في زمن تتسارع فيه الأحداث وتتعاظم التحديات، تبرز المملكة العربية السعودية كركيزة ثابتة في مساعي تحقيق السلام وتعزيز الاستقرار على المستويين الإقليمي والدولي، ومن قلب العُلا، أكدت المملكة مجدداً التزامها الراسخ بدعم الحقوق المشروعة للشعوب، وفي مقدمتها حق الشعب الفلسطيني في استعادة أرضه وإقامة دولته المستقلة.
وفي التفاصيل، أعربت المملكة العربية السعودية عن أملها في أن يسهم اتفاق وقف إطلاق النار في غزة في إنهاء المعاناة الإنسانية والصراع الذي استنزف المنطقة لعقود، وجددت المملكة تأكيدها على أهمية إيجاد حل شامل وعادل يُمكّن الشعب الفلسطيني من تحقيق حقوقه المشروعة، بما في ذلك إقامة دولته المستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
هذه الرؤية تمثلت في كلمات ولي العهد الأمير محمد بن سلمان خلال ترؤسه جلسة مجلس الوزراء التي انعقدت في العُلا، واطّلع المجلس خلال الجلسة على تفاصيل الاتصال الهاتفي الذي أجراه ولي العهد مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، حيث تناول الطرفان العلاقات الثنائية وسبل تطويرها في مختلف المجالات بما يعزز التعاون المشترك.
كما أكد مجلس الوزراء على خطوات المملكة لتعزيز الشراكات الدولية، مشيراً إلى تأسيس مجلس الشراكة الاستراتيجية مع سنغافورة وانعقاد الاجتماع الأول لمجلس التنسيق السعودي التايلندي، فيما تأتي هذه التحركات ضمن استراتيجية المملكة لبناء جسور تواصل متينة مع مختلف دول العالم ودعم المصالح المشتركة.
اقرأ أيضاً: السعودية تشيد بالهدنة ووقف إطلاق النار في غزة
وعلى صعيد السياسة الداخلية والدولية، تطرق مجلس الوزراء إلى مستجدات الأحداث على الساحتين الإقليمية والدولية، مشيداً بجهود السعودية في استضافة عدد من المؤتمرات الدولية التي تعكس ريادتها العالمية.
وكان من أبرز هذه الفعاليات مؤتمر ومعرض الحج، الذي استعرض مبادرات المملكة الرامية إلى تسهيل أداء المناسك للمسلمين من مختلف أنحاء العالم، وتضمنت تلك المبادرات استقبال أكثر من 18 مليون حاج ومعتمر في عام 2024، مع التركيز على تحسين جودة الخدمات المقدمة لهم بما يليق بضيوف الرحمن.
كما ألقى المجلس الضوء على مؤتمر التعدين الدولي، الذي شهد توقيع أكثر من 126 اتفاقية ومذكرة تفاهم بقيمة تجاوزت 107 مليارات ريال، ويُتوقع أن تسهم هذه الإنجازات في دفع عجلة نمو قطاع التعدين محلياً وعالمياً وتعزيز مكانة المملكة كمركز عالمي لهذا القطاع الحيوي.
من جهة أخرى، استعرض المجلس أداء القطاعات الحيوية في المملكة، مثنياً على ما حققه القطاع الزراعي من نسب اكتفاء ذاتي مرتفعة، وما سجله قطاع المياه من إنجازات لافتة تدعم استراتيجيات الأمن الغذائي والمائي.
وفي إطار تعزيز التعاون الدولي، فوّض مجلس الوزراء عدداً من الوزراء للتباحث حول مذكرات تفاهم واتفاقيات تعاون مع دول متعددة، وشملت هذه الاتفاقيات مجالات متنوعة مثل الرياضة، الدفاع المدني، المحميات الطبيعية، الصحة الافتراضية، والمجالات المحاسبية والرقابية، كما شملت المباحثات مجالات الملكية الفكرية، الشؤون الإسلامية، والإذاعة والتلفزيون، في إطار رؤية المملكة لتعزيز الشراكات الدولية.
اقرأ أيضاً: السعودية تدين حرق مستشفى كمال عدوان في غزة
وأقرّ المجلس مجموعة من السياسات والقرارات الجديدة، من بينها السياسة الوطنية للقضاء على العمل الجبري، واعتماد الحسابات الختامية لعدد من المؤسسات الحكومية، كما ناقش المجلس تقارير سنوية لوزارات وهيئات مختلفة، واتخذ الإجراءات اللازمة بشأنها.
هذا وكانت قد عبَّرت المملكة العربية السعودية عن ترحيبها بالإعلان عن وقف إطلاق النار في قطاع غزة، الذي من المقرر أن يبدأ تنفيذه مع مطلع الأسبوع المقبل، وأشادت المملكة بالجهود التي بذلتها كل من قطر ومصر والولايات المتحدة للوصول إلى هذا الاتفاق، معربة عن أملها بأن يشكل خطوة نحو إنهاء العدوان الإسرائيلي المتواصل على الشعب الفلسطيني.
وفي بيان صادر عن وزارة الخارجية السعودية، أكدت المملكة على أهمية الالتزام الكامل بشروط الاتفاق، مشددة على ضرورة إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للقطاع وبقية الأراضي الفلسطينية والعربية، والعمل على إعادة النازحين إلى ديارهم التي هُجروا منها.
كما أعربت المملكة عن أملها في أن يمثل الاتفاق بداية لإنهاء المعاناة الطويلة التي يعيشها سكان قطاع غزة، حيث تجاوز عدد الضحايا خلال العدوان الإسرائيلي 45 ألف شهيد، بالإضافة إلى إصابة أكثر من 100 ألف شخص بجروح متفاوتة، مشدّدةً على أهمية استثمار هذا الاتفاق لتعزيز الجهود الدولية الرامية إلى تحقيق سلام شامل ومستدام في المنطقة.