وسط الصحراء القاحلة في المملكة العربية السعودية، تشقّ حدائق الملك عبدالله العالمية طريقها لتحقق رؤية طموحة تحاكي أحلام الطبيعة، على مساحة مليوني متر مربع، صُمِّمت هذه الجوهرة النباتية الفريدة لتكون معلماً عالمياً يحتفي بجمال الطبيعة ويحترم البيئة.
ستضم هذه الحدائق أكبر مساحة مغلقة يتم التحكم بدرجة حرارتها في العالم، لتشكّل واحة خضراء وسط الرمال الذهبية، وتنافس أعرق الحدائق النباتية في العالم، مثل حدائق كيو في لندن وحدائق سنغافورة.
وبسبب موقعها الاستراتيجي المميز، سيكون الوصول إليها سهلاً من جميع أنحاء العاصمة، إذ تقع على مقربة من طريق جدة، كما تقع بالقرب من محاور رئيسية مثل طريق الملك عبد الله وطريق الأمير تركي بن عبد الله، وعند اكتمالها، تطمح الحديقة إلى استقبال أكثر من ثلاثة ملايين زائر سنوياً، من داخل المملكة وخارجها، ليحظوا بتجربة مميزة تجمع التعليم بالترفيه.
ومع اكتمال أبرز معالمها الرئيسية، تستعد المملكة لاستقبال هذه التحفة الطبيعية الجديدة في خريف 2025، والتي تهدف لدراسة تغير المناخ، واستكشاف مشاريع الاستدامة، ومحاكاة رحلة تطور النباتات والأشجار والزهور عبر العصور.
وهنا، سيسافر الزوار عبر الزمن، من عصور الديناصورات إلى العصر الحديث، إذ تغطي الحديقة 400 مليون سنة من تاريخ الأرض، وتستعرض أسرار عصور الجوراسي والطباشيري والديفوني والكربوني والسينوزويك، مع مجموعة مذهلة من النباتات القديمة التي تحكي حكاية الكوكب.
اقرأ أيضاً: حديقة الملك سلمان: المعلم الذي سيغيّر وجه الرياض
تصميم الحديقة
صُمِّمت حدائق الملك عبدالله على هيئة هلالين متقاطعين، يحتضنان أنظمة بيئية متنوعة تمتد عبر العصور الجيولوجية، والمدهش في الأمر معرفة أن الأراضي الشاسعة التي تغطيها الصحاري في المملكة كانت في العصور القديمة مغطاة بمراعي شبيهة بالسافانا، تعيش فيها التماسيح والديناصورات العاشبة، وتغذيها أمطار غزيرة كانت تروي أنهاراً متدفقة على مدار العام.
وداخل هذين الهلالين، تتوزع مجموعة متناغمة من الحدائق الرائعة، تحتوي على أكثر من 1,750 نوعاً من النباتات، ويصل مجموعها إلى أكثر من 500 ألف نبتة، من أبرز هذه الحدائق حديقة الغابة، التي تعد تفسيراً غنياً وواقعياً للغابات المطيرة، لتوفر للزوار فرصة لاكتشاف طبيعة الأرض كما كانت منذ ملايين السنين.
أما حديقة الوادي فسيتم إنشاءها في مجرى جدول قديم كان قد جرف مياهه منخفضاً عميقاً في التضاريس، وبفضل تقنيات حديثة مثل الأمطار الاصطناعية وإعادة تدوير مياه الأمطار ومياه الآبار الحرفية، سيجري النهر من جديد، وعلى طول مجراه، ستنشأ سلسلة من الواحات التي تشمل مسارات تحيط بعدد من البحيرات الصغيرة والشلالات، حيث ستزدهر النباتات الخضراء الوارفة، محولةً هذه المنطقة إلى جنة على الأرض.
وتمتد حديقة الطيور على 6450 مساحة متراً مربعاً، وستوفر فرصة لعشاق الطيور لدراسة ومراقبة أنواعها الغريبة في بيئة غابة مطيرة استوائية، وتهدف هذه الحديقة للحفاظ على بيئة نادرة تكاد تختفي في مناطق أخرى من العالم بسبب القطع الجائر للأشجار.
