في مشهد ميداني مهيب على أرض المنطقة الشمالية الغربية، وقف وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان، يراقب عن كثب تمرين قوات «النخبة» الخاصة، يعلو وجهه الرضا والفخر بأداء رجاله الذين جسّدوا في دقائق معدودة صورة حية عن القوة والانضباط والدقة. ومع التصفيق الذي تردّد في أرجاء الميدان وكلمات التقدير التي وجّهها الوزير لعناصره، يبرز سؤال جوهري لا بد أن يتبادر إلى ذهن كل متابع: ما هي قوات النخبة السعودية؟ كيف نشأت؟ وما سرّ هذه الهيبة التي تحيط بمهامها ودورها في منظومة الأمن الوطني؟
تمرين ميداني حديث لقوات النخبة
شهد الأمير خالد بن سلمان، وزير الدفاع السعودي، أول أمس الخميس 1 أيار/مايو في المنطقة الشمالية الغربية، تنفيذ تمرين ميداني لقوات «النخبة» الخاصة التابعة للوزارة، معبّراً عن فخره بالأداء العالي الذي قدّمته هذه القوات وما يعكسه من قدرة وجاهزية في صون أمن المملكة.

وفي تعليق عبر حسابه على منصة «إكس» (X)، قال وزير الدفاع إنه يشعر بالفخر لما أظهره التمرين من مستوى متقدّم يعكس إمكانيات القوات المسلحة السعودية في حماية البلاد، مؤكداً أنّ هذه الإنجازات تندرج ضمن جهود متواصلة لتحقيق رؤية الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء، الساعية إلى تطوير وزارة الدفاع وتعزيز قدراتها الدفاعية والعسكرية.
وخلال الزيارة، قدّم مدير مركز العمليات الخاصة المشترك للتمرين عرضاً تعريفياً أمام وزير الدفاع، استعرض فيه مهام المركز ومسؤولياته، ثم اطّلع الأمير خالد على عرض مرئي يتناول الإمكانيات التقنية والتنظيمية التي تتمتع بها قوات «النخبة»، بما يجسد التوجه الحديث للوزارة نحو بناء وحدات متخصصة عالية الكفاءة.
كما تابع الوزير شرحاً مفصلاً حول فرضية التمرين، التي تأتي ضمن سلسلة تدريبات نوعية تهدف إلى تنفيذ عمليات انتشار ميداني لعناصر القوات الخاصة في بيئات متعددة وظروف معقدة، مع التركيز على مهام نوعية ودقيقة. وانتقل الأمير خالد لاحقاً إلى المنصة الرئيسية، حيث شاهد عن قرب تنفيذ سيناريو الفرضية والتأكد من كفاءة الأداء الميداني.
اقرأ أيضاً: «شذرات من الفلكلور»: معرض يُعيد تعريف التراث بلغة الفن
وفي ختام الفعالية، ألقى وزير الدفاع كلمة توجيهية لعناصر قوات «النخبة»، مشيداً بروحهم القتالية العالية، قبل أن يقوم بتكريم المشاركين تقديراً لجهودهم وتسلم هدية تذكارية بهذه المناسبة.
وشهد التمرين حضور عدد من كبار المسؤولين العسكريين، من بينهم الفريق الأول الركن فياض الرويلي رئيس هيئة الأركان العامة، والفريق الركن فهد السلمان قائد القوات المشتركة، والفريق الركن فهد الجهني رئيس أركان القوات البرية، والفريق الركن محمد الغريبي، رئيس أركان القوات البحرية، إلى جانب هشام بن سيف مدير عام مكتب وزير الدفاع، واللواء الركن حسين القحطاني، قائد المنطقة الشمالية الغربية، وعدد من الشخصيات العسكرية والمدنية.
قوات النخبة.. النشأة والتأسيس؟
تعود جذور قوات الأمن الخاصة (Special Security Forces) إلى عام 1382هـ (1962م)، حين شُكّلت كسرية محدودة المهام لحراسة سمو ولي العهد آنذاك، الأمير فيصل بن عبد العزيز. وفي عام 1383هـ (1963م)، تم تحويل هذه السرية إلى قوة أمن خاصة مستقلة، لتتوسع مهامها وتشمل حماية الشخصيات الهامة والمنشآت الحيوية، ومكافحة الإرهاب، وتنفيذ العمليات الخاصة.
تطور ومهام قوات النخبة السعودية
مع مرور الزمن، شهدت قوات الأمن الخاصة تطوراً ملحوظاً في هيكلها التنظيمي ومهامها. فقد تم تزويدها بأحدث التقنيات والمعدات، وتدريب أفرادها على أعلى المستويات، مما مكنها من تنفيذ مهام معقدة بكفاءة عالية. وتشمل مهامها اليوم: مكافحة الإرهاب والتطرف – حماية الشخصيات الهامة – تأمين المنشآت الحيوية – تنفيذ العمليات الخاصة – المشاركة في المهام الإنسانية والإغاثية.
تتبع قوات الأمن الخاصة لوزارة الداخلية السعودية، وتخضع لإشراف مباشر من القيادة العليا. وقد تعاقب على قيادتها عدد من الضباط الأكفاء الذين ساهموا في تطويرها وتعزيز قدراتها. آخرهم الفريق عبد الله بن عبد العزيز القرني (من 1/8/2024 إلى الآن).
التدريب والتأهيل
تولي قوات الأمن الخاصة أهمية كبيرة لتدريب وتأهيل أفرادها. فقد أنشأت مراكز تدريب متخصصة، وتعاونت مع جهات دولية لتبادل الخبرات. ويشمل التدريب: اللياقة البدنية العالية – استخدام الأسلحة والمعدات الحديثة – التكتيكات القتالية – التعامل مع الأزمات – الإسعافات الأولية – الإنجازات والعمليات
ونفذت قوات الأمن الخاصة العديد من العمليات الناجحة التي ساهمت في حفظ الأمن والاستقرار في المملكة. من أبرز هذه العمليات، تفكيك خلايا إرهابية، ففي عام 2016، أعلنت وزارة الداخلية السعودية عن تفكيك شبكة إرهابية مكونة من ثلاث خلايا تابعة لتنظيم «داعش»، كانت تخطط لتنفيذ أربع عمليات إرهابية في الرياض. وأسفرت العملية عن اعتقال 17 شخصاً من جنسيات مختلفة.
كذلك، من مهام القوات تحرير رهائن، ومثل ذلك ما حدث في فبراير 2017، حيث نفذت قوات المهمات والواجبات الخاصة عملية نوعية في الرياض لتحرير ثلاث رهائن (سيدة وابنتها وخادمتها) احتجزهن مواطن مسلح داخل منزله. تمت العملية بنجاح دون وقوع إصابات، وشملت اقتحام المبنى عبر إنزال جوي.
وتتولى «النخبة» تأمين فعاليات كبرى أيضاً، فخلال فعاليات كأس العالم فيفا 2022، شاركت وحدات عسكرية وأمنية متعددة الجنسيات، بما في ذلك قوات النخبة السعودية، في تأمين البطولة.
وفي السابق، قامت قوات النخبة بالمشاركة في مهام إنسانية داخل وخارج المملكة، منها في عام 1993، عندما شاركت في مهمة إنسانية بالصومال تحت مظلة الأمم المتحدة، حيث قامت بتأمين توزيع المساعدات الإغاثية وحماية القوافل الإنسانية. كما لعبت دورًا مشابهًا في اليمن خلال عملية «إعادة الأمل»، حيث ساهمت في تأمين المساعدات الإنسانية وحماية المنشآت الحيوية.