وسط أجواء من التوترات الصاخبة التي يشهدها الشرق الأوسط في هذه الأيّام، انطلقت القمة الأوروبية الخليجية الأولى في بروكسل لتجمع قادة العالم على طاولة واحدة، في مسعى من الجميع لنسج خيوط تعاون جديد يواجه الأزمات ويعيد رسم خارطة الاستقرار والتنمية بين ضفتي العالم.
انطلقت القمة الأوروبية الخليجية الأولى في بروكسل، بمشاركة قادة من الجانبين، وكان على رأس وفود الخليج الوفد السعودي برئاسة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، وركزت القمة بشكل كبير على الأزمة في الشرق الأوسط، وخاصة الحرب في غزة ولبنان، بالإضافة إلى مناقشة قضايا اقتصادية متعددة.
قبيل بدء الاجتماعات، دعا القادة الأوروبيون، مثل رئيس وزراء آيرلندا سيمون هاريس، إلى وقف فوري للحرب في غزة ولبنان، وأشار إلى ضرورة تعليق اتفاقية الشراكة الأوروبية مع الكيان الإسرائيلي بناءً على قرارات محكمة العدل الدولية.
اقرأ أيضاً: أول موقعان للسماء المظلمة في السعودية والخليج
ومن جانبه، أشار جاسم البديوي، الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي، إلى أن إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، هو السبيل لتحقيق الاستقرار في المنطقة، وفي كلمته الافتتاحية، شدّد البديوي على أهمية التعاون المستمر بين الدول لتحقيق الأمن والنماء والاستقرار للمنطقتين والعالم.
وأضاف البديوي أن قطاع غزة يعاني من آثار الحرب التي تشنها قوات الكيان الإسرائيلية، ودعا إلى وقف فوري لإطلاق النار، مؤكداً أن استمرار الحرب أدى إلى تصعيد الأوضاع في الأراضي الفلسطينية وامتدادها إلى لبنان، بالإضافة إلى تهديد الملاحة التجارية في البحر الأحمر.
وخلال القمة، أعرب البديوي عن تقديره للجهود المبذولة من قبل دول الخليج، ولا سيما السعودية وقطر، للتوصل إلى حلول دائمة للأزمة في غزة والأراضي الفلسطينية الأخرى، مشيداً بالتنسيق المستمر مع الشركاء الدوليين.
كما أكد البديوي على أهمية المبادرة التي أطلقتها السعودية والت حملت عنوان «التحالف الدولي لتنفيذ حل الدولتين»، والتي تشارك فيها دول عربية وإسلامية وأوروبية، بهدف تحقيق السلام بناءً على القرارات الأممية ذات الصلة.
هذا وتهدف القمة إلى تعزيز العلاقات الاستراتيجية بين الاتحاد الأوروبي ومجلس التعاون الخليجي، مع التركيز على تعزيز التعاون الاقتصادي والاستثماري ومواجهة التحديات العالمية، وفي تعليقه على مجريات القمة، أشار رئيس الوزراء اليوناني كرياكوس ميتسوتاكيس إلى أهمية القمة في ظل تصاعد الأحداث في الشرق الأوسط، مؤكداً على ضرورة الحوار لوقف التصعيد وضمان الاستقرار.
وعبر وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيف بوريل عن استعداد الاتحاد للعمل بشكل مشترك لمواجهة التحديات المشتركة.
وممّا تهدف القمة أيضاً إلى تقريب وجهات النظر بشأن القضايا العالمية، مثل الحرب في أوكرانيا، حيث يسعى الاتحاد الأوروبي للتقارب مع دول الخليج التي تربطها علاقات جيدة بروسيا.
وفيما يتعلق بالتعاون التجاري، يأمل الاتحاد الأوروبي في إعادة تفعيل المفاوضات حول اتفاقية التجارة الحرة، بعد توقفها في عام 2008، ويتطلع لتوسيع التعاون التجاري والاقتصادي بين الكتلتين، إذ تُعد دول مجلس التعاون الخليجي سوقاً مهماً للاتحاد الأوروبي.
اقرأ أيضاً: جائزة المستثمر الخليجي الذكي 2025
هذا وجاء في البيان المشترك الصادر عن القمة الأوروبية الخليجية الأولى أن الطرفين ملتزمان ببناء شراكة استراتيجية قائمة على «الاحترام المتبادل والثقة»، وأكد الجانبان عزمهما على «التعاون لتعزيز الأمن والرفاه العالميين، ومنع تصاعد النزاعات، وحل الخلافات من خلال تعزيز الحوار والتنسيق المتبادل».
كما اتفق الطرفان على الحفاظ على استمرار الحوار، حيث ستستضيف السعودية القمة الأوروبية الخليجية الثانية في عام 2026، مع عقد قمة على مستوى الوزراء في الكويت في العام المقبل 2025.
وبشأن الوضع في لبنان، أعرب البيان عن القلق إزاء «التصعيد الخطير»، مشدداً على دعمه للشعب اللبناني ومطالبته بوقف فوري لإطلاق النار والالتزام بالقرار 1701 الذي ينص على انسحاب «حزب الله» إلى شمال نهر الليطاني، ومستنكراً الهجمات الإسرائيلية التي استهدفت قوات «اليونيفيل» الدولية جنوب لبنان.
يشار إلى أنه في السنوات الأخيرة، زادت المفوضية الأوروبية من جهودها لتعزيز العلاقات مع دول الخليج، بتعيين مبعوث خاص للمنطقة، ونتج عن هذه الجهود سلسلة من الاجتماعات رفيعة المستوى وبرامج تعاون مشتركة تشمل مجالات متعددة مثل الطاقة والتجارة ومكافحة الإرهاب.
اقرأ ايضاً: مهرجان المسرح الخليجي يخصص مسرحية لكل دولة