اقرأ أيضاً: «ناموس أمالا»: عنوان جديد للضيافة العالمية الفاخرة في السعودية
وفي المقابل، تُقسَّم حديقة الفراشات التي تبلغ مساحتها 5000 متر مربع، إلى موطنين مميزين: الأول بيئة استوائية تضم نباتات تحافظ على درجة حرارة ثابتة تتراوح بين 21 و29 درجة مئوية، بينما يحتوي الثاني على فراشات وأشجار محلية، أما حديقة المتاهة فتتوسطها نافورة كروية رائعة، وعلى مقربة منها سيُنشأ بنك البذور، لتُخزّن فيه بذور نباتات وأزهار كوكبنا للمستقبل.
ومن بين معالم الجذب الأخرى، الحديقة الطبيعية التي تعرض تنوعاً بيئياً هائلاً، وجناح مخصص للنباتات والأعشاب الطبية من أنحاء العالم المختلفة، كما سيتم إنشاء حديقة مائية لدراسة جميع أشكال المياه، من الجليد إلى الثلج والبخار.
ومن أهم ما يميز مشروع حدائق الملك عبدالله العالمية هو الاعتماد على الطاقة الشمسية وطاقة الرياح المتجددة في ري النباتات والمساحات الخضراء، ما يعكس التزام المشروع بالاستدامة والحفاظ على البيئة.
اقرأ أيضاً: كيف سيغير «المربع الجديد» مفهوم الحياة العصرية في الرياض؟
تجربة ترفيهية ممتعة
لا تقتصر حدائق الملك عبدالله على الجانب التثقيفي فحسب، بل تجمع بين التعليم والترفيه بطريقة جميلة، إذ يهدف المشروع أن يكون مكاناً جاذباً للزوار بمزيج من الأنشطة التعليمية الممتعة، بعيداً عن التكلف.
يمكن للجميع هنا الاستمتاع بتجارب متنوعة مثل المشي على الممرات المتعرجة، الجلوس على المروج الخضراء أو الاسترخاء أثناء نزهة هادئة، كما أن المناظر الطبيعية الخلابة التي تحيط بالحديقة تجعلها المكان المثالي لمحبّي التصوير.
وتعدّ البحيرة من أجمل معالم الحديقة وفيها يستطيع الزوار استئجار قوارب الدواسات للقيام بجولة في المياه الهادئة، أو الاستمتاع بمراقبة البط وهو يسبح في البحيرة.
توفر الحديقة كذلك العديد من المرافق مثل مناطق اللعب للأطفال، سوق للهدايا، مسرح مفتوح، مناطق للتخييم، إضافة إلى مطاعم ومقاهي تقدم مأكولات متنوعة، مساجد ومناطق جلوس مفتوحة لراحة الزوار، ومواقف سيارات واسعة تسهل الوصول إليها.
اقرأ أيضاً: الحديقة الحجرية بوابة مكة إلى العالم
حدائق الملك عبدالله ورؤية 2030
تساهم حدائق الملك عبدالله العالمية في تحقيق رؤية المملكة 2030 بشكل كبير، من خلال تعزيز جودة الحياة عبر توفير مساحات خضراء مستدامة تحسن رفاهية المواطنين والزوار، وكذلك من خلال اعتمادها على تقنيات صديقة للبيئة مثل الري الذكي والطاقة الشمسية،.
إلى جانب ذلك، تخلق الحديقة فرص عمل في مجالات متنوعة، ما يدعم الاقتصاد الوطني ويعزز السياحة المحلية والدولية.
وبهذا، تظلّ حدائق الملك عبدالله شاهداً على التزام المملكة برؤية 2030 في ملء كل زاوية من أراضيها بالحياة والإبداع فتلاقي الطبيعة بالتقدم، والبيئة بالابتكار، وتجعل من الصحراء القاحلة واحة خضراء.
اقرأ أيضاً: حلم الصحراء.. السعودية تطلق مشروع «القطارات الفاخرة»