إلى قلب القارة السمراء، إثيوبيا، خطت المملكة العربية السعودية خطوةً واثقةً تنبض بروح التحدي نحو شراكة جديدة تفتح أفقاً جديداً من التعاون الاقتصادي.
الخطوة السعودية هذه أنتجت مجلس أعمال سعودي – إثيوبي، وكما يبدو، فإن المجلس الجديد ليس مجرد كيان مشترك، بل هو جسر يمتد بين ثقافتين عريقتين، ليخلق مناخاً استثمارياً خصباً تُروى فيه طموحات الشركاء من الجانبين.
وفي التفاصيل، فقد أعلنت المملكة العربية السعودية وجمهورية إثيوبيا مؤخراً عن إنشاء مجلس أعمال سعودي – إثيوبي مشترك، يهدف إلى تعزيز التعاون الاقتصادي بين البلدين.
ووُقعت الاتفاقية على هامش ملتقى الأعمال السعودي – الإثيوبي الذي انعقد في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، بحضور رئيس اتحاد الغرف السعودية حسن بن معجب الحويزي، وعدد من الوزراء والمسؤولين من كلا الجانبين، بالإضافة إلى أكثر من 250 مستثمراً وممثلين عن القطاعات الحكومية والخاصة.
اقرأ أيضاً: السعودية ومصر تعززان علاقتهما الثنائية بمواجهة التحديات
يلعب المجلس دوراً محورياً في دعم الصادرات السعودية إلى إثيوبيا، وذلك من خلال تفعيل الشراكات التجارية في مجالات مختلفة مثل الزراعة، والصناعات المعدنية، والبتروكيماويات، والصناعات الغذائية، والسياحة، والعقارات.
وأوضح رئيس المجلس السعودي الإثيوبي عبد الله العجمي أن إثيوبيا تُعد سوقاً واعداً للاستثمار نظراً لبيئتها الخصبة والمحفزة للأعمال، مشيراً إلى أن المجلس سيعمل على مضاعفة العوائد الاقتصادية من خلال تعزيز التعاون بين مجتمعات الأعمال في البلدين.
وخلال الجولة في إثيوبيا، قام وفد الأعمال السعودي بزيارات ميدانية إلى مواقع اقتصادية هامة في إثيوبيا، بما في ذلك المنطقة الصناعية الشرقية، ومشروع مدينة تشاكا، ومجمعات إنتاج الأعلاف وصناعة القهوة.
وهذه الزيارات تهدف إلى استكشاف الفرص الاستثمارية المتاحة وتوطيد العلاقات مع الشركات الإثيوبية، ما يعزز من فرص التعاون المستقبلي.
يأتي إنشاء هذا المجلس في إطار الجهود المستمرة لتعزيز العلاقات التجارية والاقتصادية بين المملكة وإثيوبيا، والتي تُعد من أكبر الأسواق الاقتصادية في أفريقيا.
اقرأ أيضًا: فهد الناصر يؤكد متانة العلاقات الرياضية الكويتية – السعودية
بالإضافة إلى ذلك، يُنظر إلى تأسيس هذا المجلس على أنه خطوة استراتيجية نحو توسيع نطاق العلاقات الاقتصادية بين المملكة وأفريقيا، وخاصة في ظل التوجهات السعودية لتعزيز وجودها الاقتصادي في القارة السمراء.
فيما تعكس هذه الخطوة أيضاً رؤية المملكة 2030 نحو تنويع مصادر الاقتصاد الوطني من خلال استكشاف أسواق جديدة وتعزيز العلاقات مع شركاء جدد.
وعلى مدى العامين الماضيين 2022 و2023، بلغ إجمالي حجم التبادل التجاري بين السعودية وإثيوبيا حوالي 1.236 مليار دولار أمريكي.
في العام 2022، بلغت الصادرات السعودية إلى إثيوبيا 423 مليون دولار، والصادرات الإثيوبية إلى السعودية 190 مليون دولار، بإجمالي 613 مليون دولار.
وفي عام 2023، بلغت الصادرات السعودية إلى إثيوبيا 433 مليون دولار، والصادرات الإثيوبية إلى السعودية 190 مليون دولار، بإجمالي تبادل سنوي قدره 623 مليون دولار.
وبتحليل البيانات السابقة، يظهر أن التبادل التجاري بين البلدين شهد زيادة بحوالي 10 مليون دولار خلال العامين السابقين، حيث استقرت الصادرات الإثيوبية بينما ازدادت الصادرات السعودية بنسبة طفيفة.
وهذا ما يعكس وجود إمكانيات كبيرة لتعزيز هذا التعاون بشكل أكبر، لكن على الرغم من الإمكانات الكبيرة، هنالك تحديات عدة تعيق تنمية التبادل التجاري بين البلدين.
ومن أبرز هذه التحديات، ضعف البنية التحتية واللوجستية في إثيوبيا، بالإضافة إلى عدم وجود أنظمة مالية متطورة تسهل التعاملات التجارية، كما تواجه الاستثمارات السعودية في إثيوبيا عقبات مثل القوانين والإجراءات البيروقراطية التي قد تعرقل عمليات الاستثمار.
على أيّة حال، إنّ تأسيس مجلس الأعمال السعودي – الإثيوبي هو نقطة علّام مهمة بتاريخ البلدين، وهو بمثابة منصة أولى لنقلات نوعية وكبرى في قادم الأيام؛ نقلات تحمل معها فرصاً جديدة للتعاون المشترك، سواء في المشاريع الكبيرة أو الصغيرة.