تمثل الشركة السعودية للمعلومات الائتمانية “سمة” إحدى الركائز الأساسية في القطاع المالي بالمملكة العربية السعودية، حيث تلعب دورًا محوريًا في تطوير منظومة ائتمانية تعتمد على الشفافية والكفاءة.
وباعتبارها أول شركة مرخصة في السوق السعودية، تقوم “سمة” بجمع ومعالجة البيانات الائتمانية، مما يتيح للمقرضين والأفراد وقطاع الأعمال اتخاذ قرارات مستندة إلى معلومات دقيقة، بما يساهم في الحد من المخاطر وتعزيز الاستقرار المالي.
وتمتلك “سمة” قاعدة بيانات واسعة تغطي مختلف القطاعات، حيث تستند إلى أكثر من 330 مصدراً للبيانات الائتمانية، ما يجعلها أحد المكونات الرئيسية لشبكة المعلومات الوطنية “فنداتا” (FenData)، حيث تخضع هذه البيانات لإشراف مباشر من البنك المركزي السعودي لضمان دقتها وامتثالها للمعايير التنظيمية.
نشأة وتطور “سمة”: من الفكرة إلى التطبيق
نشأت فكرة تأسيس “سمة” في عام 1998م كجزء من رؤية استراتيجية لإنشاء جهة مستقلة للمعلومات الائتمانية في المملكة العربية السعودية.
وتم تطوير التصورات التقنية بالشراكة مع مؤسسة التمويل الدولية (IFC) التابعة لمجموعة البنك الدولي، وتحت إشراف مؤسسة النقد العربي السعودي، التي كانت الجهة المنظمة للقطاع المالي في ذلك الوقت.
وفي عام 2002م، تأسست “سمة” كشركة ذات مسؤولية محدودة بمبادرة من عشرة بنوك سعودية، لتكون الجهة المعنية بجمع وتبادل المعلومات الائتمانية بين البنوك.
وبعد عامين، بدأت الشركة عملياتها الفعلية في السوق السعودية، مركزة على تقييم الجدارة الائتمانية للأفراد والمؤسسات بهدف تقليل مخاطر الائتمان وتعزيز الاستقرار المالي.
وفي إطار توسعها المستمر، صدر قرار وزارة التجارة عام 2014م بتحويل “سمة” إلى شركة مساهمة مقفلة، ما يعكس نمو أعمالها ومكانتها في قطاع المعلومات الائتمانية.
اقرأ أيضاً: منصة إيجار.. منظومة رقمية لتنظيم قطاع الإيجار العقاري في المملكة
دور “سمة” في تعزيز الاستقرار المالي
لا تقتصر مهام “سمة” على جمع البيانات، بل تمتد لتوفير بنية مالية متكاملة تدعم النمو الاقتصادي المستدام.
ومن خلال تقاريرها الائتمانية الدقيقة والمحدثة، تمكن الجهات المانحة من تقييم الجدارة الائتمانية للأفراد والمؤسسات، مما يتيح اتخاذ قرارات تمويلية أكثر دقة ويسهم في الحد من المخاطر المالية.
وتعتمد “سمة” على نماذج تحليلية متقدمة تجمع بين المتغيرات المالية وغير المالية لاستقراء السلوك الائتماني للعملاء، ما يساعد في تقليل معدلات التعثر وزيادة نسب التحصيل.
كما تسهم في تحسين شروط التمويل، بما يضمن توافق الأسعار مع مستويات المخاطر الفعلية، ويدعم السياسات النقدية ويعزز نمو الاقتصاد عبر تحسين جودة الائتمان في السوق.
وتلتزم “سمة” بالحيادية التامة، حيث لا تتدخل في قرارات الأعضاء الائتمانية، مؤكدة أن دورها يقتصر على توفير المعلومات اللازمة لاتخاذ قرارات مستنيرة، وهو ما يجسده شعارها “معلوماتنا قراراتك”.
دعم متكامل للقرار الائتماني
عملت “سمة” على تطوير مجموعة من الأنظمة والمنتجات التي تلبي احتياجات السوق المتنوعة في مجال المعلومات الائتمانية.
وبدأ ذلك بإطلاق نظام “سمتي” عام 2004م، الذي يعنى بحفظ البيانات الائتمانية للأفراد، تلاه تأسيس قاعدة البيانات الوطنية عام 2006م، والتي ساهمت في دعم متطلبات معيار كفاية رأس المال الثاني في القطاع المصرفي.
وفي عام 2009م، أطلقت “سمة” نظام “سمات”، الذي يوفر معلومات دقيقة حول الجدارة الائتمانية لقطاع الأعمال، كما عززت دورها في عام 2017م بإطلاق مشروع “معرّف”، الذي يمنح الشركات هويات قانونية عالمية موحدة، مما يسهم في تحسين نظم التعرف على الكيانات التجارية.
إلى جانب هذه الأنظمة، توفر “سمة” خدمات تحليلية متقدمة، مثل “تنبيهات سمة” لرصد سلوكيات العملاء، وخدمة “تقييم” لدعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة، إضافة إلى “سمة 360” التي تقدم أدوات تحليلية متطورة، وخدمة “الموافقة المسبقة” لتحديد الجدارة الائتمانية للعملاء المحتملين.
كما تشمل المنتجات “تقييم سمة” للأفراد و”تقارير مقارنة الأداء الائتماني”، ما يوفر رؤية شاملة للمخاطر والفرص المالية.
وفي عام 2022م، وسعت “سمة” نطاق خدماتها بإطلاق تطبيق “ملمّ”، الذي يمكن الأفراد من متابعة تاريخهم الائتماني وسلوكهم المالي بسهولة ووضوح.
اقرأ أيضاً: جمعية ترميم.. جسر للتضامن المجتمعي في السعودية وتحقيق الاستقرار السكني
دعم متكامل للتنمية المستدامة
تتماشى جهود “سمة” بشكل وثيق مع أهداف رؤية السعودية 2030، التي تهدف إلى تنويع الاقتصاد، تعزيز دور القطاع الخاص، وجذب الاستثمارات لتحقيق التنمية المستدامة.
ومن خلال توفير بيانات ائتمانية دقيقة وشاملة، تسهم “سمة” في خلق بيئة أعمال أكثر تنافسية، ودعم كفاءة القطاع المالي، إضافة إلى تمكين المنشآت الصغيرة والمتوسطة من الوصول إلى التمويل اللازم لنموها، مع ضمان حماية حقوق المقرضين والمقترضين.