في إطار التوجهات الاستراتيجية لرؤية المملكة 2030، التي تهدف إلى تنويع الاقتصاد وتعزيز جاذبية الاستثمار، تبرز الهيئة العامة للعقار كإحدى الركائز الأساسية لتحقيق التحول النوعي في القطاع العقاري السعودي، ومنذ تأسيسها في أبريل 2017 بموجب قرار مجلس الوزراء، عملت الهيئة على تنظيم الأنشطة العقارية غير الحكومية ورفع كفاءتها، مما أسهم في تعزيز مكانة المملكة كوجهة استثمارية رائدة.
التأسيس والهيكلة:
تتمتع الهيئة بشخصية اعتبارية واستقلال مالي وإداري، مع تركيز أعمالها في العاصمة الرياض.
ويرأس مجلس إدارتها وزير الإسكان، بمشاركة ممثلين عن وزارات مثل المالية والتجارة والعدل، بالإضافة إلى خبراء من القطاع الخاص.
ويعكس هذا التنوع التكامل بين السياسات الحكومية واحتياجات السوق، مما يسهم في صنع قرارات متوازنة تدعم نمو القطاع.
وتسعى الهيئة إلى تحقيق جملة من الأهداف تتماشى مع رؤية 2030، أبرزها تنظيم القطاع العقاري غير الحكومي عبر وضع لوائح واضحة، وترخيص الممارسين، ومراقبة الامتثال للأنظمة.
كما تعمل على تحفيز الاستثمار من خلال تبسيط الإجراءات وتوفير بيانات دقيقة، مما يعزز ثقة المستثمرين المحليين والدوليين.
إلى جانب ذلك، تولي الهيئة اهتمامًا خاصًا بتطوير البنى التحتية الرقمية، مثل المنصات الإلكترونية التي تسهل الوصول إلى الخدمات العقارية، وتعزيز الشفافية في المعاملات.
اقرأ أيضاً: المركز الوطني للفعاليات.. دور محوري في دعم الثقافة والاقتصاد في السعودية
الخدمات الرقمية:
أطلقت الهيئة مجموعة من الحلول التقنية التي حوّلت الخدمات العقارية من إجراءات تقليدية إلى عمليات ذكية وسريعة، أبرزها المنصة الجيومكانية التي توفر خرائط تفاعلية مع بيانات مفصلة عن العقارات، ومنصة “إيجار” لتنظيم عمليات التأجير وحفظ حقوق الملاك والمستأجرين، والسجل العقاري الإلكتروني الذي يُمكّن من تسجيل العقارات وتوثيق التصرفات عليها رقميًا، والمركز السعودي للتحكيم العقاري لحل النزاعات بكفاءة عبر آليات مرنة.
وهذه الخدمات لا تقتصر على تسهيل الإجراءات فحسب، بل تسهم في جذب الاستثمارات عبر توفير بيئة عمل موثوقة وشفافة.
أرقام تترجم الرؤية إلى واقع
حققت الهيئة إنجازات لافتة منذ تأسيسها، تجسدت في معالجة أكثر من 1.3 مليون خريطة عقارية، وتوثيق صفقات بقيمة 605 مليار ريال خلال عام واحد.
كما أصدرت تراخيص لنحو 7,020 منشأة عقارية، ودرّبت أكثر من 20 ألف متخصص عبر المعهد العقاري السعودي، مما يعكس جهودها في بناء كوادر مؤهلة تدعم استدامة القطاع.
ووضعت الهيئة إطارًا تشريعيًا متكاملًا لتنظيم الأنشطة العقارية، مثل نظام التسجيل العيني للعقار، ونظام البيع على الخارطة الذي يحمي حقوق المشترين، ولوائح الوساطة العقارية التي تضمن مهنية الوسطاء.
كما أسهمت ضوابط المزادات الإلكترونية في تعزيز العدالة والشفافية، مما يحد من المخاطر ويرسخ ثقة المتعاملين.
وتعد المبادرات التي تطلقها الهيئة، مثل برنامج “ملاك” لإدارة الممتلكات المشتركة، وبرامج المساهمات العقارية، عوامل جذب رئيسية للمستثمرين.
وقد سجلت المملكة ارتفاعًا ملحوظًا في حجم الاستثمارات الأجنبية في القطاع العقاري، مدعومة ببيئة تنظيمية واضحة وبنية تحتية متطورة.
اقرأ ايضاً: «شركة الرياض للتعمير» مسيرة مُلهمة في عالم الاستثمار
الرؤية المستقبلية
على الرغم من النجاحات الكبيرة التي حققتها الهيئة العامة للعقار في تحويل القطاع العقاري السعودي عبر حلولها الرقمية والتشريعية، تبقى هناك تحديات مرتبطة بتسريع وتيرة التحول الرقمي ومواكبة التطورات العالمية المتسارعة في القطاع.
ومع ذلك، تعزز خططها المستقبلية التي تركز على توسيع الشراكات مع القطاع الخاص وتبني حلولًا ابتكارية ثقة السوق بقدرتها على قيادة المرحلة المقبلة.
وباعتبارها نموذجًا سعوديًا ناجحًا للإصلاح الاقتصادي، تسهم الهيئة عبر مزيج من التشريعات الذكية والخدمات الرقمية المتطورة في بناء سوق عقاري متين، يدعم تنويع الاقتصاد ويسهم في تحقيق مستهدفات رؤية 2030.