في عالمٍ حيث تتقاطع الإرادة مع الطموح، يبرز اسم يزيد الراجحي كرمز للتميز السعودي، ليس فقط في رياضة المحركات، بل في عالم الأعمال أيضًا، وبعد مسيرة استمرت عقدًا من الزمن، توج الراجحي بلقب رالي داكار 2025، ليصبح أول سائق سعودي يحرز هذا الإنجاز على أرض المملكة، محققًا حلمًا شخصيًا وملهمًا جيلًا جديدًا من عشاق السرعة.
من طرقات الرياض إلى صحراء داكار: رحلة تحدي
نشأ شغف يزيد الراجحي بسباقات السيارات مع أولى مشاركاته في الراليات المحلية عام 2007، ليتطور بسرعة نحو المنافسات الدولية بدءًا من 2014.
لكن نقطة التحول الحقيقية كانت في 2015 مع مشاركته الأولى في رالي داكار، حيث فاز بمرحلة واحدة، ليبني عليها سلسلة من المحاولات وصلت إلى 11 مشاركة في النسخة الأكثر تحديًا عالميًا.
ولم تكن الرحلة مفروشة بالنجاحات، فقد تعرض لانتكاسات مثل حادث 2024 الذي أبعده عن الصدارة، لكن إصراره حول هذه التجارب إلى دروس.
وفي 2025، اعتمد على استراتيجية جديدة: القيادة بـ 90% من طاقته لتجنب المخاطر، بدلًا من الدفع بأقصى سرعة، مما مكَّنه من تجاوز منافسين كبار مثل كارلوس ساينز الأب (Carlos Sainz Sr) وسيباستيان لوب (Sébastien Loeb)، الذين انسحبوا مبكرًا.
اقرأ أيضاً: رالي حائل 2025: كيف نجحت المملكة العربية السعودية بتنظيم هذه الرياضة!
ليس مجرد سائق: إمبراطورية أعمال خلف مقود السباق
وراء لقب “بطل داكار”، يخفي الراجحي وجهًا آخر: رجل أعمالٍ بارع يدير إمبراطورية اقتصادية متنوعة.
وبينما كان ينظم خطوات سيارته في الصحراء، كان يتابع – عبر عشرين بريدًا إلكترونيًا يوميًا – إدارة كل من مصرف الراجحي (أحد أكبر البنوك السعودية)، وشركة البيرين للمياه (الراعي الرسمي لداكار)، وشركة حديد التي تسيطر على 80% من تجارة الحديد محليًا، بالإضافة إلى سلسلة مقاهي يشارك في ملكيتها.
هذا التنوع جعله نموذجًا فريدًا يجمع بين العمل الدؤوب والشغف الرياضي، حيث يدير أكثر من 25 ألف موظف بمساعدة فريقه، حتى أثناء السباق!
اقرأ أيضاً: دانية عقيل لأرابيسك لندن: لكل رياضة ميزتها.. والدراجات والسيارات عالمان مختلفان تماماً
إرث يتجاوز اللقب: صناعة الأبطال القادمين
لا يرى الراجحي فوزه بـ داكار 2025 كخطوة شخصية فحسب، بل كمحرك لإلهام الشباب السعودي.
لذلك، أطلق مبادرة لتشجيع المواهب الناشئة عبر جوائز مالية تصل إلى 2.5 مليون يورو للوصول إلى منصات التتويج، معتبرًا أن “الجيل القادم سيحتاج وقتًا طويلًا لتحقيق ما حققته”.
كما حرص على توثيق علاقته بأساطير الرياضة مثل كارلوس ساينز الأب (Carlos Sainz Sr) (ربيع داكار 4 مرات)، الذي يقدم له النصائح ويقول عنه الراجحي: “ساعدني كارلوس على الفوز.. أردت أن أكون مثله”.
وفي الختام، يزيد الراجحي ليس مجرد سائق أو رجل أعمال؛ هو قصة عزيمة سعودية تثبت أن الإصرار يحول المستحيل إلى واقع.
وبإنجازه التاريخي، لم يرفع اسم المملكة في رياضة المحركات فحسب، بل رسم طريقًا للشباب نحو تحقيق أحلامهم – سواء في الصحراء أو في قاعات الشركات.