شهد الربع الأول من العام 2024 استثمارات سعودية أمريكية كبيرة، الأمر الذي حقق تطوراً ملحوظاً في العلاقات بين البلدين، حيث بلغت قيمة العقود التي أُبرمت ما بين الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة العربية السعودية حوالي 31.7 مليار دولار أمريكي.
وتغطي هذه العقود مجموعة واسعة من القطاعات، بما في ذلك الطاقة، والبنية التحتية، والتكنولوجيا، والتصنيع.
وعبر العقود الجديدة، تستثمر المملكة في مشاريع استراتيجية تعزز من قدراتها التنافسية على الساحة الدولية، مثل تطوير بنية تحتية متقدمة ومشاريع في قطاع الطاقة المتجددة.
وبكلمة أولى، يمكن القول إن هذا التنوع بالقطاعات يعكس رؤية المملكة 2030 التي تهدف إلى تقليل الاعتماد على النفط كمصدر رئيسي للدخل وتنويع الاقتصاد الوطني.
اقرأ أيضاً: فيصل بن فرحان يبحث مع بلينكن جهود وقف إطلاق النار في غزة
وأن هذا الحجم الهائل من العقود يعكس مدى عمق العلاقات الاقتصادية بين الرياض وواشنطن، كما يعزز الشراكة الاستراتيجية التي تمتد لعقود وتستند إلى مصالح مشتركة وأهداف تنموية طويلة الأمد.
تمثل الطاقة، على سبيل المثال، جزءاً كبيراً من هذه العقود، حيث تسعى السعودية إلى تعزيز استثماراتها في قطاع الطاقة المتجددة، بما يتماشى مع أهدافها للحد من الانبعاثات الكربونية وتحقيق الاستدامة البيئية.
وتشمل العقود مشاريع ضخمة لتطوير محطات طاقة شمسية ورياح، إضافة إلى تعزيز قدرات المملكة في مجال الطاقة النووية للأغراض السلمية.
كما تشمل الاستثمارات في البنية التحتية، تطوير مشاريع كبرى مثل المدن الذكية والموانئ والمطارات، ما يضع المملكة في مقدمة الدول التي تسعى لتبني أحدث التقنيات في تطوير بنيتها التحتية.
وهذه المشاريع بمجملها، ستسهم بلا شك في تحسين نوعية الحياة في المملكة، وجعلها وجهة مفضلة للمستثمرين والسياح على حد سواء.
لعب مجلس الأعمال السعودي الأمريكي، الذي يُعد من أقدم المنصات التعاونية بين البلدين، دوراً محورياً في تسهيل هذه العقود الضخمة.
وكان قد تأسس هذا المجلس منذ أكثر من ثلاثين عاماً، ويهدف إلى تعزيز الشراكات التجارية والاستثمارية بين الرياض وواشنطن.
وعلى مدى العقود الثلاثة الماضية، أسهم المجلس في دعم وتسهيل مئات الاتفاقيات بين الشركات السعودية والأمريكية، ما أدى إلى تعميق الروابط الاقتصادية بين البلدين.
وفي احتفاله الأخير بمرور ثلاثين عاماً على تأسيسه، أكد المجلس على أهمية هذه العقود الجديدة، مشيراً إلى أنها ليست مجرد اتفاقيات تجارية، بل هي جزء من استراتيجية أوسع تهدف إلى تعزيز النمو الاقتصادي في البلدين.
اقرأ أيضاً: تحالف دولي للاستثمار في الهيدروجين السعودي الأخضر
بالتوازي، قامت المملكة العربية السعودية بخطوات جادة لتحسين بيئتها الاستثمارية عبر سلسلة من الإصلاحات الاقتصادية والقانونية التي تجعل السوق السعودي أكثر جاذبية للمستثمرين الدوليين.
إذ تسعى المملكة إلى جذب استثمارات أجنبية مباشرة تسهم في تحقيق أهداف رؤية 2030، والعقود التي وقّعت خلال الربع الأول من 2024 تمثل شهادة على نجاح هذه الإصلاحات.
أمّا عن التأثيرات الاقتصادية والاجتماعية، فالاستثمارات السعودية الأمريكية الجديدة التي أبرمتها المملكة مع الولايات المتحدة من المتوقع أن تساهم في خلق آلاف الوظائف الجديدة للسعوديين، سواء بشكل مباشر في المشاريع التي سيتم تنفيذها أو بشكل غير مباشر من خلال الشركات الصغيرة والمتوسطة التي ستشارك في سلسلة التوريد.
وهذا سيعزز من الاقتصاد الوطني ويقلل من معدلات البطالة، الأمر الذي سيسهم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة التي تسعى إليها المملكة.
اقرأ أيضاً: كيف واجهت المملكة العربية السعودية مشكلة البطالة؟
علاوة على ذلك، ستساهم هذه العقود في نقل التكنولوجيا والمعرفة من الشركات الأمريكية إلى السوق السعودي.
وهذا بدوره سيضع السعودية في مقدمة الدول التي تقود التحول الاقتصادي في المنطقة، ويعزز من مكانتها كقوة اقتصادية صاعدة على الساحة الإقليمية.
ختاماً، يشار أنه من المتوقع أن تشهد الفترة المقبلة المزيد من التعاون ما بين البلدين، وفي مجالات أخرى مثل التعليم، والرعاية الصحية، والأمن السيبراني.
فعقود الربع الأول من 2024 تمثل بداية لفصل جديد في العلاقات، حيث يعكف كلا الطرفين على استكشاف مجالات جديدة للتعاون تصب في مصلحة شعبي البلدين.
اقرأ أيضاً: السعودية تترقب وصول أول أسطول من السفن الطائرة