في ظل تصاعد التوترات الإقليمية وتفاقم الأزمات الإنسانية، تتجه أنظار العالم نحو مؤتمر الأمم المتحدة المرتقب في نيويورك، المزمع عقده في الفترة من 2 إلى 4 حزيران/يونيو 2025، والذي يهدف إلى تسوية القضية الفلسطينية وتفعيل حل الدولتين المنصوص عليه في القرارات الدولية.
خلفية المؤتمر وأهدافه
في ديسمبر 2024، اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة القرار A/RES/79/81، الذي دعا إلى عقد مؤتمر دولي رفيع المستوى بعنوان “المؤتمر الدولي رفيع المستوى للتسوية السلمية لمسألة فلسطين وتنفيذ حل الدولتين”. ويهدف المؤتمر إلى وضع خارطة طريق عملية لتنفيذ قرارات الأمم المتحدة المتعلقة بالقضية الفلسطينية، مع التركيز على إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967، بما في ذلك القدس الشرقية.
مشاركة دولية واسعة
من المتوقع أن يشارك في المؤتمر ممثلون عن جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، بالإضافة إلى منظمات دولية وإقليمية. وسيترأس المؤتمر كل من المملكة العربية السعودية والجمهورية الفرنسية. وكانت قد أعلنت فرنسا في وقت سابق، وعلى لسان رئيسها إيمانويل ماكرون (Emmanuel Macron)، عن نيتها الاعتراف بالدولة الفلسطينية بحلول يونيو 2025، تزامناً مع انعقاد المؤتمر.
تحضير سعودي – فرنسي
وفي إطار التحضير للمؤتمر المرتقب في يونيو 2025، شهدت العاصمة السعودية الرياض لقاءً دبلوماسياً مهماً بين وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان ونظيره الفرنسي جان نويل بارو (Jean-Noël Barrot). وتناول الاجتماع، الذي عُقد يوم الخميس 24 نيسان/أبريل 2025، تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، بالإضافة إلى مناقشة التطورات الإقليمية والدولية، مع التركيز على الوضع في قطاع غزة والاستعدادات للمؤتمر المشترك.
وكانت قد رحّبت المملكة العربية السعودية بتزايد الدعم الدولي للمؤتمر، حيث أكد مجلس الوزراء السعودي، خلال جلسته المنعقدة في 22 أبريل 2025، على أهمية العودة الفورية لوقف إطلاق النار في قطاع غزة وضمان وصول المساعدات الإنسانية للمدنيين.
اقرأ أيضاً: أول اجتماعات التحالف الدولي لحل الدولتين باستضافة السعودية
وفي 12 أبريل 2025، ترأس السفير السعودي لدى الأمم المتحدة، الدكتور عبد العزيز الواصل، والسفير الفرنسي جيروم بونافونت (Jérôme Bonnafont)، جلسة إحاطة في مقر الأمم المتحدة بنيويورك. وتم خلال الجلسة الإعلان عن تشكيل مجموعات عمل متعددة لبحث القضايا الجوهرية المتعلقة بالتسوية، ودعوة الدول الأعضاء لتقديم رؤاها ومقترحاتها دعماً للتحضيرات.
وأكد السفير الواصل أن إقامة دولة فلسطينية مستقلة تُعد حجر الزاوية لتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة، مشدداً على أن دعم المملكة لحل الدولتين هو موقف راسخ وثابت منذ عقود حسب تعبيره.
تأييد دولي واسع
وأعربت غالبية الدول الأعضاء والمراقبة في الأمم المتحدة عن دعمها الكامل للجهود التي تبذلها السعودية وفرنسا في الإعداد للمؤتمر، مؤكدةً تأييدها لحل الدولتين كخيار وحيد متفق عليه دولياً. كما شددت على أهمية تحقيق نتائج عملية تشمل الاعتراف بدولة فلسطين ورفض جميع محاولات الضم والتهجير القسري.
تحديات أمام الحل
رغم الزخم الدولي الداعم لحل الدولتين، تواجه الجهود المبذولة عدة تحديات، أبرزها استمرار الاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربية، والانقسام الفلسطيني الداخلي، بالإضافة إلى رفض الحكومة الاحتلال الحالية، بقيادة بنيامين نتنياهو (Benjamin Netanyahu)، لفكرة إقامة دولة فلسطينية مستقلة.
فيما يعقد الفلسطينيون آمالاً كبيرة على خطوات من هذا النوع، تسعى لتحقيق تقدم ملموس نحو نيل حقوقهم المشروعة، وفي مقدمتها إقامة دولتهم المستقلة. إذ يُعد مؤتمر نيويورك فرصة تاريخية لإعادة إحياء عملية السلام المتعثرة، وتأكيد التزام المجتمع الدولي بحل الدولتين كخيار استراتيجي لتحقيق الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط. ويبقى نجاح المؤتمر مرهوناً بجدية الأطراف المعنية واستعدادها لتقديم تنازلات متبادلة، والالتزام بالقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة.