينيين أو المساس بحقهم في البقاء. ومن خلال الدعم المشترك للخطة العربية، تسعى الدول العربية والإسلامية إلى تقديم رؤية بديلة مبنية على العدل والاستقرار، بعيداً عن المخططات التي تهدد حقوق الفلسطينيين ومستقبلهم.