في بيئة سعودية منفتحة عاشت الدكتورة إخلاص عبدالعزيز السندي، إذ كان لوالدها الدور الكبير في تشكيل شخصيتها، وحولت شغفها بالعلم والدراسة إلى واقع عملي جعل منها في مقدمة النساء السعوديات الملهمات، وهي صاحبة مسيرة علمية حافلة بالإنجازات.
حاصلة الدكتورة إخلاص السندي على درجة الدكتوراه في علم الوراثة الجزيئية الطبية من جامعة كوينزلاند في أستراليا وتشغل منصب مديرة البحث العلمي والمسؤولية الاجتماعية في كلية البترجي الطبية ووكيلة شؤون الطلاب في كلية البترجي الطبية، أستاذ مشارك في جامعة الملك عبد العزيز.
وهي أيضاً رائده في المسؤولية المجتمعية، واشرفت على اكثر من 150 حملة تطوعية على مستوى المملكة العربية السعودية، وقدمت العديد من الأبحاث العلمية في مجال التكنولوجيا الحيوية وعلم الوراثة الطبية ونالت العديد من الجوائز العلمية، منها جائزة الملحق الثقافي للتميز في أستراليا عام 2014، و محكمة لجائزة جدة للإبداع لثلاث سنوات على التوالي، كما ساهمت في تنظيم العديد من المؤتمرات والورش على المستويات المحلية والدولية، وقدمت عدداً من المحاضرات وورش العمل حول مواضيع التكنولوجيا الحيوية وعلم الوراثة الطبية.
عملت الدكتورة إخلاص السندي في مجال التعليم العالي منذ سنوات، إذ كرست جهودها لخدمة الطلاب والطالبات، وتطوير بيئة أكاديمية محفزة تمكنهم من تحقيق إمكاناتهم، بفضل دعمها المستمر للطالبات أسهمت في تعزيز دور المرأة السعودية في الساحات الأكاديمية والمهنية.
مع التطورات السريعة في مجال الطب الحيوي وعلم الأعصاب، أصبحت الجينات الوراثية العصبية محوراً رئيسيا لفهم الأمراض المعقدة مثل الاضطرابات العصبية والنفسية، ومن هنا أدركت الدكتورة إخلاص السندي أن هذا التخصص يوفر فرصا هائلة للمساهمة في ابتكار حلول جديدة تعتمد على الفهم الدقيق للجينات وتأثيراتها على وظائف الجهاز العصبي.
اقرأ أيضاً: من هي الدكتورة خولة الكريع؟ قصة باحثة سعودية تحدث ثورة في مجال أبحاث السرطان
بالإضافة إلى ذلك، ذُهلت الدكتورة إخلاص كيف أن دراسة الجينات لیست مقتصرة على مجال واحد، بل تتداخل مع مجموعة واسعة من التخصصات الأخرى، مثل الطب والصيدلة، والتغذية، وعلم النفس، وحتى علم الاجتماع، وأتاح هذا التداخل المتنوع فرصاً للابتكار والتعاون بين التخصصات المختلفة، مما عزز من قدرة الدكتورة على تطوير علاجات متكاملة وشاملة على مر السنين.
ركزت أبحاثها على توظيف هذا التكامل بين التخصصات لفهم أعمق لكيفية تأثير الجينات على الصحة العقلية والجسدية وكيفية تسخير هذا الفهم لتلبية احتياجات المجتمع الطبية والصحية بطرق مبتكرة.
ونظمت الدكتورة إخلاص السندي وشاركت في أكثر من 300 حملة تطوعية، منها تنظيم حملة الزيارة الأطفال المصابين بالسرطان التي كان الهدف من هذه الحملة تقديم الدعم العاطفي لهؤلاء الأطفال ولعائلاتهم، وتشجيعهم في رحلتهم العلاجية، كان لهذه الزيارات أثر عميق ليس فقط على الأطفال الذين كانوا بحاجة إلى الدعم النفسي، بل أيضاً على المتطوعين الذين شاركوا في الحملة التي تعد من الحملات المؤثرة في نفس الدكتورة إخلاص السندي.
كما قامت بتنظيم ملتقى للأطفال ذوي الإعاقة، حيث سعت من خلاله إلى توفير بيئة شاملة تجمع بين التوعية والترفيه والتدريب، كان هذا الملتقى فرصة لدمج الأطفال في المجتمع، وتوفير منصة لأسرهم لتبادل الخبرات والدعم، تلك التجربة أكدت للدكتورة إخلاص أن التغيير يبدأ من التفاهم والمشاركة المجتمعية، وأن لديها الكثير لتقدمه في سبيل بناء مجتمع يحتضن الجميع دون استثناء.
تلك التجارب، وغيرها الكثير، جعلت من الدكتورة إخلاص السندي نموذج يحتذى به في مجال التطوع، وأن التطوع أداة فعالة تحدث فرقاً حقيقياً عندما يعمل الجميع لأجل هدف مشترك.
