أفادت مصادر مطلعة أن المملكة المتحدة في المراحل الأخيرة من مفاوضات اتفاقية تجارة حرة مع مجموعة من دول الشرق الأوسط الغنية بالنفط، بما في ذلك السعودية، حيث تعد الصفقة مع مجلس التعاون الخليجي، الذي يضم ست دول، أولوية لحكومة رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، التي تتطلع إلى تعزيز النمو الاقتصادي وجذب الاستثمارات الأجنبية.
وبحسب المتحدث الرسمي باسم الحكومة البريطانية، فإنه من المقرر استكمال مفاوضات التجارة الحرة بين دول الخليج وبريطانيا خلال هذا الأسبوع في لندن.
وكشف المتحدث الرسمي باسم الحكومة البريطانية، أن المسؤولين الخليجيين، المعنيين بمفاوضات التجارة الحرة استمروا مع الجانب البريطاني، في مفاوضاتهم عبر اجتماعات افتراضية على المستوى الشخصي، بصورة متوالية ومنتظمة طوال شهر يناير 2025″، وفقاً لما أوردته صحيفة “الاقتصادية”.
وأشار المتحدث البريطاني إلى أنه سيصل وفد من دول الخليج الـ 6 إلى لندن خلال الأسبوع الجاري، لمناقشة الأجندة المطروحة حول اتفاقية التجارة بين الجانبين خلال الجولات الـ 10 من المفاوضات التي جرت خلال العام الفائت 2024.
كذلك، أشار المتحدث الرسمي باسم الحكومة البريطانية إلى أن مفاوضات اتفاقية التجارة الحرة، تجرى بوتيرة سريعة ويواصل المفاوضون إجراء مناقشات بناءة حول السلع والخدمات وأحكام التجارة المستدامة.
وأوضح أن “الاتفاقية ستبسط الإجراءات وتسهل على الشركات القيام بالأعمال التجارية مع بعضها بعضاً، وستزيل العوائق التجارية وتسهم في تحقيق نمو اقتصادي مشترك، نظراً لأن الاقتصادات تتمتع بقوى تكاملية”.
وكشف أن “النمو الاقتصادي هو المهمة الدافعة للحكومة البريطانية، فيما تلعب الصفقات التجارية في مفاوضات التجارة الحرة دوراً حيوياً، وسط مساع لإبرام صفقة تجارية حديثة مع الخليج كأولوية، والتركيز على تأمين صفقة تقدم قيمة حقيقية للشركات على كلا الجانبين، بدلاً من إنجازها بحلول تاريخ محدد.
وبيّن أن مستثمري دول الخليج يعتبرون من المستثمرين الكبار في خريطة الاستثمارات في المملكة المتحدة، بإجمالي استثمارات ثنائية تبلغ 15.5 مليار جنيه إسترليني على الأقل بنهاية 2024، فيما بلغ إجمالي المخزون الوارد من الاستثمار الأجنبي المباشر (FDI) من دول الخليج في المملكة المتحدة 4.8 مليار إسترليني على الأقل.
ووفقاً للمتحدث البريطاني، فإن الوصول إلى اتفاق مع دول الخليج في اتفاقية التجارة الحرة يمكن أن يزيد التجارة الثنائية بنسبة 16%، ما يضيف 8.6 مليار إسترليني سنوياً إلى التجارة بين المملكة المتحدة ودول الخليج على المدى الطويل.
بدوره، المنسق العام للمفاوضات لدول الخليج رئيس الفريق التفاوضي لدول الخليج، الدكتور رجا المرزوقي، أكد أن الاجتماع المعني سيجرى الأسبوع الجاري، بالفعل في العاصمة البريطانية، لندن.
وبيّن أنه “حتى الآن لا توجد نقاط واضحة معينة سيتم طرحها للنقاش في هذا الاجتماع لمداولتها ونشرها عبر وسائل الإعلام”.
الجدير ذكره، أن حجم التبادل التجاري بين المملكة المتحدة ومجلس التعاون الخليجي يبلغ حوالي 73 مليار دولار (57 مليار جنيه إسترليني) سنوياً، وفقاً للحكومة البريطانية.
وفي تصريحات صحافية سابقة، كشفت وزارة الأعمال والتجارة البريطانية، أن اتفاقيات التجارة مثل هذه تلعب دوراً حيوياً في تعزيز الاقتصاد البريطاني، مبينة “نحن نسعى لإبرام صفقة تجارية حديثة مع دول الخليج كأولوية، وهدفنا هو تأمين اتفاقية تحقق قيمة حقيقية للشركات على الجانبين، بدلاً من التركيز على إتمامها بحلول موعد محدد”.
يشار إلى أنه في يوليو الماضي، أعلنت بريطانيا نيتها استئناف محادثات التجارة مع عدد من الشركاء الدوليين، بما في ذلك مجلس التعاون الخليجي، وذلك بعد 7 جولات من المناقشات، حيث تم الاتفاق على بعض النصوص، لكن لا يزال هناك عدد كبير من المجالات المعلقة لمزيد من التفاوض.
وفي 24 سبتمبر 2024، استؤنفت مفاوضات التجارة الحرة مع دول الخليج، ومنذ ذلك الحين، عقدت المملكة المتحدة مفاوضات مستمرة، بما في ذلك زيارة وفد خليجي إلى لندن في أكتوبر 2024، فضلاً عن زيارة وفد بريطاني إلى الرياض في نوفمبر 2024.
وتعد دول الخليج رابع أكبر سوق تصدير خارج الاتحاد الأوروبي للمملكة المتحدة بعد الولايات المتحدة والصين وسويسرا، وهي أحد الاقتصادات الديناميكية عالية الدخل التي تضم 54 مليون شخص ويبلغ حجم اقتصادها الجماعي 16 تريليون دولار.
وإذا تم التوصل إلى اتفاق قريباً، فقد يحقق ذلك دفعة سياسية لحكومة حزب العمال، التي لم توقع أي اتفاقيات تجارة حرة منذ وصولها إلى السلطة في يوليو. وخلال حملته الانتخابية، وعد ستارمر بإعادة بناء العلاقات الدولية وجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية لتعزيز الاقتصاد.
ويمكن لاتفاقيات التجارة الحرة أن تدعم الأعمال بين الدول من خلال خفض الرسوم الجمركية وتسهيل العوائق التجارية الأخرى.
رغم اعتماد دول الخليج بشكل كبير على النفط والغاز، فإن السعودية، والإمارات، وقطر تنفق مئات المليارات من الدولارات لتنويع اقتصاداتها وتطوير قطاعات مثل الذكاء الاصطناعي، وتصنيع الرقاقات، والسياحة، إذ يرون في الاستثمار الأجنبي عاملاً حاسماً في تحولاتهم الاقتصادية.
كما تمتلك هذه الدول بعضاً من أكبر صناديق الثروة السيادية في العالم. وشكّل كل من صندوق الاستثمارات العامة السعودي، و”مبادلة للاستثمار” في أبوظبي، و”جهاز قطر للاستثمار” مصدراً كبيراً للاستثمارات الأجنبية في المملكة المتحدة خلال العقد الماضي.
اقرأ أيضاً: السعودية بريطانيا: بيان لخفض التصعيد الإقليمي.. ماذا تضمن؟