انطلق بينالي الفنون الإسلامية كمبادرة ثقافية فريدة تهدف إلى الاحتفاء بالتراث الفني والثقافي الإسلامي، وتعزيز الحوار الثقافي العالمي.
ونظمت مؤسسة بينالي الدرعية هذا الحدث تحت إشراف وزارة الثقافة السعودية وبالتعاون مع جهات حكومية متعددة، ليكون منصة مميزة تسلط الضوء على الإبداع الفني الإسلامي عبر العصور.
وأقيم البينالي لأول مرة في يناير 2023 داخل صالة الحجاج بمطار الملك عبدالعزيز الدولي في جدة، واستمر لمدة ثلاثة أشهر تحت شعار “أول بيت”، مستوحىً من الكعبة المشرفة.
وركزت النسخة الأولى على موضوعين رئيسيين: القِبلة والهجرة، حيث قدمت أعمال فنية وأثرية تعكس تاريخ الحضارة الإسلامية وتستعرض رحلة الإنسان المسلم في العبادة والترحال.
واستقطب البينالي أكثر من 40 فنانًا عالميًا ومحليًا، وعرض ما يزيد عن 280 قطعة فنية وتاريخية من داخل المملكة وخارجها.
أقسام البينالي ومكوناته
أقيم البينالي على مساحة تتجاوز 118 ألف متر مربع، وضم مجموعة من الأقسام التي تقدم تجربة شاملة للمشاركين.
وتضمن الحدث صالات عرض متصلة تعرض مقتنيات أثرية وأعمالاً معاصرة، وجناحين خاصين بمكة المكرمة والمدينة المنورة، بالإضافة إلى منطقة خارجية مخصصة للأعمال الفنية التركيبية.
كما اشتملت البنية التحتية للبينالي على مسرح ومسجد وورش عمل فنية ومتاجر ومقاهٍ.
وساهم الحدث في إعادة إحياء رمزيات الحركة والصوت والوجهات المرتبطة بمواسم الحج، مما جعل المنطقة مركزًا عالميًا للتبادل الثقافي والمعرفي.
ومن أبرز المعروضات كانت القطع الأثرية التي جلبت من المسجد الحرام والمسجد النبوي الشريف، مثل باب ومفتاح الكعبة ومخطوطات قرآنية نادرة.
اقرأ أيضاً: معرض جازان للكتاب 2025: نافذة على الأدب والثقافة
نسخة 2025 من بينالي
تحمل النسخة الثانية من بينالي الفنون الإسلامية شعار “وما بينهما”، المستوحى من آية قرآنية تعكس عظمة الخلق الإلهي وكيف يدركها الإنسان عبر الفكر والحس والإبداع.
ويستعرض البينالي، أكثر من 500 قطعة فنية تتراوح بين التحف التاريخية والأعمال المعاصرة، ليوفر تجربة غنية تجمع بين الماضي والحاضر.
معروضات مميزة ومشاركات عالمية
من أبرز المعروضات في نسخة 2025 ثماني تحف أثرية استثنائية مقرضة من متحف الفن الإسلامي في قطر، والتي تعكس موضوع “الأرقام” الخاص بهذه الدورة.
وتشمل هذه المقتنيات سيفاً مقوساً من القرن التاسع عشر، وخنجراً مغولياً، وكرة سماوية، ولوح طباعة من الخشب والزنك، كما تسلط المعارض الضوء على الإبداع الرياضي والعلمي في الحضارة الإسلامية.
وعلى صعيد المشاركات العالمية، يعزز البينالي مكانته كمنصة دولية باستقطابه مؤسسات مرموقة مثل متحف اللوفر في باريس، ومتحف فيكتوريا وألبرت في لندن، ومعهد أحمد بابا في تمبكتو.
وتبرز أيضًا المؤسسات المحلية مثل مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي (إثراء) ومكتبة الملك فهد الوطنية، مما يجعل الحدث نقطة التقاء بين التراث المحلي والعالمي.
مساحة أكبر وتجربة أعمق
تتميز نسخة 2025 بتوسعها الجغرافي والفني، حيث تمتد على مساحة عرض خارجية شاسعة، وتتوزع محتوياتها على سبعة مكونات رئيسية حسب الموضوع.
وهذه التنوع يتيح للزوار فرصة استكشاف الفن الإسلامي من زوايا جديدة، سواء عبر الأعمال التقليدية أو التجريبية.
اقرأ أيضاً: من إبراهيم الخليل إلى محمد (ص).. قصة سدانة الكعبة المشرفة
أهمية البينالي في المشهد الثقافي
يعتبر بينالي الفنون الإسلامية خطوة مهمة نحو تعزيز مكانة المملكة العربية السعودية كمركز ثقافي عالمي، ليس فقط لأنه يحتفي بالفن الإسلامي، بل لأنه يفتح المجال أمام الحوار بين الثقافات ويخلق فرصًا جديدة للتعاون الفني والأكاديمي، كما يساهم في دعم الفنانين المحليين والدوليين، ويحفزهم على استلهام إبداعاتهم من التراث الإسلامي الغني.