اقرأ أيضاً: رائدة الأعمال السعودية رنا البرهومي في حوار خاص مع أرابيسك لندن: “أنا بنسى نفسي لما أخبز”
تأثير والد الدكتورة إخلاص سندي على حياتها العملية والشخصية
الحب والشغف أعطى الدكتورة إخلاص السندي القدرة على التوازن بين الحياة المهنية والعائلية، فبحسب قولها أنه عندما يكون لديك شغف حقيقي بما تفعله، يتحول العمل من مجرد مهام إلى جزء من رسالتك في الحياة، هذا الشغف يجعل من السهل عليك أن تبذل كل ما لديك دون أن تشعر بالإرهاق، لأنك تستمتع بكل خطوة في رحلتك المهنية والشخصية.
وقالت: “بالنسبة لي، الشغف بما أعمله يسهم في خلق توازن طبيعي وتلقائي، حيث أجد نفسي مستمتعة بالتحديات والفرص التي أواجهها يومياً، سواء في مجال البحث أو التطوير الأكاديمي أو حتى في المشاركة في الأنشطة التطوعية والمجتمعية، وأعتقد أن التوازن ليس مجرد تقسيم للوقت بين العمل والحياة الشخصية، بل هو إيجاد الانسجام بينهما بحيث يشعر الإنسان بالرضا والإلهام في كل جانب من جوانب حياته.”
كان لوالد الدكتورة إخلاص السندي دوراً كبيراً في نجاحها، من خلال إيمانه بقدراتها وإمكانياتها، وإعطاءه للعلم والعمل الجاد أهمية كبيرة في حياتها، كان والدها يؤمن بأن التفاني والاجتهاد هما الطريق لتحقيق الأهداف، وكان يُظهر ذلك في كل جانب من جوانب حياته، هذا الإيمان غرس في نفسها ضرورة عدم التوقف عند أي عائق ومواصلة العمل بشغف لتحقيق أحلامها وطموحاتها.
كما علمها والدها أهمية التعلم المستمر وعدم التوقف عن تطوير الذات، كان دائماً المشجع الأول على استكشاف عوالم جديدة، سواء من خلال التعليم الأكاديمي أو من خلال تجارب الحياة، هذا النهج جعلها تتبنى التفكير الشمولي وتنظر إلى التحديات كفرص للنمو والتطور.
أما على الصعيد الشخصي، فكان لوالد الدكتورة إخلاص السندي دوراً في إظهار قيمة العطاء والتواضع، وبفضل توجيهاته، تعلمت أن النجاح ليس مجرد تحقيق الإنجازات، بل هو أيضاً في كيفية استخدام تلك الإنجازات لخدمة الآخرين وإحداث تغيير إيجابي، هذه الدروس شكلت جوهر رحلتها المهنية والشخصية.
كان لعمل التطوعي تأثير كبير على رؤيتها الشخصية والمهنية، وقد ساهم بشكل ملموس في تعزيز في بناء مهاراتها الحياتية ودورها كقائدة أكاديمية، فأكدت أنه من خلال تجاربها التطوعية، تعلمت الكثير من القيم والمهارات التي انعكست إيجاباً على عملها وحياتها.
فالعمل التطوعي عزز من قدراتها في القيادة والتواصل من خلال تنظيم وإدارة الحملات والمبادرات، كما اكتسبت مهارات في التنسيق والتخطيط، مما ساعدها على تحسين قدرتها على إدارة المشاريع والعمل ضمن فرق متعددة، كما تعلمت كيف تتحلى بالمرونة وتواجه التحديات بفعالية، وهو ما ينعكس بشكل مباشر على طريقتها في إدارة الأمور العمليه والحياتية.
كما أضافت تجربة العمل التطوعي بعداً إنسانيا لحياتها فهمت من خلالها أهمية العطاء والتفاني في خدمة الآخرين، وكيف يمكن للقيم الإنسانية أن تعزز من النجاح بصفه عامه.
تهدف الدكتورة إخلاص السندي إلى توسيع أهدف نطاق جهودها في خدمة المجتمع، من خلال تعزيز الوعي الصحي والجيني بين الناس، وخاصة في المجتمعات الأقل حظاً، هذا يشمل تنظيم ورش عمل ومحاضرات تثقيفية تساعد على فهم أفضل لأهمية العلوم الجينية في حياتنا اليومية.
كما أكدت أن العلاقات المهنية مهمة جداً في المجالات الطبية والعلمية، كحضور المؤتمرات، والتفاعل مع المهنيين في المجال، وتكوين شبكة اتصالات مع الأقران والخبراء سيفتح أبواباً للفرص الجديدة والتعاون الممكن، إضافة إلى المرونة والابتكار والاستعداد الدائم لتبني أساليب جديدة وتقنيات جديدة، فالقدرة على التكيف والابتكار تعد من الصفات الأساسية للشخص الناجح.
وسيقام الملتقى البحثي للصحة النفسية بإدارة الدكتورة إخلاص السندي في الخامس عشر من أكتوبر في BMC وسيجمع هذا الملتقى بين الباحثين والمختصين في الرعاية الصحية والطلاب لمناقشة الحلول المبتكرة واستكشافها لتطوير الصحة النفسية.
اقرأ أيضاً: ريوف الرميح رائدة أعمال سعودية ملهمة للشباب السعودي