في أروقة الرياض، وتحديداً بين جدران مكتب وزير الدفاع السعودي، امتزجت رؤية المستقبل مع ثقل التاريخ، بلقاء لم يكن مجرد اجتماع رسمي، بل محطة لتعزيز الروابط الاستراتيجية بين مملكتين تشتركان في تطلعات الأمن والاستقرار، وفي أجواء تحمل عبق التحالفات العريقة، ناقش الطرفان سبل تطوير التعاون العسكري والدفاعي، لتظل الشراكة السعودية البريطانية نموذجاً يحتذى في مواجهة تحديات عالم لا يهدأ.
وفي التفاصيل، التقى الأمير خالد بن سلمان بن عبد العزيز، وزير الدفاع السعودي، بنظيره البريطاني جون هيلي، حيث جرى استعراض الشراكة الاستراتيجية بين المملكة العربية السعودية والمملكة المتحدة وسبل تعزيزها وتطويرها في مجالات التعاون العسكري والدفاعي.
الاجتماع، الذي عُقد في مكتب الأمير خالد بن سلمان بالرياض، تناول مناقشة الجهود المشتركة لمواجهة التحديات التي تواجه المنطقة، بالإضافة إلى تبادل وجهات النظر حول تعزيز الأمن والاستقرار على المستويين الإقليمي والدولي.
شهد اللقاء حضور عدد من المسؤولين من الجانبين، فمن الجانب السعودي، حضر الأمير خالد بن بندر بن سلطان، سفير السعودية لدى المملكة المتحدة، والأمير عبد الرحمن بن محمد، نائب وزير الدفاع، والمهندس طلال العتيبي، مساعد وزير الدفاع، والدكتور خالد البياري، مساعد وزير الدفاع للشؤون التنفيذية، وهشام بن عبد العزيز بن سيف، مدير عام مكتب وزير الدفاع، إضافة إلى اللواء الطيار الركن رياض أبو عباة، الملحق العسكري في السفارة السعودية بلندن ودبلن.
ومن الجانب البريطاني، حضر اللقاء نيل كرومبتون، سفير المملكة المتحدة لدى السعودية، وأفريل جوليفي، المديرة العامة للصناعة والتجارة والأمن الاقتصادي بوزارة الدفاع البريطانية، وماثيو كولينز، نائب مستشار الأمن القومي، والعميد بن وايلد، الملحق العسكري بالسفارة البريطانية في الرياض، وريتشارد بيرثون، مدير عمليات الحرب الجوية المستقبلية بوزارة الدفاع البريطانية.
اقرأ أيضاً: شركة طيران الرياض: مزايا للمسافرين بين السعودية وبريطانيا
وكان قد سبق ذلك أن قام وزير الخارجية السعودي، الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله، بزيارة إلى العاصمة البريطانية لندن في 13 آب/أغسطس من العام الجاري 2024، وهدفت الزيارة إلى تعزيز التعاون الثنائي بين المملكة العربية السعودية والمملكة المتحدة، وركزت حينها على مناقشة القضايا الإقليمية والدولية التي تهم الجانبين، بما يعزز العلاقات الاستراتيجية بين البلدين.
فخلال الاجتماع، ناقش الجانبان الأوضاع المتوترة في المنطقة، وتحديداً في غزة والسودان، حيث أكد الوزير السعودي على أهمية وقف إطلاق النار وإيصال المساعدات الإنسانية إلى السكان المتضررين، وشدد الأمير فيصل بن فرحان على ضرورة دعم الحلول السياسية التي تضمن استقرار السودان وسلامة شعبه.
هذا وتستعد بريطانيا قريباً لإطلاق محادثات حول اتفاقية تجارة حرة جديدة مع ست دول خليجية، في خطوة تعكس سعيها لتعزيز العلاقات التجارية مع شركاء عالميين بعد مغادرتها الاتحاد الأوروبي، وستشهد العاصمة السعودية، الرياض، انطلاق هذه المفاوضات، حيث ستلتقي وزيرة التجارة البريطانية “آن-ماري تريفيليان” بممثلين عن مجلس التعاون الخليجي، الذي يضم كلاً من السعودية، الإمارات، قطر، عمان، الكويت، والبحرين.
اقرأ أيضاً: زيارة وزير الخارجية السعودي لبريطانيا: التعاون الثنائي وجهود السلام في المنطقة
وأعربت “تريفيليان” عن تطلعها لفتح آفاق جديدة أمام الشركات البريطانية بمختلف أحجامها، مشيرة إلى أن أكثر من 10000 شركة صغيرة ومتوسطة الحجم تصدّر حالياً منتجاتها إلى دول الخليج، وتأمل بريطانيا أن تسهم الاتفاقية المرتقبة في تقليص أو إزالة الرسوم الجمركية على صادراتها الغذائية والمشروبات إلى المنطقة، والتي بلغت قيمتها 625 مليون جنيه إسترليني العام الماضي.
وفيما يتعلق بالقطاعات المستهدفة، لن تشمل الاتفاقية المتوقعة موارد النفط والغاز، ولكنها ستركز على مجالات مثل تصنيع المعدات وسلاسل التوريد المتعلقة بها، وتأمل بريطانيا أن تدعم هذه الخطوة جهود دول الخليج لتنويع اقتصاداتها بعيداً عن الاعتماد على النفط، مع السعي لإزالة الرسوم الجمركية على منتجات بريطانية مثل أجزاء توربينات الرياح.
يُذكر أن هذه المفاوضات تأتي ضمن سلسلة من المحادثات التي أطلقتها بريطانيا هذا العام، والتي شملت الهند وكندا والمكسيك، في إطار مساعي لندن لتعزيز مكانتها التجارية على الساحة الدولية بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي «بريكست».