في زمنٍ تتداخل فيه التحديات وتتشابك فيه الملفات السياسية والأمنية، لا تزال المملكة العربية السعودية ثابتة في موقفها تجاه أحد أكثر الملفات حساسية في العالم العربي، مؤكدة أن السلام العادل والشامل لن يُكتب له النجاح ما لم يكن منطلقه الاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني وإقامة دولته المستقلة. ومن قاعة اجتماعات جامعة الدول العربية في القاهرة، حملت المملكة رسالتها الواضحة: لا أمن في المنطقة من دون فلسطين حرة.
التحرك السعودي: موقف مبدئي لا يتغير
خلال مشاركته في الدورة الـ 163 لمجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري، التي عُقدت في العاصمة المصرية، ألقى نائب وزير الخارجية السعودي، المهندس وليد الخريجي، كلمة باسم وزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان. ولم تكن الكلمة السعودية مجرد تعبير دبلوماسي تقليدي، بل أكدت بما لا يدع مجالاً للشك أن القضية الفلسطينية لا تزال أولوية سعودية، وأن المملكة لن تقبل بأي حلول تُفرض على الفلسطينيين ولا تلبي تطلعاتهم المشروعة في تقرير المصير.
وفي كلمته، أشار الخريجي إلى أن الرياض ترى في السلام خياراً استراتيجياً لا مفر منه لتحقيق الاستقرار في الشرق الأوسط. لكن هذا السلام، كما أوضح، لا يمكن أن يكون على حساب حقوق الشعب الفلسطيني، بل يجب أن يقوم على أساس قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية، التي تنص على إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود 1967، تكون القدس الشرقية عاصمتها.
رفض التهجير والحلول المفروضة
وضمن مواقفها الثابتة، شددت السعودية على رفضها المطلق لأي محاولات تهدف إلى تهجير الفلسطينيين من أراضيهم أو فرض حلول تتنافى مع إرادتهم. وجاء هذا التأكيد في سياق تصاعد الانتهاكات الإسرائيلية في الأراضي المحتلة، لاسيما في قطاع غزة، حيث تواصل آلة الحرب الإسرائيلية ارتكاب الانتهاكات بحق المدنيين.
وفي هذا الصدد، طالب الخريجي بضرورة احترام القانون الدولي ووقف الجرائم الإسرائيلية، إلى جانب التأكيد على أهمية استدامة وقف إطلاق النار في القطاع، لضمان الحد الأدنى من الأمن والكرامة للمدنيين الفلسطينيين حسب تعبيره.
دعم إقليمي ودولي لحل الدولتين
لم تكتف السعودية بإعلان مواقفها، بل أكدت أنها تسعى لتفعيل جهودها بشكل عملي، من خلال تعاونها المستمر مع الدول الشريكة والصديقة ضمن ما يُعرف بـ«التحالف الدولي لتنفيذ حل الدولتين».
وفي ختام كلمته، شدد نائب وزير الخارجية السعودي على أهمية التنسيق العربي المشترك، ليس فقط بما يتعلق بالقضية الفلسطينية، بل في مجمل القضايا التي تواجه المنطقة. وأكد أن تعزيز التعاون بين الدول العربية على المستويات كافة هو السبيل لمجابهة التحديات الراهنة، وتوحيد الجهود من أجل بناء مستقبل أكثر استقراراً وازدهاراً.
وعبّر وزراء الخارجية العرب عن مواقفهم الثابتة والداعمة للقضية الفلسطينية، مؤكدين على ضرورة إقامة دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، ورفضهم للانتهاكات الإسرائيلية المستمرة.
اقرأ أيضاً: «دولة فلسطينية في السعودية» والعرب: أمن المملكة خط أحمر!
ومن جانبه، ندد أحمد أبو الغيط، الأمين العام للجامعة العربية، باستمرار القتل والحصار والتجويع في غزة، وقال إن ما يجري تطهير عرقي معلن، منتقداً ما وصفه بالصمت المخزي للمجتمع الدولي على ما يحدث. وأشار إلى أن القمة العربية الطارئة بشأن فلسطين التي عُقدت بالقاهرة في 4 مارس/آذار الماضي قدمت طرحاً بديلاً واقعياً وقابلاً للتطبيق يشمل التعافي المبكر وإعادة الإعمار وإدارة غزة.
التحالف الدولي لتنفيذ حل الدولتين
يشار أنه في سياق الجهود الدولية الرامية إلى حل القضية الفلسطينية، أعلن وزير الخارجية السعودي، الأمير فيصل بن فرحان، عن إطلاق «التحالف الدولي لتنفيذ حل الدولتين» خلال اجتماع وزاري عُقد على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك قبل حوالي عام. ويهدف هذا التحالف إلى تعزيز الجهود الدولية لإقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، وفقاً لمبادرة السلام العربية وقرارات الشرعية الدولية.
وحينها، أكد الوزير السعودي أن تنفيذ حل الدولتين هو السبيل الأمثل لتحقيق السلام والاستقرار في المنطقة، داعياً الدول العربية والإسلامية والشركاء الأوروبيين إلى الانضمام إلى هذه المبادرة. وأشار إلى أن التحالف يسعى إلى كسر الجمود السياسي الحالي، وتوفير دعم دولي ملموس للفلسطينيين في سعيهم نحو إقامة دولتهم المستقلة.