انطلق أمس الأحد 6 أبريل «أسبوع فن الرياض» بمبادرة من هيئة الفنون البصرية، والذي يستمر حتى 13 أبريل، محولاً العاصمة السعودية إلى ساحة مفتوحة للإبداع والحوار الفني، ليقدم منصة غير تجارية تحتفي بالفن الجميل، وتدعم الحراك الثقافي المتجدد في المملكة.
يعيد هذا الحدث الذي اتخذ من منطقة جاكس مقراً رئيسياً له، رسم العلاقة بين الجمهور والفن، وتحت شعار على مشارف الأفق، يفتح الأسبوع نوافذه على المستقبل، دون أن يغفل عن عمق الماضي وتفاصيل الحاضر.
إبداعات عالمية
تتناثر الفعاليات بحيوية على امتداد المدينة، أكثر من 45 معرضاً ومؤسسة ومجموعة فنية تشارك في صياغة هذا المشهد، من الشرق الأوسط وأفريقيا وآسيا وأوروبا، إلى المتحف السعودي للفن المعاصر (SAMoCA) الذي يتألق من خلال معرضين رئيسيين: «فن المملكة» و«تأقلم»، إلى جانب ورش عمل تفاعلية وعروض حية، كما يفتح المعهد الملكي للفنون التقليدية وِرث أبوابه للزوار، إضافة وجهات مميزة مثل شمالات للفنون، حوار جاليري وغيرها.
وتفتح أيضاً أبواب استوديوهات كبار الفنانين السعوديين أمام الجمهور، مثل مهند شونو، أيمن زيداني، أحمد ماطر، علي الرزازة، لولوة الحمود وعبدالله العثمان وآخرين، ليشاركوا زوارهم لحظات الخلق الفني، ويكشفوا عن عوالمهم الداخلية التي طالما ألهمت الكثيرين.
اقرأ أيضاً: بينالي الفنون الإسلامية 2025 لقاءُ الفن بالإلهام الروحي
في كلمتها خلال حفل الافتتاح، أكدت الأميرة أضواء بنت يزيد بن عبدالله، رئيسة «أسبوع فن الرياض»، أن هذا الحدث يجسد روح التواصل بين الفنانين ويعزز الحراك الثقافي من خلال مجموعة متنوعة من الأعمال التي تمثل تجارب محلية وعالمية، وأضافت: «من اللافت أن نرى مشاركة فنانين سعوديين من صالات عرض دولية، في حدث يضم أكثر من 50 صالة عرض وأكثر من 500 عمل فني».
من جهتها، أوضحت دينا أمين، الرئيس التنفيذي لهيئة الفنون البصرية، أن «أسبوع الفن» يمثل محطة هامة في جهود الهيئة لتطوير القطاع الفني وتعزيز حضوره على الصعيدين المحلي والعالمي، مؤكدة أن هذا الحدث يوفر منصة لتسليط الضوء على المواهب السعودية وربطها بالحوار الفني العالمي بما يتماشى مع أهداف رؤية 2030.
اقرأ أيضاً: عراقة الفنون السعودية تلتقي بروح المغامرة في داكار 2025
يركز المعرض الرئيسي «على مشارف الأفق» على ثلاثة مواضيع رئيسية: الحياة اليومية، المناظر الطبيعية، والزخارف، وستكون هذه المواضيع محط نقاش من خلال ورش عمل وحوارات يقودها فريق من القيّمين المتخصصين مثل Vittoria Matarrese ڤيتوريا ماتاريزي وBasma Harasani بسمة هراساني، وVictoria Gandit Lelandais ڤيكتوريا غانديت ليلاندايس، وShumon Basar شومون بازار.
وتعليقاً على انطلاقة أسبوع الفن، أفادت ڤيتوريا ماتاريزي، المديرة الفنية والقيمة على الحدث، بأن المجموعات الفنية المعروضة هذا العام تعكس تطوراً ملحوظاً في السرديات الفنية للمملكة، حيث تجمع بين التراث والعصرية.
بدوره، أشار شومون بازار، القيّم الفني للبرنامج الثقافي العام ضمن الأسبوع، إلى أن البرنامج يحمل عنوان «كيف نُنشئ عالماً فنياً: دروس في القيمة»، ويهدف إلى فتح حوار عالمي حول التجارب الفنية والمؤسسية من أنحاء العالم كافة، وأضاف أن الهدف هو مناقشة القيم التي يُولدها الفن في العصر الحديث، سواء كانت اقتصادية أو اجتماعية أو رمزية، وكيف يمكن أن يكون الفن أداة لفهم التحولات الثقافية بدلاً من مجرد انعكاس لها.
اقرأ أيضاً: فنون سعودية معاصرة تتألق في معرض «فن المملكة»
أبرز الأعمال والمشاركين في أسبوع الفن
تعد مشاركة مجموعة مركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي إثراء، من أبرز المشاركات في أسبوع الفن، إذ تعرض أعمالاً تفاعلية تسلط الضوء على العلاقة بين الذاكرة المادية والتحولات الفنية، وتظهر تداخل التراث السعودي مع التأثيرات العالمية.
كما تقدم مجموعة فن جميل عروض فيديو فنية تناقش مواضيع مثل الهوية والانتماء والتحولات الثقافية، مستعرضة تطور فن الفيديو في المنطقة، أما المجموعة السعودية للأبحاث والإعلام SRMG فتسجل حضوراً مميزاً بعرض تطور الفن التجريدي السعودي، إذ تقدم أعمالاً لرواد هذا التيار إضافة إلى إبداعات الجيل الجديد من الفنانين الذين يعيدون تشكيل مفهوم التجريد في المشهد الفني السعودي.
ويقدم معرض ليسون مجموعة من الأعمال المميزة للفنان المصري وائل شوقي، من سلسلته مخيم مشروع الخليج، ويضم هذا المعرض منحوتات خشبية ضخمة ومعقدة ومنحوتات برونزية رائعة، إضافة إلى مجموعة من الرسومات المدهشة التي تجمع بين الحبر والزيت.
إلى جانب ذلك، تشارك الفنانة القطرية مريم الحميد، المصممة الحائزة على جوائز، من خلال معرض المرخية، حيث تدمج في أعمالها بين التقنيات الحديثة والحرف التقليدية.
اقرأ أيضاً: منال الضويان فنانة سعودية تُبدع في كل لقطة!
من جهة أخرى، تشارك الفنانة التشكيلية المصرية علياء الجريدي في الفعاليات عبر معرض خاص بتنظيم مشترك بين جاليري إرم بالرياض وجاليري مصر في القاهرة، وتقدم الجريدي في معرضها باقة من الأعمال التي تدعو المتلقي إلى التفاعل مع اللوحات.
وتعكس أعمال الجريدي رؤيتها المقلقة لمستقبل العالم، إذ تتناول فكرة التمزق بين الحقيقة والخيال، ومن خلال أعمالها الفنية، تسعى إلى تجسيد فكرة انقسام الكوكب في زمن التحولات العميقة. وتؤمن أن الأساطير والخرافات غالباً ما تحتوي على بذور من الحقيقة.
ختاماً، يدعو أسبوع فن الرياض للاحتفاء بالجمال، مؤكداً دور السعودية المتنامي في عالم الفن، ومكانتها الثقافية التي تعبر عن هويتها العريقة ورؤيتها المستقبلية.
اقرأ أيضاً: «الحي الإبداعي» بوابة نحو مستقبل اقتصادي مشرق